مناطحة الثيران.. رياضة عمانية تجذب السياح والزوار إلى مختلف ولايات السلطنة

مسقط - الرؤية

مناطحة أو مصارعة الثيران رياضة مألوفة في السلطنة ‏وعدد من دول الخليج العربي، كما عرفت في إسبانيا والبرتغال وبعض دول أمريكا الجنوبية، وهي عبارة عن مواجهة بين "الماتادور" والثور في حلبة، على مرأى ومسمع من الجمهور الذي يستمتع بصراع بين ذكاء ومكر الإنسان، وقوة الحيوان.

وانتشرت هذه الرياضة في بقاع العالم واخذت طريقها إلى دول الخليج لاسيما سلطنة عمان واشتهرت فيها واصبحت تجمع كبار السن والشباب في يوم الحسم الكبير بطابع مختلف عن طابع الدول الاجنبية حيث أن المنافسة في عمان تكون بين ثورين وليس بين ماتادور وثور.

ولهذه الرياضة أصول وثوابت وشروط وضوابط يقول عنها خلفان بن مبارك البلوشي، رئيس لجنة تحكيم صراع الثيران بمنطقة الباطنة العمانية: إن الثيران في عمان تنقسم إلى ثلاثة أنواع، الثيران العمانية وتوجد في المناطق الشمالية والوسطي من السلطنة، والثيران الظفارية في محافظة ظفار، والثيران البحرية، وهي الثيران ذات الأصول الأجنبية المستوردة من الخارج وكل نوع له ميزات خاصة وفي ولاية المصنعة يأتي الكثير من الناس من المحافظات المجاورة لمشاهدة المباريات وبيع وشراء الثيران الفائزة. ويصل احيانا سعر الثور الواحد إلى 2500دولار.

وتجرى مباريات صراع الثيران في ولايات صحار وشناص وصحم ولوى بالتناوب كل أسبوعين، والهدف منها تسلية المشاهدين واشراك اكبر عدد من الثيران مايصل تقريبا إلى 30إلى 35ثوراً وبينما ينسحب الثور المهزوم من المنافسة، ينتظر الثور المنتصر لملاقاة منافس آخر وفي نهاية الصراع يبقى الثور الفائز في وسط الحلبة، وفي تلك اللحظة يحق له أن يحتفل مع مالكه بالنصر الغالي ومع أن الثور الفائز لايحصل على جائزة رسمية، إلا أن ثمنه يزيد بعد كل فوز وتتراوح أسعار ثيران الصراع ما بين 500الى 2000 ريال عماني ولا تخل المباريات من مراهنات بين أصحاب الثيران.

وعند التوجه إلى حلبة مصارعة الثيران يمكن أن تلاحظ ثيران بائسة تحاول التخلص من الحبال التي تشدها، وتصدر خواءً حزينا، بينما تشاهد في ناحية أخرى ثورين متحفزين يحفران الأرض بأظلافهما في تحد استعداداً للصراع وتزيد هذه المشاهد إثارة الجمهور الذي يتابع الصراع بحماس ويحرص ملاك الثيران على سلامة ثيرانهم وعدم تعرض ثيرانهم للأذى، مع أن النسخة العمانية من مصارعة الثيران لاتراق فيها قطرة دم واحدة، بعكس المصارعة الأسبانية.

ويتابع الجمهور الصراع بشغف شديد ومتعة لاتقدر بثمن أما الثيران فتنتظر لحظة المنازلة، ومن اشتراطاتها عدم مناطحة ثور الآخر أقل منه وزنا ‏ ‏وامكانية وسنا وان يكون الثور من الفصيلة نفسها لضمان الحياد ويحضر الثوران الى ‏ ‏الحوطة التي تكون قطعة الارض مربعة تتراوح مساحتها بين 500 إلى 1000 متر مربع ويتراوح اللقاء ما بين خمس و10 دقائق واحيانا يمتد الى نصف ساعة ومع تراجع او ‏ ‏هروب إحدهما تتم الحماية من فرقة الكوماندوز وهم الحاجزون بهدف عدم ايذاء احدهما ‏ ‏الاخر وعندما يبدأ الصراع، تشتبك وتتدافع بقرونها، فترتفع صيحات التشجيع من أصحاب الثيران والمشاهدين. وتزداد الإثارة مع ارتفاع حدة الصياح وتصاعد الغبار وحرارة الجو وحماسة الثيران.

وتستمر المعركة إلى أن يجبر أحد الثورين على التراجع وأحيانا يكون التراجع مذلا، حيث يركض الثور المهزوم بسرعة، جالبا العار على نفسه وعلى صاحبه. وفي هذه الحالة يعلن عن فوز الثور الآخر وهنا لاتسع الفرحة صاحبه لأنه أصبح يملك ثورا "حائز على جائزة".

وتجتذب هذه الرياضة المواطنين العمانيين والمقيمين والسياح ولها قواعد وشروط ‏ ‏مثل معظم الرياضات كالقدم والسلة والتنس والسباحة وركوب الخيل والعاب القوى ومناطحة الثيران في سلطنة عمان ليست مثل الالعاب الرياضة الأخرى المشهورة التي ‏ ‏يكتسب من ورائها المال والشهرة والمجد وانما يجني صاحب الثور الفائز شهرة وسمعة ‏ ‏في حال فوز ثوره إضافة إلى ارتفاع قيمة الثور الفائز والاستمتاع بروح اللعبة فقط ولا ينظر الى مناطحة الثيران بكثير من الغرابة في سلطنة عمان لأنها تعد من ‏الرياضات والهوايات التي اشتهرت بها ولايات ساحل الباطنة الواقعة على خليج عمان ‏ ‏منذ زمن قديم حيث يبذل القائمون على استمرار هذه اللعبة جهودا حثيثة من اجل ‏ ‏الحفاظ عليها واستمرارها وخلق جو من المنافسة بين ملاك ثيران المناطحة ويعتقد ان هذه الرياضة نشأت منذ استأنس سكان ولايات الباطنة القدامى الثيران ‏ ‏وسخروها لحراثة حقولهم وري مزروعاتهم بسحب المياه من الابار بواسطة الزاجرة التي ‏ ‏تديرها الثيران ومن هنا نشأت هذه الرياضة.

وتعد ولايات بركاء والمصنعة والسويق والخابورة من اكثر ولايات سلطنة عمان جذبا ‏ ‏لهذه الرياضة ‏ومن أبرز القواعد التي سنها القائمون على هذه الرياضة وجود لجنة تحكيم ‏برئاسة العقيد ويقصد به رئيس هذه اللجنة، ومهمة لجنة التحكيم ليس مراقبة المباراة بين الثورين وإنما أيضا اختيار ‏الطرفين للنزال وكذلك المقارنة بين امكانياتهما وكل ذلك يتم عبر معايير دقيقة ‏ ‏للغاية.

ويقول عقيد المناطحة بمنطقة الباطنة خلفان بن مبارك البلوشي ان دوره يتمثل في اختيار الحاجزين (القبيضة) من المحايدين للفصل بين ‏ ‏الثيران في الحلبة وذلك لضمان نزاهة المباراة وقبول مشاركة الثيران الجدد والفصل ‏ ‏في المنازعات بين اصحاب الثيران اضافة الى اصدار العقوبات بحق مالكي بعض الثيران ‏ ‏والنظر في الشكاوي التي تقدم ضد الحاجزين وأن هناك جملة من الشروط التي يجب أن تطبق على الثيران المشاركة ‏ ‏في المناطحة أهمها أن يكون عمر الثور بين سنتين إلى ثلاث سنوات وألا تكون قرون ‏ ‏الثور حادة مبينا أنه لا يحق لمالك الثور الانسحاب بعد دخول ثوره الحلبة أو الانسحاب قبل المواجهة مادام أعطى موافقته المسبقة وفي حالة قبول أي ثور جديد ‏‏للمشاركة فان أول جولة يخوضها تكون أمام ثور العقيد.

وأضاف أن إعداد الثيران للمناطحة يتطلب تدريبا جيدا ويبدأ منذ ولادتها ‏ ‏بالرعاية والاهتمام وكذلك اتباع برنامج محدد للاكل والراحة والتنظيف المستمر ‏ ‏وتخصيص مكان معين لها بعيدا عن الحيوانات الاخرى وتبلغ كلفة الاعتناء بالثور الواحد شهريا الى مائتي ريال عماني ‏ ‏من خلال توفير البرسيم والاسماك المجففة والسمن والتمر والشعير والحليب الذي يظل غذاء للثور لمدة 40 يوما بعد مولده واوضح انه عندما يبلغ سن الثور ستة اشهر يتم تدريبه على النطح تمهيدا للمشاركة ‏ ‏من خلال منازلة الثيران التي هي في سنه مضيفا انه كلما ابدى الثور جسارة في ‏ ‏المناطحة اغدق عليه صاحبه العناية والاهتمام .

وقد خصصت الحكومة العمانية في السنوات الماضية حلبات في العديد من ولايات ‏ ‏السلطنة لمناطحة الثيران تحتوي على مدرجات للمشاهدين من اشهرها حلبة ولاية بركاء وولاية صحار وترسخت تلك الرياضة وتجاوزت حدود ولايات الباطنة الى خارج السلطنة وقد عادت رياضة مناطحة الثيران منذ عشر سنوات بقوة الى الحلبة بعد ان ‏‏كادت تنقرض إثر تحول أصحاب المزارع منذ قرابة 30 سنة إلى استخدام الآلات الحديثة ‏‏في الزراعة وهو ما قلل الاهتمام بالثيران عمليا.



تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة