عُمان ولادة رياضيًا.. وعيون المدربين قاصرة!

 

 

 

د. أحمد بن علي العمري

 

كلنا جميعًا، بلا استثناء، مع المنتخب العُماني قلبًا وقالبًا، وحلمنا ومبتغانا دائمًا أن نرى الأحمر العُماني على منصات التتويج خليجيًا أو آسيويًا، وإن شاء الله عالميًا. ولكن، لماذا نخفق في معظم الأحيان؟

لأننا لم نبذل الجهد الكافي في البحث عن المواهب والطاقات الكامنة المنتشرة في سهول ووديان وجبال وصحاري السلطنة. ولهذا سنظل نصرف الأموال الطائلة دون الوصول إلى الهدف المنشود.

صحيح أن دورينا ليس بالمستوى الذي نتمناه، لكن الكفاءات والقدرات والمواهب موجودة، وهي التي تصنع الفارق. وما علينا سوى المزيد من الجهد لاكتشافها وضمها للمنتخب.

في التصفيات المؤهلة لكأس العالم، التي نسعى إليها اليوم بكل الوسائل، وقبلها كأس آسيا، عشنا مسلسلًا يمكن تلخيصه في الآتي: استعنا بالمدرب شيلافي، وبعد أن أخفق في الجولات الأولى المهمة، لجأنا إلى ابن عُمان الكابتن رشيد جابر، فحاول الرجل قدر استطاعته التعامل مع منتخب لم يكن من صنيعه، وتمكن من الوصول بنا إلى الملحق. وحينها استُبعد واستُقدم المدرب المخضرم كيروش.

أنا لست متخصصًا في الرياضة، لكنني محب لكرة القدم مثل غالبية العُمانيين. ولو كان الأمر بيدي، لطلبت من الكابتن رشيد جابر أن يواصل مهمته؛ فإن حقق الأمل، فهذا هو المبتغى، وإن لم يتأهل، فليُمنح الفرصة لتشكيل منتخب جديد يختاره بنفسه، فردًا فردًا، بحرية كاملة. فهكذا يُبنى المنتخب من الجذور، لا من منتصف الطريق ولا من نهايته. أما أن نستقدم مدربًا، فإذا أخفق استبدلناه بغيره، فإلى متى نبقى أسرى لهذه الدوامة؟

اليوم، يتولى رشيد جابر تدريب القوة الجوية العراقية، وهو نادٍ مرموق في المنطقة، وليس بعيدًا أن يُطلب منه تدريب أحد المنتخبات قريبًا، وحينها نكون قد صدرنا كفاءاتنا للآخرين بدلًا من أن نستفيد منها نحن. ومع ذلك، يبقى القرار للاتحاد المختص، وهم أدرى بالمصلحة العامة.

أرحب بالاستعانة بالكابتن القدير حمد العزاني مدربًا للشباب ومساعدًا لمدرب المنتخب الأول، وإن كنت أتمنى لو تم تعيينه مدربًا للمنتخب الأول. فنحن بعد خمسة وخمسين عامًا من النهضة، منها خمس سنوات من النهضة المتجددة، بلغنا مرحلة النضج، ولا حاجة بنا إلى الاعتماد على الخارج وإنفاق الأموال الطائلة بلا طائل. وكما يقول المثل العُماني: ما يفهم رطنته إلا ولَد بطنه.

كما أشكر الاتحاد الجديد على استمرار الكابتن بدر الميمني، اللاعب المخضرم، في تدريب المنتخب الأولمبي. والحقيقة أن كثيرين، وأنا منهم، يتمنون الاعتماد على المدربين الوطنيين، فعُمان زاخرة بالكفاءات والقدرات، وهي ولّادة ولله الحمد.

نحن الآن جميعًا مع كيروش، الذي أعلن قائمته من ثلاثين لاعبًا لمعسكر تركيا، استعدادًا للمشاركة في منافسات آسيا الوسطى، ومنها إلى التصفيات العالمية. ومع أنني لست محللًا رياضيًا، فإنني أطرح تساؤلًا جوهريًا: لماذا غاب عن التشكيل اللاعب عبدالسلام الشكيلي من نادي بهلا، وهو هداف الدوري في الموسم الماضي، وقد سجل هدفين في أول جولة من الموسم الحالي؟ أليس من حقه أن يكون ضمن القائمة؟

هل يُشترط أن يكون لاعب المنتخب من أندية بعينها، كظفار أو السيب أو النهضة أو الشباب أو النصر، كي يُستدعى للمنتخب؟!

ثم إن بعض اللاعبين الذين استُدعوا لا يعرفهم المدرب نفسه. فإن كان الأمر قائمًا على التوصية، فهذه مصيبة كبرى. فكيف نستقدم مدربًا عالميًا بآلاف الريالات ثم نفرض عليه أسماء بعينها؟! كان الأجدر أن نشكل المنتخب بأنفسنا ونوفر المال والوقت.

بل كيف يعلن المدرب تشكيلته قبل أن يُشاهد لاعبي الخابورة في مباراتهم أمام السيب، يوم الثلاثاء 19 أغسطس 2025؟ وقد حضر المباراة بنفسه لكنه كان قد أعلن التشكيلة قبلها بيوم! فهل كان حضوره شكليًا فقط؟!

إذا اكتفى المدرب بالنظر إلى أندية الصفوة وأهمل بقية الأندية، فلن نصل إلى كأس آسيا ولا كأس العالم لا مباشرة ولا عبر الملحق. فالجواهر المكنونة تحتاج إلى من ينقب عنها، ويبذل العناء لاكتشافها.

وأخيرًا.. لا ينبغي أن ننسى أن سلطاننا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- رياضي من الطراز الرفيع، وكان أول رئيس لاتحاد كرة القدم في السلطنة.

 

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.

الأكثر قراءة