فايزة بنت سويلم الكلبانية
"إنّ بناء اقتصاد متنوع ومستدام يتطلب بيئة تشريعية واستثمارية محفزة قادرة على جذب رؤوس الأموال وتعزيز دور القطاع الخاص"، من التوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه.
تمضي سلطنة عُمان في عام 2025 بخطى واثقة نحو ترسيخ مكانتها كوجهة استثمارية رائدة على المستويين الإقليمي والدولي، مدفوعةً برؤية قيادية طموحة وتطورات تشريعية واقتصادية مستمرة تهدف إلى تعزيز جاذبية بيئة الأعمال ورفع تصنيف سلطنة عُمان في مؤشرات التنافسية العالمية.
فخلال السنوات الأخيرة، واصلت الجهات المعنية تنفيذ حزمة من التعديلات التنظيمية والإجرائية التي أسهمت في تبسيط رحلة المستثمر، وتسهيل تأسيس المشروعات، وتعزيز الثقة في الاقتصاد الوطني. ويُعد قانون استثمار رأس المال الأجنبي نقطة تحول محورية؛ إذ مكّن المستثمرين الأجانب من التملك الكامل للمشروعات في معظم القطاعات، وألغى القيود السابقة على رأس المال، في حين ساهمت قوانين الشراكة بين القطاعين العام والخاص والتخصيص في جذب استثمارات نوعية إلى مشاريع البنية الأساسية والطاقة والخدمات اللوجستية.
كما أولت الحكومة اهتمامًا خاصًا بتهيئة بيئة تشريعية مستقرة وحوافز اقتصادية محفزة، من خلال خفض الرسوم وتبسيط الإجراءات الحكومية، إلى جانب منح إعفاءات ضريبية طويلة الأمد في المناطق الاقتصادية والمناطق الحرة مثل الدقم وصلالة وصحار والمزيونة. هذه الحوافز عززت تنافسية سلطنة عُمان في المنطقة، ورفعت من ثقة المستثمرين العالميين الذين يبحثون عن بيئات آمنة ومستقرة لمشروعاتهم.
وفي إطار التحول الرقمي، أطلقت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار منصة "عُمان للأعمال" كمنظومة إلكترونية موحدة تختصر الوقت والجهد أمام المستثمرين عبر تقديم عشرات الخدمات الحكومية في نافذة واحدة. وقد ساهمت المنصة في تعزيز تصنيف سلطنة عُمان ضمن أفضل الدول في سهولة ممارسة الأعمال بفضل قدرتها على إصدار التراخيص الفورية وتقديم الموافقات إلكترونيًا دون الحاجة إلى الحضور الشخصي، مما جعل تأسيس الشركات يتم خلال وقت قياسي وبإجراءات شفافة وواضحة، بالرغم من وجود بعض التحديات إلى أن فرق العمل بالمنصة تسعى جاهدة لحل التحديات سريعًا.
أما على المستوى اللوجستي، فقد شهدت سلطنة عُمان طفرة نوعية في تطوير الموانئ والمناطق الحرة، إذ بات ميناء الدقم نموذجًا متقدمًا في الربط التجاري والبحري العالمي، بما يمتاز به من موقع استراتيجي يربط بين ثلاث قارات، كما تعززت مكانة موانئ صلالة وصحار والمزيونة كمراكز اقتصادية نشطة تجذب استثمارات صناعية وخدمية متنوعة، وإلى جانب ذلك، تواصل الحكومة الاستثمار في شبكات الطرق والطاقة والاتصالات؛ حيث أسهمت شبكات الجيل الخامس (5G) والأنظمة الذكية في دعم التحول إلى اقتصاد رقمي متكامل.
وتُعد مرونة سوق العمل واستقرار الأوضاع السياسية والاجتماعية من أبرز عوامل الجذب للمستثمرين في عُمان، فقد حافظت سلطنة عُمان على بيئة آمنة وشفافة، مع تطوير مستمر للكوادر الوطنية المؤهلة من خلال برامج التدريب والتأهيل المتخصصة، التي توازن بين متطلبات التعمين واحتياجات القطاعات الحيوية من الخبرات الفنية والإدارية.
ورغم الجهود المبذولة من حيث الحوافز والتعديلات التشريعية، يبقى السؤال: ماذا ينقصنا لنصبح وجهة مفضلة للاستثمار بدل توجيه استثماراتنا للخارج في ظل التحديات الراهنة والأوضاع غير المستقرة بكثير من دول العالم؟ حان الوقت لتكثيف التسويق وجذب المستثمرين ولاسيما أولئك الذين يهربون باستثماراتهم نتيجة لعد الاستقرار بدولهم بحثًا عن فرص استثمارية جديدة بدول أخرى، وجذب المستثمرين الباحثين عن بيئات آمنة ومستقرة بعيدًا عن أوضاع عدم الاستقرار في بلدانهم، وتحويل كل هذه التعديلات والتطورات إلى استثمارات فعلية تعزز الاقتصاد الوطني.
وفي عام 2025، تتجه سلطنة عُمان نحو مرحلة جديدة من تعميق الإجراءات الاقتصادية عبر تحديث منظومة القوانين المرتبطة بالاستثمار الأجنبي والتملك العقاري، وتوسيع الامتيازات للمشروعات الكبرى ذات القيمة المضافة، إلى جانب إطلاق مبادرات مبتكرة في مجالات التحول الأخضر والطاقة المتجددة والتقنيات الحديثة.
إنّ ما تحقق من تطورات ومشروعات استراتيجية جعل من سلطنة عُمان وجهة استثمارية آمنة ومستقرة تتكامل فيها البنية الأساسية مع التشريعات الحديثة، في ظل رؤية قيادة حكيمة تدرك أهمية الانفتاح الاقتصادي والشراكات العالمية.
واليوم، ومع استمرار مسيرة التطوير والتحفيز، تفتح سلطنة عُمان أبوابها أمام المستثمرين من مختلف دول العالم، داعيةً إلى اغتنام الفرص الواعدة التي تقدمها في قطاعات الصناعة والطاقة والسياحة والخدمات اللوجستية والتقنية.
الأرض العُمانية التي جمعت بين الأصالة والانفتاح، تمضي بخطى ثابتة نحو مستقبل استثماري أكثر ازدهارًا؛ لتكون بحق واحة الثقة والاستدامة في قلب المنطقة.