مسقط- الرؤية
أُطلق مؤخرًا مشروع «تحديد الأثر الاقتصادي لإصابات حوادث المرور والإعاقات والوفيات على الأفراد والأسر في سلطنة عمان» ضمن المشاريع البحثية الاستراتيجية الممولة من المنحة السامية، ويُعد الأول من نوعه من حيث النطاق والمنهجية، ويهدف إلى حساب التكلفة الاقتصادية والاجتماعية لإصابات حوادث المرور والإعاقات والوفيات على الأفراد والأسر والدولة.
تقود المشروع جامعة السلطان قابوس، ويشرف عليه فريق بحثي متعدد التخصصات من الخبراء الوطنيين والدوليين. وترأس المشروع الدكتورة أميرة العامرية، الإحصائية وخبيرة علوم البيانات في جامعة السلطان قابوس، ويشارك في قيادته المقدم الركن الدكتور سيف الرمضاني من شرطة عمان السلطانية، مدير المكتب التنفيذي للجنة الوطنية للسلامة على الطرق، إلى جانب الدكتور إسلام بن أحمد البلوشي، الخبير في مجال السلامة على الطرق والباحث الأول في أكاديمية البيانات.
ويحظى الفريق بدعم علمي من الدكتور عبد الله المنيري، كبير مستشاري الصحة العامة في وزارة الصحة، والأستاذ الدكتور سابو س. بادماداس، الخبير في تقييم الأثر وأستاذ علم السكان والصحة الدولية في جامعة ساوثهامبتون بالمملكة المتحدة. كما يضم الفريق الأساسي من جامعة السلطان قابوس الدكتور أحمد الهادي، الخبير الاقتصادي، والأستاذ الدكتور محمد العزري، المتخصص في الصحة العامة وطب الأسرة، والدكتورة أصيلة الحارثية، الخبيرة في تحليل المخاطر، إلى جانب الباحثة المساعدة إيمينا مكيتش.
ويأتي تنفيذ المشروع في ظل العبء الكبير – وغالبًا غير المرئي – الذي تفرضه الإصابات والإعاقات والوفيات الناجمة عن حوادث المرور، حيث تؤدي هذه الأحداث إلى اضطراب سبل العيش لدى الأسر، وفقدان الدخل أو انخفاضه، وما يترتب على ذلك من ضغوط مالية قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل، إضافة إلى انخفاض جودة الحياة. وعلى المستوى الوطني، تؤثر حوادث المرور في الإنتاجية والاستقرار والنمو الاقتصادي والقدرة العامة للمجتمع على الازدهار.
وعلى الرغم من هذا التأثير، لا يزال الحجم الحقيقي والتكلفة الاقتصادية لإصابات المرور غير مفهومة بصورة كاملة. وتشير البيانات الصادرة عن هيئة الخدمات المالية إلى أن التعويضات المدفوعة لضحايا حوادث المرور خلال عام 2024 بلغت 21.1 مليون ريال عماني، في حين تشير التقديرات إلى أن التكاليف الإجمالية، بما في ذلك أضرار المركبات والممتلكات والنفقات الأخرى ذات الصلة، قد تتجاوز 100 مليون ريال عماني، وهي تكاليف لا تمثل سوى جزء من الأثر الاقتصادي الحقيقي لحوادث الطرق في سلطنة عمان.
ويهدف المشروع إلى معالجة هذه الفجوة في الأدلة والبيانات من خلال تقييم شامل للأثر الاقتصادي والاجتماعي لنتائج الإصابات المرورية، والإجابة عن سؤال محوري يتمثل في: كم تبلغ تكلفة الإصابات والإعاقات والوفيات الناجمة عن حوادث المرور على الأسر العمانية والدولة؟ ويعتمد المشروع على التحقق من صحة البيانات من مصادر متعددة لجعل التكاليف غير المحسوبة مرئية وقابلة للقياس وقابلة للتنفيذ.
ويُنفَّذ المشروع بالتعاون مع عدد من المؤسسات الحكومية ذات العلاقة، تشمل شرطة عمان السلطانية، ووزارة التنمية الاجتماعية، ووزارة الصحة، والمركز الوطني للإحصاء والمعلومات، وهيئة الخدمات المالية، وهيئة الدفاع المدني والإسعاف، وشركة تنمية نفط عمان. كما يدعم المشروع أولويات البحث الاستراتيجية لجامعة السلطان قابوس، ويتوافق مع مستهدفات رؤية عمان 2040 نحو مجتمع صحي خالٍ من المخاطر الصحية، ومع الرؤية العالمية لـعقد من العمل من أجل السلامة على الطرق 2021–2030.
وسيعمل البحث على حساب التكاليف المباشرة وغير المباشرة لحوادث المرور، والضغوط المالية الواقعة على الأسر، واحتياجات الرعاية والحماية، وفجوات التأمين والتعويض، وخسائر الإنتاجية، وتأثيرات التوظيف، بما يوفر قاعدة أدلة علمية داعمة لصنّاع السياسات ومتخذي القرار.
وانطلق المشروع رسميًا من خلال حلقة عمل افتتاحية عُقدت خلال الفترة من 8 إلى 11 سبتمبر 2025، ركزت على استقطاب جهات المصلحة الرئيسيين ذات العلاقة، وأسهمت في رسم خرائط موارد البيانات المتاحة، وتحسين تصميم الدراسة وأدوات جمع البيانات، وتحديد المسارات ذات الأثر الاجتماعي، وأولويات السياسات التي تخدم الأسر والمجتمع والدولة.
كما عُقدت حلقة العمل الثانية لتعزيز القدرات خلال الفترة من 28 ديسمبر 2025 إلى 1 يناير 2026، وركزت على مسارات جمع البيانات، واعتبارات أخلاقيات البحث الأدبية، والتدريب العملي للباحثين الميدانيين، واختُتمت بتنفيذ دراسة تجريبية لاختبار الاستبانة الخاصة بمسح الأسر المعيشية TRACE (تتبع تكاليف وآثار حوادث المرور).
ومن المقرر أن تبدأ عملية جمع البيانات من خلال مسح TRACE في الأسبوع الأول من يناير 2026، حيث سيُنفَّذ المسح في جميع محافظات سلطنة عمان، بتنسيق مشترك بين جامعة السلطان قابوس ووزارة التنمية الاجتماعية وشرطة عمان السلطانية. ومن المتوقع نشر النتائج الأولية للدراسة بحلول عام 2027.


