كيف تُفهم المرأة؟

 

 

وداد الإسطنبولي

أهداني أحدهم كتابًا، وجلستُ أتأمل عنوانه مليًا. سرحتُ فيه، وشرد ذهني كليًا معه. والأغرب أنني لم أفكر بتصفّح صفحاته، ربما لأنَّ العنوان شدّني إلى آفاق كثيرة؛ وجدت فيه قصتي المكثفة، وروايتي المفصلة، وقصيدتي الشجية الغنّاء.

أنظر إلى العنوان، وأبدأ في سرد خيوطي، أرتب مساحتي الطويلة التي تبدأ من قلبٍ ينبض بالحنان إلى حياةٍ تُعاش.

فصولي عميقة، لأنَّ كل السطور فيها ظلّ امرأة؛ تخفي بين ملامحها أنثى لا أكتب عنها موضوعًا، بل أكشف ذاتها الإنسانية.

فكرتي أرصدها وأخفي معانيها، فهناك خبايا لا تكتمل، لأنها كالفصول تتغير وتتحول بتغيّر الزمان والمكان، ومع هذا يظل جوهرها ثابتًا.

يبحث العطاء والذات عن توازنهما، فهي قوية تصنع كل شيء، وضعيفة تحرك أيضًا كل شيء، وهنا المفارقة، وإلى ذلك الامتداد الذي يحضن الاستقرار.

تبسمتُ، وخُيّل إليّ أنَّ المرأة ليست أمرًا يمكن أن يُكتب بسهولة أو يُحصر في صفحات.

فها أنا حيرى في الإجابة عن نفسي، عن ذلك التوازن بين الروح والعقل، وبين العطاء والذات.

ففي كل قلبٍ أنثوي فصلٌ جديد، ونسخةٌ مختلفة من الفهم في كل امرأة.

"فكيف تفهم المرأة؟"

سؤالٌ تأمليّ عميق، وتصريحٌ بأنَّ فهمها ليس أمرًا يمكن أن يُكتب.

وهنا غمرني فضولٌ شديد لفتح الكتاب، فوجدته صفحاتٍ بيضاء خالية من الحروف، أقلبها وكأن هذا البياض يعكس حياءها أو صمتها، وكأنها تقول لي: "ابدئي أنتِ الكتابة، إن استطعتِ".

نحن نحمل حكاية؛ وكل حكاية عُمر من التجارب؛ من أراد فهمنا؛ فليصغ إلينا بعقلٍ وقلبٍ.

الأكثر قراءة