آية السيابية
يليق بنا اليوم، نحن العُمانيين، أن نرفع رؤوسنا فخرًا ببنت عُمان التي رفرفت صورتها بين أشرعة أسطول الصمود، نصرة وعزّة. تلك التي نطقت بصوت حاسم وواضح: أن "لا نُريد لغزّة أن تهلك". قالتها فيما نحن نكتفي، من خلف شاشاتنا، بمتابعة تكاثر الجثث ساعة بعد أخرى، قبل أن نغلقها ونمضي في تفاصيل يوم عادي، مستنزفين ما تبقّى من إنسانيتنا في دوّامة العيش الروتيني.
يليق بعُماننا، بتاريخها الممتدّ في دعم القضايا العادلة، وبإرثها المعروف في الوساطة والسلام، أن تُبارك علناً مشاركة أُمامة اللواتية، وأن ترفع علمها إلى جانب أعلام الإنسانية التي آثرت الفعل على القول. لقد تجاوز موقفها أضعف مراتب الإيمان التي اكتفت بالتغريد والتعاطف الافتراضي، واستحضرت جوهر الحديث النبوي الشريف: "مَن رأى منكم مُنكَرًا فليُغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان."
امرأة من عُمان، أخذت من اسمها نصيب التصدّر، فتقدمت الصفوف في موقف إنسانيّ نبيل. ركبت البحر بإيمان وشجاعة وهمة، مدفوعة بعزيمة قد تُواجه الاعتقال أو الترحيل، وقد يكون أقصى من ذلك أو أدنى! لكنها لم تتراجع. سبقت أمامة اللواتية الجميع إلى تسجيل موقف تاريخيّ شجاع، وأثبتت بصوت واحد باسم كل عُماني، أنَّ غزّة شأن عُماني وقضية كل عُماني يقف فوق أرض عُمان.
وهنا، نستحضر الذاكرة البحرية العُمانية التي شهدت أن سواحل عُمان كانت على الدوام سفرًا نحو الآخر، وأنّ البحر كان سبيلنا الدائم للتواصل وإحلال السلام. وإن اتّزن الموقف الرسمي، فإنَّ الحضور الشعبي العُماني شكل شهادة عظمى على أنّ في هذا الوطن قلوبًا لا تساوم في المبدأ الإنساني. فمنذ أسابيع والعالم يتابع أسطول الصمود وهو يشقّ طريقه عبر البحر الأبيض المتوسط في محاولة لانتشال غزّة من حصارها الطويل. ارتفعت أشرعة المتطوّعين من قارات شتّى، وبلغات ولهجات مختلفة، وألوان متباينة، لكنهم جميعًا اجتمعوا على عزم إنسانيّ واحد. مفاده أن للحقّ أنصارا في كل بقاع الأرض.
أبحرت امرأة من عُمان نحو الحق، فهل آن الأوان لأن نكون جزءًا من شجاعة أمامة اللواتية؟
** كاتبة وروائية