أحمد السلماني
لم يأتِ مدرب مُنتخبنا الوطني الأول لكرة القدم جديدًا في حديثه التلفزيوني مع الإعلامي المُميز أحمد الكعبي. كل ما فعله هو أنَّه تحدث بصوتٍ عالٍ وبنبرةٍ صريحة قد يراها البعض قاسية، لكنها في حقيقتها ليست سوى صدى لما يتداوله الوسط الرياضي منذ سنوات طويلة. وما قاله لم يكن مفاجئًا؛ بل واقعًا نعرفه جميعًا، وهو لا يضع كيروش وحده في دائرة المسؤولية، ولا يمنع في الوقت نفسه تقييم استمرار مسيرته مع المنتخب من عدمه.
ولست هنا بصدد تعداد المعضلات المزمنة التي عاشتها كرة القدم العُمانية وما زالت تعيشها، فهي معروفة وواضحة. فالمؤسسات الرسمية، واتحاد الكرة، والأندية، جميعها تتحمل مسؤولية الإخفاق في التأهل ووضع الكرة العُمانية اليوم، وليس كيروش الذي جاء قبل أربعة أشهر فقط وطُلب منه أن يقود منتخبنا إلى قائمة أفضل 48 منتخبًا في العالم.
الرجل تحدث عن الدوري والمسابقات وثقافة ويوميات اللاعب العُماني، والحقيقة أننا لو امتلكنا ثلاثة عوامل مفقودة، أولها الإرادة الحقيقية للحضور العالمي، وثانيها الإدارة الفاعلة التي تُعتبر أصل مشكلات الكرة العُمانية، وثالثها الاستثمار الصحيح في القاعدة الكروية.
فوضى إدارية تعصف باتحاد الكرة والأندية التي تُهمل الفئات السنية لحساب الفريق الأول، فيما جمدت أندية أخرى أنشطتها لأنها- ببساطة- "تقحص الحصى". أما الفرق الأهلية، فقد سحبت البساط من تحت الأندية رغم محدودية إمكاناتها وعدم حصولها على أي دعم. يضاف إلى ذلك العشوائية في ظاهرة الأكاديميات، وعدم توجيه المال نحو الجوانب الفنية، إذ يذهب أغلبه إلى المصروفات الإدارية والشكليات، سواء في الأندية أو المنتخبات.
وإذا تساءلنا: لماذا فشلت كل منتخباتنا؟ فالجواب واضح؛ لأنَّ العمل لم يكن صحيحًا منذ سنوات طويلة. آخر جيل أسعدنا هو ما يسمى بـ"الجيل الذهبي" مع تحفظي على هذا اللقب، وهو نتاج عملٍ ممنهج بُني على مشروع منتخبات الناشئين في التسعينيات، وخرج منه فريق نافس آسيويًا وحقق أول كأس خليج لعُمان، ثم توقف كل شيء.
اليوم، نحتاج إلى مشروع وطني حقيقي لبناء منتخبات المستقبل يمتد لثماني سنوات على الأقل، بخطة واضحة واستمرارية مضمونة، ليأتي منتخب يتأهل بثقة إلى كأس آسيا وكأس العالم دون المرور بعذاب الملاحق. وعلى كيروش والميمني والعزاني أن يجلسوا لوضع خطة عمل عاجلة للأربع سنوات القادمة تضمن حضورًا ثابتًا لكل منتخباتنا في النهائيات القارية، ريثما يجهز "منتخب المستقبل".
وما التجربة المغربية عنَّا ببعيد!
