حمود بن سعيد البطاشي
أصدرت وزارة العمل مؤخرًا قرارًا يلزم كل سجل تجاري قائم بتعيين موظف عماني براتب لا يقل عن 325 ريالاً عمانيًا، وهو قرار يأتي ضمن جهود الوزارة الرامية إلى تعزيز التعمين وخلق المزيد من فرص العمل للمواطنين، وهو هدف وطني نبيل لا يختلف عليه اثنان.
ولكن، في الوقت ذاته، فإن هذا القرار، مع كامل الاحترام والتقدير لجهود الوزارة، جاء في توقيت صعب وواقع اقتصادي معقد، يستوجب إعادة النظر أو على أقل تقدير منح مهلة زمنية مناسبة لا تقل عن ستة أشهر للتجار وأصحاب السجلات التجارية من الفئة الصغيرة، حتى يتسنى لهم ترتيب أوضاعهم بما يتماشى مع المتطلبات الجديدة دون أن يتعرضوا لخسائر جسيمة أو إجراءات تعسفية.
الكثير من أصحاب السجلات التجارية، خصوصًا تلك الفردية والصغيرة، يعانون منذ سنوات من تداعيات اقتصادية متلاحقة، من جائحة كورونا، إلى ارتفاع رسوم بعض الخدمات، وانخفاض الدخل، إضافة إلى المنافسة الشديدة في السوق. وواقع الحال أن كثيرًا من هذه السجلات بالكاد تُدار من قبل مالكها أو تُستخدم لإبقاء بعض العمالة في نطاق قانوني دون تحقيق أرباح تُذكر. بل إن عددًا من التجار، لا يتجاوز دخلهم الشهري من هذه السجلات 100 إلى 150 ريالاً عمانيًا، وهو مبلغ لا يغطي حتى التزاماتهم الشهرية من رسوم وتجديدات وإيجارات في بعض الأحيان.
فكيف يُلزم هؤلاء بتعيين موظف عماني براتب 325 ريالًا دون النظر إلى واقعهم المالي والاقتصادي؟
نحن لا نرفض التعمين، بل نؤمن به ونرى فيه ضمانًا حقيقيًا لاستقرار الوطن وكرامة المواطن، ولكننا نطالب فقط بأن تكون القرارات مدروسة من جميع الجوانب، وأن يتم التفريق بين المشاريع الكبيرة، والمتوسطة، والصغيرة جدًا، فليس من العدل أن يُطبّق نفس القرار على الجميع دون مراعاة حجم النشاط وحقيقته الفعلية.
كما أن هذا القرار، دون مهلة كافية، قد يدفع عددًا كبيرًا من أصحاب السجلات إلى الإغلاق الكلي والتخلص من العمالة، مما سينعكس سلبًا على الاقتصاد المحلي، ويزيد من نسب البطالة غير المباشرة، ويؤدي إلى خسارة الدولة للعديد من الرسوم السنوية التي كانت ترد من هذه السجلات حتى وإن كانت بمردود بسيط.
ولذلك، فإننا نرفع صوتنا مناشدين وزارة العمل الموقرة، بقيادة من نحترم ونُقدر، أن تعيد النظر في توقيت تطبيق القرار، أو أن تمنح فترة انتقالية لا تقل عن 6 أشهر، يتم فيها توعية أصحاب السجلات وتقديم حوافز لهم لتوظيف المواطنين إن أمكن، أو حتى دراسة حالاتهم كلٌ على حدة. كما يمكن التفكير في خيارات بديلة مثل:
توظيف عماني بدوام جزئي في بعض الحالات.
دمج عدد من السجلات في سجل مشترك لتقاسم راتب موظف واحد.
منح إعفاء مؤقت أو دعم حكومي جزئي للرواتب.
ختامًا، نحن نثق في حكمة الحكومة وحرصها على الجميع، ونأمل أن تجد هذه الرسالة صدى لدى المسؤولين في وزارة العمل، فليس الهدف منها الاعتراض بل التمكين المتوازن الذي لا يُنهك طرفًا لحساب آخر.
فالوطن للجميع، واستقراره وازدهاره مسؤولية مشتركة بين المواطن والحكومة.
والله من وراء القصد.