برنامج السفراء الشباب.. قراءة في الأصوات التي تمثل عمان في المستقبل

كتب الاستطلاع: إسماعيل بن حمد الكندي
تعد مشاركة الشباب في مجالات الحوار و صناعة القرار عنصراً أساسياً في المرحلة الحالية ، و يأتي برنامج السفراء الشباب بوصفه إحدى أهم المنصات الوطنية المخصصة في إعداد و تعزيز مهارات الشباب العماني في مجالات الدبلوماسية و الحوار وصنع القرار .  
ويواصل البرنامج ، عبر نسخه المتتالية ، تقديم تجربة عملية تسهم في تنمية وعي المشاركين و تعزيز الفهم لآليات العمل الدبلوماسي المعاصر ضمن أطر عملية منظمة .  
وفي سبيل تقييم هذه التجربة ، ورصد اثرها على المشاركين ، أجريت سلسلة من المقابلات مع نخبة من السفراء الشباب في النسخة الاخيرة من البرنامج ، من بينهم الحاصل على لقب أفضل سفير شاب لعام 2025 "إياد بن مؤمن الهنائي".   
وقد اوضح أن التجربة فاقت توقعاته مؤكداُ "هذه التجربة كانت مختلفة عن توقعاتي؛ فهي لا تقوم على التنافس بقدر ما تركز على الحوار والعمل الجماعي لصنع القرار."   
كما شملت المقابلات مجموعة من السفراء الشباب الذين شاركوا في هذه التجربة .  
 
ملامح السفراء الشباب : من هم سفراء التجربة ؟  
شارك في برنامج السفراء الشباب مجموعة من الشباب و أبرزهم إياد الهنائي خريج كلية الحقوق من جامعة السلطان قابوس و العامل في السلك القانوني وقد حاز على جائزة افضل سفير شاب في البرنامج بتصويت المشاركين ، كما شارك يحيى المفرجي خريج كلية الحقوق من جامعة السلطان قابوس و يعمل اليوم في السلك القانوني . 
 و انضم اليهم اياد المحروقي طالب الحقوق بجامعة السلطان قابوس ، فيما حضرت شهد الكلبانية خريجة القانون من جامعة البريمي التي لها تجارب عدة في المناظرات . 
ويتقدم المجموعة ايضاً عدنان العمري لينقل تجربة معلم اللغة الانجليزية من داخل قاعات الدبلوماسية ، وهاجر السلطية خريجة ادارة وثائق من كلية الآداب بجامعة السلطان قابوس ، و أخيراً يكمل الصورة عبدالله الخروصي طالب التاريخ بكلية الآداب و العلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس والذي وجد البرنامج فرصة لربط اهتمامته الاكاديمية بواقع الحوارات العالمية. 
يمثل هؤلاء الشباب نموذجاً متنوعاً من الخلفيات و الاهتمامات و التخصصات ، كما يجمعهم هدف واحد وهو تمثيل سلطنة عُمان بصورة مهنية تعكس قدرات الشباب في المحافل الدولية  
 
 
 
 
-    خطوات نحو الدبلوماسية : قصص ملهمة من برنامج السفراء الشباب  
 
جاء الإنضمام الى برنامج السفراء الشباب في سياق يعكس إهتمام المشاركين بتنمية المعرفة في مجال الحوار وصناعة القرار حيث عرض كل ممثل تجربته من منظور مهني يرتبط بالمسؤوليات الموكلة اليه .  
كما يكشف لنا ممثل جمهورية البانيا "اياد الهنائي" أن مشاركته الحالية جاءت بعد ثلاث محاولات متتالية ، ما يعكس إصراره على الالتحاق بالبرنامج ، و أشار الهنائي أن معرفته السابقة بالدولة التي يمثلها محدودة معلقاً "بسبب مشاهدتي لكرة القدم" ، الا ان ذلك دفعه الى اجراء بحث موسع حول جمهورية ألبانيا ودورها ؛ مما مكنه من تقديم موقف يعكس طبيعة دولة نامية تسعى الى بناء جسور التواصل مع الدول المتأثرة بالأزمات و الدول الكبرى .  
 
ويصف عبدالله الخروصي ممثل الاتحاد الروسي تجربته "بأنها اشبه بالعبور الى قاعة مجلس الأمن القومي في نيويورك" ،وأفاد بأن أبرز التحديات التي واجهها تمثلت في عمليات التفاوض و صناعة القرار ، نظراً لما تتطلبه من موازنة بين مصالح متعددة و إعتبارات سياسية دقيقة .   
 
وفي تجربة شهد الكلبانية ممثلة جمهورية الدنمارك ، أكدت أن مشاركتها كانت خطوة مخطط لها ضمن أهدافها التطويرية ، و أن البرنامج وفر بيئة عملية تتجاوز الجانب المعرفي لتشمل التفاعل مع مجموعة من المشاركين ذوي الاهتمامات المشتركة . وأضافت الكلبانية أن ختام البرنامج كان أصعب اللحظات لأرتباطها بالدور الذي قامت به طوال فترة المحاكاة . 
 
ومن جانبها أشارت هاجر السلطية ممثلة جمهورية باكستان ،إلى أن البرنامج شكّل فرصة أتاحت لها الإطلاع بشكل موسع على تقارير و خطابات الدولة التي تمثلها ، بالإضافة الى دراسة هيكلها الحكومي ، ووصفت السلطية تجربتها كتحدٍ تطلب إستعداداً و مسؤولية خلال جميع المراحل  
 
أما إياد المحروقي ، ممثل جمهورية بلغاريا ، فتناول مشاركته من جانب التطور المعرفي الذي إكتسبه موضحاً أن التجربة كانت أعمق مما توقع ، و أنه تعرف من خلالها آليات تشكيل التحالفات و إتخاذ القرار ضمن السياق الدبلوماسي الذي يتطلب وضوحاً في المواقف و احتراماً للموازنة القائمة .  
وفي السياق ذاته ذكر ممثل جمهورية المانيا الاتحادية يحيى المفرجي أن مشاركته جائت بدعم محيطه الإجتماعي ، و أن البرنامج وفر محاكاة واقعية لظروف العمل الدبلوماسي من حيث النقاشات ، وتضارب المصالح ، و إدارة التحالفات ، وهي العناصر التي اعتبرها الأكثر تحدياً خلال تجربته  
 
وأخيراً ، تناول ممثل دولة الكويت ،عدنان العمري تجربته من زاوية الدور الوطني ، إذ اوضح أن مشاركته إنطلقت من رغبة في تمثيل الشباب العُماني بصورة مشرفة ، وأضاف أن التحدي الأساسي في تمثيل دولة الكويت الشقيقة يكمن في المحافظة على هويته الوطنية ، مشيراً أن في العمل الدبلوماسي هنالك عنصرين مهمين "الإصغاء و دقة إنتقاء المفردات ".  
 
-    أثر البرنامج على مستقبل سلطنة عمان : عبر أعين السفراء الشباب.  
تتفق آراء المشاركين السبعة في برنامج السفراء الشباب على أن البرنامج يمثل منصة تصنع قادة المستقبل ، فقد أكد إياد الهنائي أن البرنامج هو افضل استغلال لهذه الطاقات التي ستصبح في الغد شخصيات قيادية تحتاجها سلطنة عمان مضيفاً  "عُمان 2040 تستحق ان يكون شابها واعي وواعد و فاهم وقائد". 
 
ومن جانبها وترى هاجر السلطية ممثلة جمهورية باكستان أن القيمة الحقيقية للبرنامج تكمن في استثمار القدرات الشابة ، وتؤكد السلطية بأن للشباب حضور قوي في صناعة القرارات الدولية و الوطنية في المستقبل نظراً لما رأته من مهارات في مخرجات برنامج السفراء الشباب . 
 و في السياق ذاته  قدم ممثل دولة الكويت عدنان العمري رؤية  مقاربة معتبراً أن البرنامج مساحة لبناء القدرات القيادية ، مضيفاُ " هو مصنع لإنتاج قادة في جميع المجالات. إنه يُعيد أمجاد الماضي ويُحقق رؤية مستقبلٍ مشرق" . 
 
ومن جانبه ركز إياد المحروقي ممثل جمهورية بلغاريا ، على الدور المهاري للبرنامج ؛ معتبراً أن القيمة الأبرز تكمن في تنمية مهارات التفاوض ، و الأتيكيت الدولي ، و التعاون . وشارك يحيى المفرجي ممثل جمهورية المانيا الاتحادية الرأي نفسه موضحاً أن البرنامج يعزز مهارات الدبلوماسية  مضيفاً "أتيقّن بأن الحلول التي سوف يتم استحداثها من هذه الفئة ستكون مبتكرة وأكثر فعالية، ومرتكزة على مصالح مشتركة مجتمعية دون النظر للسياسة والتاريخ الدولي".  
 
ومن زاويته رأى ممثل الاتحاد الروسي عبدالله الخروصي أن القيمة  المحورية للبرنامج تتمثل في الاقتراب من الدبلوماسية العمانية ومعرفة كيف يسير العمل في الامم المتحدة  ، مشيراً الى ان دور الشباب حاضر في القرارات الدولية مؤكداً ذلك  
"لقد أولت الأمم المتحدة إهتمام بالشباب و مشاركتهم في مؤتمرات سنوية تقام في مقرها ، لتطوير مهاراتهم الدبلوماسية ، لتهيأتهم تهيئة عملية و فكرية تواكب عمل النظام الدولي ، و هذا البرنامج الذي يقام بالتعاون مع معهد الأمم المتحدة للتدريب و الأبحاث ، ما هو إلا دليل على الرؤية الدولية التي تهدف إلى تمكين الشباب من إمساك زمام القرار العالمي في المستقبل."   
وأخيراً ترى شهد الكلبانية ممثلة جمهورية الدنمارك ان قوة البرنامج تكمن في تنوع الخلفيات الثقافية و الأكاديمية للمشاركين ، وما ينتج عنه من تكامل معرفي و فرص للتعلم ، مؤكدة قناعتها بقدرة الشباب على التأثير مشيرة  "أن المجال السياسي لا يغلب الشباب" . 
 
 
-    دور المؤسسات التعليمية في بناء الوعي الدبلوماسي.  
 
في سياق الحديث عن تمكين الشباب وتنمية مهاراتهم و رفع مستوى الوعي السياسي لديهم ، يبرز دور المؤسسات التعليمية بإعتبارها عنصراً أساسياً  في إعداد جيل قادر على ممارسة الدبلوماسية الحديثه. وفي هذا الإطار أكد ممثل جمهورية البانيا إياد الهنائي مشيراً الى ان المؤسسات التعليمية تشكل القاعدة الاولى لترسيخ الوعي الدبلوماسي ، وتسهم بدورها في إعداد شباب يمتلكون القدرة على الحوار والتفاعل مع القضايا الدولية بصورة مسؤولة. 
 
ولتعزيز هذا الدور دعت هاجر السلطية ممثلة جمهورية باكستان المؤسسات التعليمية الى إشراك الطلبة في مساحات صنع القرار وبناء الثقة بقدراتهم. ووافقها الرأي عدنان العمري ممثل دولة الكويت مؤكداً الحاجة الى تمكين صوت الشباب ، بقوله " اننا بحاجة لصوت الشباب " داعياً الجامعات الى تفعيل الأندية ، و البرامج القائمة على المحاكاة السياسية ، بإعتبارها أدوات عملية لإعادة الطلبة الى جوهر العمل الدبلوماسي.  
 
وفي السياق ذاته أشار إياد المحروقي ممثل جمهورية بلغاريا ، الى الدور المحوري الذي تؤديه المدارس في بناء الوعي الدبلوماسي في المراحل المبكره ، مؤكداً أهمية نقل المفاهيم الدبلوماسية من الإطار المظري الى التطبيق العملي ، بقوله  
"يجب على المؤسسات التعليمية أن تنقل الدبلوماسية من الكتب إلى التجربة، ومن النظريات إلى محاكاة الحياة، وتمنح الطلاب فرصًا للجدال البنّاء، وصناعة التحالفات و القرار".  
 
 ومن جانبه، دعا عبدالله الخروصي ، ممثل الاتحاد الروسي المؤسسات التعليمية الى تقديم هذه التجارب بصيغ مبسطه و مناسبة للمراحل المختلفة ،بما يسهم في تعزيز الوعي السياسي لدى الطلبة.  
 
 وأختتم يحيى المفرجي، ممثل جمهورية المانيا الاتحادية، بالتأكيد على أهمية تشجيع الطلبة على المشاركة في مثل هذه البرامج ، لما لها دور في صقل شخصياتهم و تعزيز مهاراتهم ، معتبراً أن هذا النوع من الإعداد لا يقل أهمية من التأهيل المهني في المراحل اللاحقة .   
 
 
 تكشف تجارب السفراء الشباب ان البرنامج يشكل منصة تطوير فعلية ، ولم يكن مجرد تجربة عابرة ، إذ أتاح للشباب فرصة عملية لأختبار قدراتهم و تعميق وعيهم بحجم المسؤوليات المرتبطة بدورهم المستقبلي في صناعة القرار  
وقد مكنت هذه التجربة الشباب من الخروج عن الأطر التقليدية وتقييم إمكاناتهم في مواقف تحاكي واقع العمل الدبلوماسي ، بوصفهم أطرافاً فاعلة في بناء القرار وليسوا مجرد مراقبين .  
وفي هذا السياق أكد إياد الهنائي أفضل سفير شاب ، في رسالته للشباب "أقول في داخلي انهم جميعهم مميزين و كل واحد لديه رسالة خاصة بأمكانه ان يوصلها، وأن الشباب العماني يستحق التمكين و يستحق الفرصة .".   
 
 
 

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة

z