يوسف الجهضمي
في خضم الصراع العربي – الإسرائيلي، تبرز مسألة الرموز والمفاهيم كإحدى أهم أدوات التوظيف الأيديولوجي؛ فالصهيونية، منذ نشأتها في أواخر القرن التاسع عشر، اعتمدت على استغلال أسماء مقدسة ورموز دينية، في مقدمتها اسم "إسرائيل" ونجمة داود، لإضفاء شرعية تاريخية ودينية على مشروعها الاستعماري في فلسطين.
إسرائيل… نبي لا دولة
تاريخيًا، إسرائيل هو النبي يعقوب عليه السلام، أحد أنبياء الله الكرام، ومن ذريته جاء يوسف وموسى وداود وسليمان وعيسى عليهم السلام. أما بنو إسرائيل فهم أبناؤه الإثنا عشر وذريتهم الذين أرسل الله فيهم رسالاته.
لكن الكيان القائم اليوم، والذي يُطلق على نفسه اسم "دولة إسرائيل"، لا يمت بصلة إلى هذا الإرث النبوي. إنه كيان سياسي تأسّس عام 1948م بدعم القوى الاستعمارية الغربية، على حساب الشعب الفلسطيني وأرضه، وهو ما يجعل الربط بينه وبين نبي الله يعقوب عليه السلام تمويهًا تاريخيًا متعمدًا.
نجمة داود… من رمز قديم إلى شعار سياسي
الرمز المعروف بنجمة داود أو النجمة السداسية ليس له جذور موثقة في شريعة موسى أو تعاليم داود عليهما السلام؛ فقد عُرف هذا الشكل الهندسي منذ آلاف السنين في حضارات متعددة: من مصر القديمة إلى الهند وأوروبا. أما ارتباطه باليهودية فقد جاء متأخرًا، في العصور الوسطى، حين استُخدم كرمز للطائفة اليهودية في أوروبا.
ورغم عدم وجود دليل تاريخي أو ديني على أن النبي داود استخدمه بالفعل، فقد تحوّل إلى شعار مركزي على علم إسرائيل، ليُسوَّق عالميًا باعتباره رمزًا دينيًا أصيلًا، بينما هو في جوهره أداة سياسية لشرعنة كيان استعماري.
الإسلام يوضح الحقائق
- الإسلام يضع الخط الفاصل بين الحقيقة والتمويه:
- إسرائيل هو يعقوب عليه السلام، نبي الله الكريم.
- بنو إسرائيل هم ذريته الذين بُعث فيهم الأنبياء.اليهودية دين سماوي نزل على موسى عليه السلام.
- أما الصهيونية فهي حركة سياسية استعمارية، لا علاقة لها بالأنبياء إلا من باب استغلال أسمائهم ورموزهم.
استغلال الرموز… غطاء لجرائم الاحتلال
ما تمارسه الصهيونية اليوم ليس سوى هندسة رمزية تهدف إلى تغطية الواقع الاستعماري؛ فرفع نجمة داود على علم إسرائيل، وتسويق الدولة بوصفها "إرثًا لبني إسرائيل"، ليس سوى محاولة لإقناع العالم بأن الاحتلال امتداد لتاريخ الأنبياء، في حين أن الحقيقة تكشف عن كيان استيطاني توسعي، قام على التهجير، والقتل، ومصادرة الأراضي.
والربط بين "إسرائيل" النبي، و"إسرائيل" الدولة الحديثة، وبين "نجمة داود" التاريخية و"نجمة داود" الصهيونية، ليس إلّا عملية تضليل ممنهجة؛ فبينما جاء الأنبياء برسالات توحيدية تدعو للعدل والسلام، يوظّف الكيان الصهيوني هذه الرموز لتغطية جرائمه، مدعومًا من الغرب، في محاولة لشرعنة ما لا يمكن أن يُشرعن: الاحتلال.