د. عبدالله الأشعل **
شنت إسرائيل يوم الثلاثاء التاسع من سبتمبر 2025 عدوانًا على قطر بقصد اغتيال قيادات حركة المقاومة الفلسطينية "حماس"، وخاصةً الوفد المفاوض لإسرائيل؛ باعتبار الدوحة مقر المفاوضات، وباعتبار أن قطر وسيط بين حماس وإسرائيل.
وقد أدانت الولايات المتحدة العدوان في مكالمة هاتفية أجراها الرئيس ترامب مع أمير قطر وتبين أن القاعدة الأمريكية لقطر أبلغت البيت الأبيض بالهجوم الإسرائيلي على قطر وتعهد الرئيس ترامب لقطر بعدم تكرار هذا العدوان. أما الخارجية القطرية فأدانت العدوان باعتباره جريمة واعتداء على سيادة قطر وتوعدت إسرائيل بالرد على هذا العدوان.
أما دول مجلس التعاون فقد شجبت كل منها على انفراد هذا العدوان.
وقال المعلقون الأمريكيون إن عدوان إسرائيل ليس إلا موجها لحماس التي تشترك إسرائيل مع الولايات المتحدة في ضرورة القضاء عليها وقال هؤلاء المعلقون أيضاً إن الولايات المتحدة أبلغت قطر أثناء العدوان.
دوافع إسرائيل للهجوم:
قال نتنياهو إن الأجهزة الأمنية قررت منذ شهور تصفية قيادات حماس في قطر.
أما ترامب فهو يبرر لأمير قطر تواطؤه مع إسرائيل وهو يعلم أن قطر لا تستطيع وحدها أن تفعل شيئًا تجاه هذا الغدر الصهيوني كما ورد الوصف في بيان الديوان الأميري القطري. والدليل على أن أمريكا تشترك مع إسرائيل في كل جرائمها ونحن نعتقد أن ترامب يتفق مع نتنياهو في اغتيال قيادات حماس.
وتعلم أمريكا وإسرائيل جيدا أن ردود الفعل المتضامنة مع الدوحة ليست أكثر من كلام. فإسرائيل نشأت خارج القانون الدولي ومكنتها أمريكا من الإفلات من العقاب. ورغم تأكيد ترامب لأمير قطر أن هذا العمل لن يتكرر فأنا أعتقد أن الهدف الأساسي ليس إحراج أحد وإنما تصفية المقاومة. وهذه العملية كانت تهدف إلى اغتيال قيادات حماس في قطر. وإذا كانت قصرت عن اغتيال قيادات الصف الأول فإنها كانت إنذارا لهم بأن الأرض العربية في متناول إسرائيل.
وكانت العملية تهدف إلي إخراج قطر عن دور الوساطة، ولكن أصول اللعبة أن تظل الوساطة دون نية في التوصل إلي حل سياسي من جانب أمريكا وإسرائيل.
أما مخالفة هذا العمل الإسرائيلي للقانون الدولي التي لا تكترث له فهي على الأقل 3 مجالات:
المجال الأول: أن العدوان تم ضد حدود دولة قطر وانتهاك لسيادتها، فالعدوان أصلا على قطر فهذا مخالف لميثاق الأمم المتحدة. غغغغغغغغغغغغغغغغغغ
المجال الثاني: هو الهجوم على المقاومة المشروعة شرعية تفتقدها إسرائيل وقد أوضحنا بالتفصيل في مناسبة أخرى طبقات الشرعية القانونية التي تتمتع بها المقاومة.
المجال الثالث: هو ممارسة إسرائيل للقتل خارج القانون وبرعت إسرائيل في سياسة الاغتيالات وتسمية القتل العمد "Targeted Killing".
وقد أوضحنا مخالفة هذا العمل للقانون الدولي، ولكن إسرائيل مطمئنة لاتفاق ترامب مع إسرائيل؛ بل إنه أسبق في الجرائم حتى يمكن القول إن الجرائم ترتكبها أمريكا بيد إسرائيل.
ورغم الصداقة الحميمة بين قطر وأمريكا فإن ترامب لن يقف في وجه إسرائيل إذا كان العمل في مصلحتها. ويلاحظ أن إسرائيل لأول مرة تعلن في فخر عن جريمتها. وليس إبلاغ أمريكا لقطر وقت تنفيذ العملية سوى ذر للرماد في العيون. ثم أن الاعتداء على الوسيط القطري نذير بتكرار هذا العمل مع الوسيط المصري.
وهجوم إسرائيل على قطر رغم أنه مبيت، إلّا أنه كان مفاجأة لقطر التي أحرجها وأظهرها أنها لا تستطيع أن تحمى ضيوفها تماما كما حدث لهنية في إيران.
وإسرائيل رغم أنها ولدت خارج القانون كما أشرنا إلا أنها مجموعة من اللصوص الذين استولوا على فلسطين ومنطقهم إما نحن وإما هم فلما لعبت بريطانيا العظمى دورا مخادعا للعرب واشتركت مع الأمم المتحدة وإلمانيا في الخديعة كشفت ملحمة غزة سلوك الصهاينة الذين لا علاقة لهم باليهود.
ولا نستغرب توافق ترامب مع نتنياهو لأن ترامب الصهيوني الأول في العالم؛ حيث بنى الأنجلوسكسون الولايات المتحدة في أمريكا الشمالية على جثث السكان الأصليين وهذه مناسبة لمراجعة المصطلحات التي صدرها الغرب في الكتب العربية في التاريخ والجغرافيا.
وقد شرحنا من قبل تدرُّج إسرائيل من المشروع الصهيوني إلى "إسرائيل الكبرى" والصراع القادم صراع على هوية المنطقة؛ إما عربية وإما صهيونية! ولذلك فإن الاعتداء على قطر مؤشر خطير ويعنى دخول المشروع حيز التنفيذ ولذلك يجب إلا تقف قطر وحدها في الميدان فالعدوان ليس على قطر وحدها وإنما على المنطقة العربية بأسرها كما قال أمير قطر في تصريحاته الإعلامية والمطلوب الآن أن يثبت العالم العربي لأمريكا وإسرائيل أن العالم العربي موجود وهو جزء من الشرق الأوسط الكبير الذى يضم إيران وتركيا وقد مضى العرب معصوبو العينين وراء القصص الأمريكية والاساطير الاممية.
وأن الأوان أن يدافع كل عربي عن عروبة المنطقة وألا يقبل مسح الصهيونية للعروبة وأن يعلم العرب أن السلام مع اللصوص استسلام لهم وفرض لشروطهم.
ولذلك أنصح الحكام العرب بأن يجتمعوا في قمة طارئة ويتحدوا على المبادئ الآتية:
- فلسطين للفلسطينيين.
- القانون الدولي تركة المجتمع الدولي ليس من حق إسرائيل أن تعبث به.
- أن العروبة بنت المنطقة أما الصهيونية فهي مؤامرة على المنطقة وقد شرحنا في مقال سابق الفرق بين الهجمة الصهيونية الحالية والهجمات التي تعرضت لها المنطقة عبر التاريخ؛ فالصهاينة ليس لهم وطن وانما يريدون أن يخرجوا العرب من أوطانهم ويتسيَّدوا منطقة الشرق الوسط.
- التحالف بين الدول العربية والإسلامية.
- التحالف بين العرب وإيران وتركيا فهم أصحاب المنطقة والصهاينة غرباء عن المنطقة.
ولذلك لا عبرة بعبارات التضامن مع قطر وإنما لابد من اجراءات حقيقية ضد إسرائيل وتنسيقا في المصالح العربية مع أمريكا أي أنني أوصي بأن العرب يحلوا محل إسرائيل في التعاون والتنسيق مع أمريكا بدلًا من أن تظل إسرائيل شرطي المنطقة ويد أمريكا الباطشة في المنطقة؛ فالمصالح الغربية يمكن التنسيق بينها وبين المنطقة العربية وهنا يبرز دور النخب الجديدة التي تقيم علاقات عربية أوروبية أمريكية وفق قواعد جديدة تنظر إلى المستقبل والمصالح المشتركة وتتخلص من عقد الماضي الذي ذهب ولن يعود.
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا