أحمد السلماني
منذ اللحظة الأولى التي اعتلى فيها المدرب البرتغالي كارلوس كيروش منصة المؤتمر الصحفي الأول له مع منتخبنا الوطني، كان واضحًا من حديثه أنه يحمل مشروعًا يتجاوز حدود مباراتي الملحق القاري وكأس العرب، ليصل إلى صناعة ثقافة كروية جديدة، عنوانها الأبرز هو "الشغف".
هذا الاسم الكبير في عالم التدريب، الذي خبر ملاعب العالم شرقًا وغربًا، تحدث بواقعية وطموح عن تجربته الجديدة مع الكرة العُمانية، واضعًا أمام الجميع خريطة طريق للتأهل التاريخي الأول إلى كأس العالم.
كيروش بدأ حديثه بتأكيد أن النجاح في المرحلة المقبلة، وخاصة في مباراتي قطر والإمارات في أكتوبر ضمن الدور الرابع من التصفيات الآسيوية المؤهلة للمونديال، لا يمكن أن يتحقق إلا بتكاتف كل الأطراف: من الجهات الرسمية إلى اتحاد اللعبة، مرورًا بالأندية، وصولًا إلى الجماهير والقطاع الخاص والإعلام. وأشار إلى أن دور الأندية محوري، فهي الحاضنة الأساسية للاعبين، ومصدر جاهزيتهم الفنية والبدنية.
وتوقف المدرب عند بطولة خريف ظفار، معتبرًا أنها كانت فرصة ذهبية لمتابعة غالبية لاعبي المنتخب، وكذلك عناصر المنتخب الأولمبي، في أجواء تنافسية قوية، مما أتاح له تكوين صورة أوضح عن مستويات اللاعبين وتجانسهم. لكنه -رغم ذلك- شدد على أن العمل الفني وحده لا يكفي ما لم يكن اللاعبون والبلاد بأسرها مؤمنة بحلم الوصول إلى العالمية. في نظر كيروش، الشغف ليس كلمة إنشائية؛ بل هو وقود الإنجاز. فإذا افتقد اللاعب الرغبة والطموح والثقة في إمكانية الظهور بكأس العالم، فإن أي خطة أو تدريب ستصبح بلا جدوى. وأوضح أن مكاسب التأهل لا تُقاس فقط بالنتائج، بل بارتفاع أسهم اللاعبين في سوق الانتقالات، وفتح أبواب الاحتراف أمامهم في دوريات المنطقة والقارة والعالم. أما على مستوى الوطن، فإن كرة القدم تظل أداة فعّالة وسريعة للترويج عالميًا، فمواجهة منتخبات بحجم الأرجنتين أو البرازيل أو ألمانيا وإيطاليا -مثلًا- في كأس العالم تعني أن المليارات من المشاهدين سيبحثون عن سلطنة عُمان ويتعرفون عليها.
واختتم كيروش رؤيته بالإشارة إلى استراتيجية ممتدة حتى مونديالي 2030 و2034، تقوم على البناء المستمر والتعاون الدائم، سواء بقي هو على رأس الجهاز الفني أم جاء من يخلفه. فالهدف الأسمى هو تأسيس منظومة راسخة تؤمن بالعمل التراكمي. ووفق حواره الخاص مع الرؤية فقد لمس جدية ورغبة كبيرة لدى اتحاد الكرة ومسؤولي الرياضة في البلاد في الوصول لكأس العالم وتبني مشروعه الطموح.
ولتحقيق هذه الرؤية، فإن آلية التعاون تتطلب تفعيل الدعم الحكومي القائم عبر حملات مثل "كلنا معك"، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص لرعاية المنتخب والأندية ومسابقات الاتحاد المختلفة، إلى جانب دور الإعلام في شحذ همم الجماهير واللاعبين، ودور الأندية في توفير اللاعبين الجاهزين بدنيًا وفنيًا. أما اللاعبون، فعليهم أن يجعلوا من الشغف دافعًا، يدفعهم إلى تقديم أقصى ما لديهم من أجل أن نقول للعالم: "نحن هنا، إذن نحن موجودون".