مُزنة المسافر
جوليتا: أين راح ألبيرتو يا عمتي؟
ماتيلدا: لم يذهب إلى أي مكان، لقد طويت قلبي طيًا جيدًا ليس فيه رجعة، وأمرت بالحرمان، فليحرم هو من الحب للأبد، وأحصل أنا على الغفران، وأنزوي بعيدًا عن أيامه المعتمة، وأكون أنا لفؤادي مغرمة، مغرمة بنفسي، يا إلهي حين شعر هو بالحنين، عاد وعاد ألف مرة.
لكن مشاعري قد ذبلت وتغلفت بالجمود، ونسيت أنه كان لها عنوان قديم، وصارت عناوين الحياة هي إكسير جديد لحب آخر، وقد يأتي من هو جديد ويدخل جوف كبدي ومشاعري، ويحه ألبيرتو إن لم يسأل مجددًا، إنه بارد الأعصاب ومتبلد المشاعر، قادر على كسر كوب القهوة، وليس كسر الحواجز وفرد الأواصر.
إنه متخلفٌ في أفكاره، متعبد في كهنوت الكذبة، كان يكذب كثيرًا يا جوليتا.
لقد كذب حين قال إنه سيعود في الأوان الذي احتاجه، لقد كذب للمال وللشهرة، وللغربة المفعمة بأفكار العرافين، إنه بهلوان، ليس له عنوان على حبال الأيام.
ليس له مكان في قلبي، ليس له مكان في سردي للقصص، إنني أغني من أجل المحبين، فليتكاثروا وليتعاظموا بجانبي، إنني أغني للمستضعفين في الأرض، وللباكين من صعوبة العيش، وللناجين من قوارب يملكها صعلوك كبير.
إننا نريد الحياة، سمعتهم ألف مرة ينبهوني ألا أموت، في قصة حب ألبيرتو، من يكون هذا الصغير؟، من يكون هذا المثير للمشاكل، المتبجح غير الواصل إلى قمري المُنير.
إنه صغير، صغير.
أين كان حب الأمس يا ألبيرتو؟، لقد قلت إنك عائدٌ إلى هنا، إنك هناك بالتأكيد بين ضباب لا يُمكن أن ينقشع، بل أنت الضباب بعينه والسراب بوجهه الشاحب الذي يود أن يقابل أحلامي القديمة عنك، فلتعرف عن الأمنيات التي رسمتها بفؤاد مشتعل، إنَّ قلبي في نار الغيرة يا ألبيرتو منشغل.
هل أغار مجددًا؟، أم أنسى غيرة الأمس تلك، لقد باتت قصة منسية، محكية بلعاب جاف، إنك تقول الأكاذيب، إنك أكذوبة عظيمة، لكني أريدها في وضح نهار، وفي ليل لن يمر مرور الكرام.
تعال يا ألبيرتو لتعيش في أسطوانة عتيقة بحاجة إلى أفضل المستمعين، وصدقني هناك بداخلها ستسير في يقين، إنك تعبر وجدًا يناسب العابرين والسائرين وسط نغم حليم بشعوري ونهوضي الذي حدث في التو، بعيدًا عن سلوك المجانين الذي تجده مسليًا لي وربما للآخرين.