مدرين المكتومية
لطالما كان الوطن هو المظلة التي نستظل بها دائمًا، والحضن الدافئ الذي يضم الجميع تحت جناحه، وعُماننا الحبيبة هي الوطن الأغلى والأسمى في هذا الكون، بقيادته الحكيمة وشعبه الوفي، بأجهزته التي تسهر على أمنه واستقراره، ونحن في الأوضاع الراهنة التي نشهدها من حولنا والمآسي التي تتكرر في أكثر من دولة عربية وغير عربية، نردد بكل صدق: اللهم لك الحمد على نعمة الأمن والأمان في وطن الأمن، وطن العطاء، وطن الاستقرار.
يكفي أننا نسير في كل شارع وحارة في أي وقت من الليل والنهار، دون أن نخشى أي طارقٍ أو عارض يعترض مسيرنا، أو يفاجئنا، ننعم في بيوتنا بالراحة والاطمئنان، بيوتنا واحات من الطمأنينة والسعادة، الكثير منا يذهب إلى وظيفته، أو مشروعه الخاص، أو مزرعته، أو عمله، أيًا كان، أبناؤنا يتلقون دروس العلم في مدارس وجامعات مُشيدة وفق أعلى المعايير، والمرضى منَّا يذهبون إلى مستشفيات ومراكز صحية يجدون فيها الرعاية والعناية اللازمتين.
الوطن هو الملاذ عندما نضيع في الأرض، حائرين لا نعلم إلى أين نولي وجهتنا وبوصلتنا، لنتأكد أن عُمان هي البقعة الأكثر سلامًا واطمئنانًا في أنحاء العالم.
قد لا يعلم البعض ولا سيما شخص مُحبط لعدم حصوله على وظيفة، أو شاب خاض غمار ريادة الأعمال فلم يحقق النجاح المأمول، أن أغلى وأثمن ما يمكن أن يحصل عليه المرء هو وطن آمن، حتى إن البعض ربما لم تكن تعجبه مقولة "أحمد ربك إنك عايش في عُمان"، مُتندرًا ربما أحيانًا، لكن كنتُ أعذره وأقول "لا يعلم.. لا يعلم". لكنهم يدركون حقيقة هذا الأمر كلما اشتدت الصراعات من حولنا، وسقطت دول وانهارت إمبراطوريات، ووجدوا شعوب الأرض بين لاجئ ومُشرّد، وقتيل ومصاب. حفظنا الله وإياكم.
اليوم، وفي خضم الحرب الشعواء الناتجة عن الاعتداء الإجرامي من دولة الاحتلال الإسرائيلي على دولة إيران، نُشاهد حجم الدمار وعدم الاستقرار الذي تعاني منه الدولتان، وكم أن الأمن والأمان الذي كان يومًا ما محل تفاخر لم يعد كذلك. وقبل ذلك شاهدنا دولًا مثل العراق وليبيا وسوريا والسودان واليمن، سقطت في منزلقات الدمار والخراب، انعدم الأمن، وتلاشى الأمان، وأصبح الشعور بالطمأنينة حلمًا يراود الجميع في هذه الدول.
المطلوب اليوم من كل مواطن ومواطنة، أن يتمسك بأرضه ووطنه، وأن يعمل بجد واجتهاد من أجل أن تظل عُمان وطنًا شامخًا، رافع الرأس، يهابه الجميع، من باب الاحترام والتقدير، ومن باب الود والمحبة. ولقد تابعت تصريحات بعض الإخوة المواطنين القادمين من إيران، وغيرهم ممن هم في طريقهم إلى أرض الوطن، كيف أن الشعب الإيراني يُبدي كل مشاعر التقدير والاحترام بمجرد أن يعلم أن هؤلاء السياح من سلطنة عُمان.
على كل مواطن ومواطنة، أن يحرص على الوفاء بحق الوطن، فالطالب في مدرسته أو جامعته يتعين عليه الجد والاجتهاد، والموظف في عمله، مطالب بالإنجاز وتحري الأمانة والدقة، على الجميع أن يرد الجميل لهذا الوطن الذي قدم له أفضل تعليم وأفضل خدمات صحية وأفضل خدمات أمنية، وفوق كل ذلك محبة وتقدير دول العالم أجمع لكل ما هو عُماني.
علينا أن نغرس في نفوس الأجيال الجديدة مشاعر حب الوطن، ليس فقط بحمل الأعلام في المناسبات والاستماع إلى الأغاني الوطنية، وهو تعبير عميق الأثر عن حب الوطن، ولكن أيضًا بالقيام بما يجب على كل فرد، من إخلاص وصدق في خدمة الوطن، بشتى الطرق. علينا أن نغرس قيم المواطنة الصالحة والهوية العُمانية الأصيلة في جميع أفراد المجتمع، وهنا يقع دور كبير على عاتق المؤسسات التربوية والتعليمية، والأندية الرياضية، والمؤسسات بمختلف تخصصاتها.
وأخيرًا.. إنَّ حب الوطن فرض عين، وواجب مُلزم، وأمانة أخلاقية ودينية، على كل مواطن ومواطنة، وإنني من خلال هذه السطور أودُ أن أهمس في أذن كل إخوتي من المواطنين والمواطنات، أن احفظوا عليكم وطنكم، وساهموا في بنائه وتعميره، وشمروا عن سواعد الجد واجتهدوا لكي تظل راية عُمان سامقة خفّاقة، لا تهاب الريح، ولا الأمواج العاتية، لأنَّ أبناءها قادرون على البذل والعطاء وصون المنجزات، كل ذلك تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه، قائدنا المُفدى الذي نمضي خلفه بكل صدق وولاء، لكي تمضي سفينة الوطن في مساراتها المرسومة نحو العُلا والسؤدد.