منير بن محفوظ القاسمي
في زمنٍ تسوده وسائل التواصل الاجتماعي وتتنافس فيه الظواهر الغريبة على لفت الأنظار، ظهرت دُمية لا بوبو كأحد أبرز الأمثلة على الهوس بالترندات؛ إذ لم أجد في هذه الدُمية أي قيمة استثنائية، دُمية بسيطة حظيت بشعبية مفاجئة، محولةً شبكات التواصل الاجتماعية والأسواق إلى ساحة هوس استهلاكي!
انطلقت ظاهرة دُمية اللا بوبو من مقطع فيديو بسيط؛ حيث ظهرت بأسنان بارزة وعيون واسعة وابتسامة غير متناسقة ولم يتطلب الأمر سوى ساعات قليلة ليشتعل الإنترنت بتداول الفيديو، ولتتحول الدُمية إلى رمز جديد من رموز "الترند". تهافت البعض على شرائها دون التفكير في قيمتها، مما أدى إلى نفادها من الأسواق وارتفاع أسعارها بشكل غير منطقي.
الهوس بالدُمية القبيحة يكشف جانبًا أعمق من التفاعل مع الترندات، وقد يعود ذلك إلى رغبة الفرد في الانتماء إلى موجة جماعية، أو الخوف من تفويت "اللحظة" التي يتحدث عنها الجميع، هذه الحالة تثير تساؤلات حول التأثير النفسي والاجتماعي للترندات، وكيف أن وسائل الإعلام تضخّم من قيمة أشياء بسيطة لتصبح معايير للقبول الاجتماعي.
من الناحية الاقتصادية، استفاد المصنعون والتجار بشكل كبير من هذه الظاهرة لكن في الوقت ذاته، تسبب الهوس في زيادة الهدر المالي لدى المستهلكين الذين قد يشترون الدُمية بدافع العاطفة لا الحاجة كثير منهم اكتشف لاحقًا أنها لا تحمل قيمة تتناسب مع ما دفعوا مقابلها، لتتحول إلى قطعة مهملة في ركن المنزل.
قصة اللا بوبو ليست مجرد حكاية عن دُمية؛ بل درس عن كيفية تأثير الترندات على السلوك الجماعي إذ تُظهر هذه الظاهرة الحاجة إلى تعزيز الوعي الاستهلاكي، والتأني قبل الانخراط في موجة شرائية غير مدروسة كما أنها تذكير بضرورة التفكير النقدي في كل ما يُروّج له عبر الإنترنت.
إنَّ جنون الدُمية يبرز بوضوح كيف يمكن للترندات أن تقود الناس نحو سلوكيات غير عقلانية.. وفي عالم تسيطر فيه ثقافة الترندات على كل جوانب حياتنا، يجب أن نتعلم كيف نميز بين ما هو فعلاً ذو قيمة وما هو مجرد "لا بوبو" آخر قد يزول بمجرد أن تخفت الأضواء.