حمد الناصري
انتشر خبر فاجعة حادثة العتكية بولاية العامرات، التي راحت ضحيتها أسرة كاملة، عزاها الكثيرون إلى أخطاء جهات خدمية رغم تنصل الأخيرة من ذلك، وهذه الحالة قد تتكرر إن لم نقم بإعادة بوصلة الهدف، وهو الرفع من قيمة المواطنة لدى الجهات الخدمية، وتكرار مثل هذه الحوادث لا يُقرّبنا إلى العيش الكريم، الذي هو حق المواطنة المكفول بالنظام الأساسي للدولة.
وقد تزداد هذه الأخطاء وتتراكم؛ بل وقد تكون مؤشرًا على ضعف التنمية؛ فتوفير خدمة الكهرباء حق وأمان اجتماعي. والحادثة تتلخص في أن ربّ أسرة مُسرّح من عمله، استعان بمولِّد كهربائي لتوليد الطاقة، نتيجة لانقطاع التيار الكهربائي عنه، وتسبب هذا المولِّد في انبعاث غاز أول أكسيد الكربون، ما أدى إلى وفاة جميع أفراد الأسرة. نعم، ماتوا جميعًا اختناقًا بانبعاث هذا الغاز السام.
ومن منطلق هذه الحادثة، نرى أن تُعيد المؤسسات الخدمية النظر بأقصى السرعة في إعادة التشريعات والقوانين المنظمة للخدمة العامة من كهرباء ومياه، وعدم اللجوء إلى قطعها قطعًا مباشرًا عن المواطن في منزله، دون قرار صادر من القضاء؛ فالكهرباء والمياه من الخدمات الأساسية المستحقة، وهي أهم خدمات الأمن الاجتماعي.
كما علينا إعادة النظر في تسعيرة الكهرباء والمياه، ومراجعة تشريعات وقوانين الخدمات العامة، ودراسة الحالات المُعسرة والمُسرَّحة من أعمالها من قبل وزارة التنمية الاجتماعية، وتقديم تقرير كامل وشامل إلى المحكمة، وعليه فإن المحكمة سوف تقرر إيقاف الخدمة من عدمه.
وعلينا أن نستلهم من تلك الحقوق المشروعة قولًا مأثورًا عن السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه "الرحمة فوق القانون"، ويعني به أن أسس الحياة الآمنة مكفولة لكل مواطن، وأن تغييب الرحمة عن القانون يسلب حق الأمان الاجتماعي والنفسي؛ فالكرامة تعني الطمأنينة، وأن قطع خدمات أساسية "عمل، سكن، كهرباء، ماء" ليست منّة من أحد، وهي خدمات حيوية مكفولة بأمان العيش الكريم.
الخلاصة.. وتأكيدًا للخطاب الشهير للسلطان قابوس في 1973 أثناء افتتاح مجمع الوزارات، مؤسسة الخدمة العامة للمواطن: "إن المواطن العُماني هو المقصود بالعيش الكريم، على تُراب أرضه مرفوع الرأس موفور الكرامة في ظل العدالة الاجتماعية المنبثقة من التعاليم الإسلامية السمحاء". وخطاب السلطان قابوس كان بمثابة توجيه مباشر ودائم من أب رحيم لشعبه إلى مؤسسات الخدمة العامة، وتأكيدًا على أن المواطن هو حجر الزاوية وهو الهدف الأساسي للتنمية، في ظل عدالة اجتماعية مستمدة من تعاليم الإسلام وقيم العيش الكريم.
