أيها المتقاعد.. دبِّر نفسك!

 

سالم بن نجيم البادي

 

اطلعتُ على منشور على منصة "إكس" منسوب إلى إحدى الشخصيات المعروفة يشكو فيه من أحواله بعد التقاعد، وذكر في هذا المنشور أعباء الحياة ومتطلباتها، وطالب بإيجاد حلول للمتقاعدين. فتساءلتُ في نفسي: إذا كان هذا حال مسؤول معروف، فكيف هو حال صغار الموظفين المتقاعدين الذين خدم بعضهم أكثر من 35 سنة، ثم عند التقاعد خُصم مبلغ كبير من رواتبهم وبقي منها القليل الذي لا يكفي لسد حاجات الحياة الضرورية، وكانت مكافأة نهاية الخدمة زهيدة جدًا.

بعض هؤلاء المتقاعدين عليهم ديون ويعيلون عائلات كبيرة، حتى إن بعضهم لا يملكون بيوتًا خاصة بهم ويسكنون عند أقربائهم أو في بيوت مستأجرة.

وقد انتشر منذ فترة كلام كثير عن رواتب التقاعد، وتداول الناس جداول فيها الدرجات الوظيفية وقيمة المعاش لكل درجة، ففرح الناس بذلك وتداولوه على نطاق واسع، واعتقدوا أن معاشات التقاعد ستكون مجزية، لكن خاب أملهم وتبيّن أن ما تم تداوله عن تحسن رواتب التقاعد كان مجرد أوهام وتمنيات وإشاعات، وأنه لا جديد في موضوع معاشات التقاعد، بل إن أوضاعها تغيّرت إلى الأسوأ.

حتى الذين تمت ترقيتهم إلى الدرجة الأعلى وتقاعدوا قبل انقضاء خمس سنوات من تاريخ حصولهم على الترقية حُرموا من الاستفادة من هذه الترقية عند التقاعد، وفي ذلك ظلم واضح.

وظلت طريقة حساب معاش التقاعد لغزًا يصعب فك طلاسمه حتى على الموظف المختص، فضلًا عن المتقاعدين الذين لم يجدوا من يشرح لهم كيفية حساب معاش التقاعد.

وقد كثرت المطالبات بالاهتمام بالمتقاعدين ومنحهم امتيازات خاصة، وأولها النظر في زيادة معاشاتهم ومكافأة نهاية الخدمة، ومنحهم بطاقة متقاعد تُمكّن حاملها من الحصول على مزايا عديدة مثل التخفيضات في المراكز التجارية ووكالات السيارات ومراكز العلاج في الداخل، وتحمل جزء من تكاليف العلاج في الخارج، وتخفيضات في تذاكر السفر وخاصة على الطيران العُماني.

وهم يأملون أن تُتيح لهم هذه البطاقة الحصول على قروض حسنة دون النظر إلى أعمارهم، ومنح المتقاعد الذي لا يملك بيتًا مساعدة مالية تُمكِّنه من بناء أو شراء منزل خاص به. ويمكن كذلك الاستفادة من خبرة المتقاعدين بإلحاقهم بأعمال تتناسب مع قدراتهم في مؤسسات القطاعين العام والخاص، والاستفادة من أفكارهم كخبراء ومستشارين، وكذلك إشراكهم في اللجان المختلفة التي تُشكّل عادة على مستوى المحافظات والولايات.

إننا إن لم نتدارك أوضاع المتقاعدين ونحسنها، فسوف يصطفون في طابور طويل مع الباحثين عن عمل والمُسرَّحين من وظائفهم وأصحاب الدخل المحدود، وسيُقال للمتقاعد: "دبّر نفسك، دورك انتهى"، لا قدّر الله.

الأكثر قراءة