جلالة السلطان في "قمة المنامة"

 

مدرين المكتومية

منذ أن تواترت الأنباء الرسمية عن مُشاركة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- في أعمال القمة الخليجية السادسة والأربعين التي تنعقد اليوم الأربعاء في العاصمة البحرينية المنامة، والتحليلات السياسية لم تتوقف، نظرًا لأنَّها المرة الأولى التي يشارك فيها جلالة السلطان- أيده الله- منذ تولي مقاليد الحكم في عام 2020، كما إنها المرة الأولى لمُشاركة سلطان عُمان في أعمال القمة منذ عام 2011.

وهذه المشاركة تعكس مدى الأهمية الاستراتيجية للقمة الراهنة، والتي تنعقد في أعقاب تحولات عميقة شهدتها منطقتنا خلال السنوات القليلة الماضية، لا سيما بعد حرب الإبادة الجماعية في غزة، والاعتداءات العسكرية الخارجية على دولة قطر الشقيقة. فقد شهدت منطقة الشرق الأوسط تغيرات جذرية منذ أن اجتاحت المنطقة رياح الفوضى والقلاقل والاضطرابات، ما تسبب في تغير حاد في المشهد الإقليمي. ورغم أن دولنا الخليجية كانت في منأى عن تلك الاضطرابات، إلّا أن تداعيات المشهد أثرت بطرق غير مباشرة؛ سواء فيما يتعلق بتنامي التوترات الجيوسياسية أو الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية التي ألقت بظلالها على بلداننا.

غير أنَّ حصافة وحكمة قادة دول الخليج- حفظهم الله- أسهمت بالدرجة الأولى في امتصاص الصدمات وتخفيف حدة التداعيات التي توالت على المنطقة، وواصلت دول الخليج مسيرتها نحو مزيد من الشراكة والتكامل على المستويات الاقتصادية والدبلوماسية والسياسية والاجتماعية والرياضية والثقافية، وغيرها من مجالات التعاون البيني.

وعلى مدى القمم الخليجية الماضية، مثّل الحضور العُماني قوة فاعلة في صياغة سياسات المنطقة، انطلاقًا من الدور التاريخي لسلطنة عُمان، بعُمقها الجيوسياسي والحضاري، وظلّت عُمان سندًا وظهيرًا داعمًا لاستمرار منظومة التعاون الخليجية، كقوة إقليمية موحدة في مُواجهة المطامع الخارجية والتحديات التي تُحيط بنا من كل صوب.

ولذلك عندما نُحلل مشاركة عاهل البلاد المُفدى- أيده الله- في أعمال القمة الخليجية اليوم، فإننا ننطلق من محورية الدور العُماني، الذي لم يتأثر بمستوى التمثيل الدبلوماسي، غير أن الحضور السامي يُضفي جلالة ومهابة سلطانية، لطالما نحن العُمانيين نفخرُ بها ونسعد بالإطلالة السامية؛ حيث إنَّ الكاريزما الشخصية لجلالة السلطان المعظم- نصره الله- تنشر هالة مهيبة من الوقار والسمو، وتعكس أسمى مظاهر الحكمة والفكر السديد، فضلًا عن أنها النموذج الأساس للسمت العُماني بكل ما يحمله من عُمق حضاري وثقافي ومعرفي.

ولقد لفت انتباهي خلال مشاركتي هذه الأيام في تغطية أعمال القمة بالمنامة، مدى الترحيب والحفاوة البالغة بالمقدم السامي، والسعادة الغامرة التي نقرأها على مُحيا الجميع، من مسؤولين وإعلاميين ومواطنين بحرينيين، بعدما علموا بخبر مشاركة جلالة السلطان في أعمال القمة، ما يعكس قدر المحبة والتقدير الذي يُكنه الشعب البحريني، وكذلك شعوب الخليج قاطبة، للمقام السامي لجلالة سلطاننا المعظم- أيده الله.

ولذلك لا يخالطني شكٌ بأن مخرجات القمة ستعكس مستوى الحضور بين القادة، وستطرح رؤى ومبادرات من شأنها أن تُعزز التكامل بين دول مجلس التعاون في جميع المجالات، لا سيما فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية وتدعيم أركان الاستقرار الإقليمي وصون أمن دول المجلس، وتأكيد الحرص على ترسيخ السلام والتعايش في منطقة الشرق الأوسط.

وأخيرًا.. إننا أمام مشهد سياسي مُغاير آخذ في التشكُّل، ويستند في جوهره على قيم مجلس التعاون الخليجي المبارك، والذي أسسه قادتنا الأفذاذ من أجل يكون حائط صد بوجه التحديات التي تعصف بالعالم والمنطقة، وكل أبناء الخليج على يقين بأنَّ قادتنا- أيدهم الله- لن يدخروا جُهدًا من أجل إعلاء مصالح شعبوهم وتحقيق تطلعاتهم نحو غدٍ أكثر إشراقًا.

الأكثر قراءة

z