باحث عن عمل يصرخ: وين أروح؟

 

 

 

سالم بن نجيم البادي

 

إنِّه الفراغ القاتل والملل الذي لا يُطاق، والانتظار المرُّ وخيبات الأمل المتكررة. الأيام تمرُّ ثقيلة وبطيئة، والمستقبل غامض ومجهول، والحياة رتيبة بلا جديد: لا بيت ولا سيارة ولا زواج، ولا حتى الخروج من البيت؛ فالخروج يحتاج إلى مالٍ لا أملكه، وأبي يمنحني مبلغًا زهيدًا في نهاية كل شهر، وأحتار كيف أنفقه: هل أشتري بعض الأكلات والمشروبات المفضَّلة لدي؟ أم أشتري ملابس جديدة لأرتديها وأنا ذاهب لمُقابلات الوظائف؟

لقد قيل لي إنَّ المظهر والهندام والثقة بالنفس أمور مهمة جدًا أثناء المقابلات. وبسبب كثرة المقابلات الفاشلة التي خضتها، فقدت ثقتي بنفسي، ولم أعد أرغب في التأنق، وصارت لدي عقد نفسية وخوف من تلك الرسائل التي تلاحقني بعد كل مقابلة لتخبرني بأنه تم رفض ترشيحي للوظيفة.

أرغب في الذهاب إلى الأسواق وإلى المقاهي وأريد أن ألتقي بالأصدقاء، لكن أبي يذكرني دائمًا أن السيارة تحتاج إلى وقود وهو لا يملك مالًا إضافيًا؛ وراتبه بالكاد يكفي لسد مصروفات الأسرة الضرورية. يقول لي أبي: "المشاوير غير الضرورية لا داعي لها." وأنا يقتلني الفراغ وطول البقاء في المنزل والروتين اليومي، والنوم وقضاء الوقت الطويل مع الهاتف.

أعترف بأنني أعاني من الاكتئاب والقلق، وأمر بحالات غضب في غالب أوقاتي؛ أنا عصبي المزاج، وحين أغضب أسبّ وأشتم وأتفوه بكلمات جارحة، وعادةً ما يكون غضبي لأسباب تافهة وبسيطة، ثم سرعان ما أشعر بالندم. أحسُّ أن جميع أفراد أسرتي يبتعدون عني حتى لا يثيرون غضبي. لقد ابتعدت عن الناس فلم أعد أحضر المناسبات الاجتماعية، وأتجنّب الاختلاط ربما لخوفي من سؤال: "لماذا لم تعمل بعد؟" أو "أين ذهبتم في الصيف؟" وأسئلة أخرى ومجاملات وحكايات الدوام والسفر والإجازات.

أعرف أن بعضكم قد يتهمني بالمبالغة أو بالسلبية، لكنني جربت وحاولت: عملت في شركة، فتم تسريحي بعد ثلاثة أشهر، وطفت على الوزارات وكل الجهات الحكومية، والشركات الخاصة والمولات وحتى البقالات الصغيرة أبحث عن عمل.

أكتب هذا إلَيكُم ولعل بعض أقراني من الباحثين عن عمل يعانون ما أعانيه.

هذا عتابي للجهات المسؤولة عن التوظيف، والتي لم تتمكن- حتى الآن- من توفير الوظائف لآلاف الباحثين عن عمل والمُسرَّحين من أعمالهم. وأنا هنا لا أستجدي ولا أريد استدرار العطف؛ بل أريد فرصة عمل ولو بعقدٍ مؤقت، ولا يهمني الراتب حتى لو كان 20 ريالًا؛ أريد الفرار من الفراغ والحياة الرتيبة.

أخبروني ماذا أفعل وأين أذهب؟!

الأكثر قراءة