غُرباء

 

 

 

راشد بن حميد الراشدي

 

غُرباء في زمن الغدر والخيانة، غرباء بين أهلهم وإخوانهم وذويهم، غرباء في مواطن العزة والكرامة، غرباء في عالم صمت عنهم وشاح بوجهه وأنكر قضيتهم وحقهم في العيش الكريم، غرباء في مواطن الإنسانية، فلا حقوق لهم.. غرباء وهم يُبادون ويُذبحون كما تُذبح النعاج بلا ثمن، غرباء؛ ففي عيشهم مجاعة شرَّدت بهم وحصدت أرواحهم.

لا عيش لهم إلا في القبور، ولا نعيم لهم من هذه الدنيا الفانية، أطفالًا كانوا أو شيوخًا هرموا أو شبابًا تُشد بهم عزائم الرجال كلهم حُكم عليهم بالموت على يد صهيوني عاث في الأرض فسادًا وإبادة وبطشًا وتكبرًا.

إنهم أهل غزة وفلسطين الأشراف الأنقياء الأتقياء الصالحين الذين جهل العالم أجمع بحقوقهم، فلا أخوة تجمعهم بأحد ولا إنسانية يرتدوا إليها، ولا أمم تحميهم من هول ما يحدث لهم من طغيان.

غُرباء.. ولكن عند الله عظماء في جنات مكرَّمون، حموا الحمى وجابهوا أعداء الله في كل موطن، فدمروا فلولهم ودحروها حتى ضاقت بأعدائهم الأرض بما رحبت؛ فكان المجاهد بألف رجل، والصابر المحتسب بألف رجل، جاهدوا في الله حق جهاده وأدُّوا أمانتهم على أكمل وجهٍ، فإمَّا شهادة وفوز أو نصر وفلاح يكتب لهم من ربِّ العالمين.

غُرباء، ولكن فائزين في زمن غُربة الدين والأخلاق والمبادئ الإنسانية، فأُمَّتهم كُثر كغثاء السيل أموات بلا حياة.

اليوم.. استيقظ العالم وانكشفت حيل الخداع والمنكر والخبث الذي يمارسه أعداء الله منذ عقود وانكشفت حقيقة العباد جميعًا، الظالم والحقود والمؤمن والمتخاذل والعدو اللدود أمام مرأى ومسمع الجميع فلا إيمان ينفع بلا عمل ولا جهاد يقتدى به أحد.

غرباء صبروا واحتسبوا الأمر لله وحده وسيشرق الأمل بإذن الله وسينتصر الحق، طال الأمر أو قصر، فلا غالب إلا الله ولا ناصر سواه، فغزة وفلسطين كنانة الدين اليوم وأرضها موطن الشهادة والعزة والنصر.

اللهم انصر الغُرباء في غربتهم التي طالت، وأبدلهم بغُربتهم النصر والتمكين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

الأكثر قراءة