حمود بن علي الطوقي
شهدت مدينة أوساكا اليابانية انطلاقة مُبهرة لمعرض "إكسبو 2025"، الحدث العالمي الذي يشكل منصة رائدة للتبادل الثقافي والاقتصادي بين دول العالم. وقد لفت انتباهي وأنا أتابع حفل الافتتاح الرسمي المشاركة العُمانية المتميزة، سواء من حيث الحضور الرسمي الرفيع أو من خلال الجناح العُماني الذي يعكس هوية السلطنة وتاريخها وحضارتها المُتجددة.
حفل افتتاح جناح سلطنة عُمان في المعرض أُقيم برعاية كريمة من صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب؛ حيث شكّل حضوره تأكيدًا على حرص القيادة العُمانية على التواجد الفاعل في مثل هذه التظاهرات العالمية. وقد كان لافتًا الحضور البارز لعدد من الشخصيات الرسمية من مُختلف القطاعات، وعلى رأسهم مسؤولون من وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، والتراث والسياحةً إضافة إلى عدد من الرؤساء التنفيذيين في الشركات الحكومية، ومُمثلين عن القطاع الخاص، أبرزهم رئيس غرفة تجارة وصناعة عُمان.
في تقديري، كصحفيّ ومُراقب، أرى أن هذا الحضور المتنوع يعكس وعيًا استراتيجيًا بأهمية استثمار مثل هذه الفعاليات الكبرى كفرصة سانحة لاستكشاف آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي، ولبناء شراكات استثمارية واعدة بين السلطنة واليابان، البلد الذي يُعد من بين القوى الاقتصادية الكبرى في العالم.
ومن هذا المنطلق، فإنَّ مشاركة الرؤساء التنفيذيين للشركات الحكومية لا ينبغي أن تقتصر على الحضور الرمزي أو البروتوكولي، بل أتطلع- كغيري من المتابعين- إلى أن تُترجم هذه المشاركة إلى تحرّك فعلي من خلال زيارات ميدانية يقوم بها هؤلاء المسؤولون إلى الشركات اليابانية الرائدة، كل حسب اختصاصه ومجال عمله، بهدف استكشاف الفرص الاستثمارية والتكنولوجية التي يمكن أن تكون واعدة للسلطنة، وبما يُسهم في نقل الخبرات وتعزيز القيمة المضافة داخل الاقتصاد العُماني.
ولا يمكن إغفال البعد السياحي في هذه المشاركة العُمانية؛ إذ إن الجناح العُماني في "إكسبو أوساكا" يعكس بشكل جميل وذكي الملامح الطبيعية والثقافية التي تزخر بها السلطنة، وهو ما يمثل فرصة ثمينة للترويج للوجهات السياحية العُمانية، خصوصًا مع اقتراب موسم الخريف الذي يجذب آلاف الزوار سنويًا، لا سيما في صلالة والمناطق الجنوبية. لذا فإن تسويق موسم الخريف في أوساكا- وفي اليابان عمومًا- يعد خطوة بالغة الأهمية في استقطاب شريحة جديدة من السائحين الباحثين عن تجارب طبيعية وثقافية مختلفة، وهو ما يُمكن أن يفتح آفاقًا جديدة للتعاون في مجال السياحة بين البلدين.
وعلى مدى العشرين عامًا الماضية، بدأت السلطنة تتجه بخطى ثابتة نحو المشاركة في التظاهرات الدولية، لتبرز من خلالها قدراتها وإمكاناتها الحضارية والاقتصادية، ولا شك أن "إكسبو أوساكا" يأتي ليشكل محطة جديدة ومهمة في هذا المسار. فالسلطنة تمتلك من المقومات ما يؤهلها لأن تكون وجهة عالمية جاذبة، بدءًا من الموقع الجغرافي الاستراتيجي، مرورًا بالاستقرار السياسي، وصولًا إلى البنية الأساسية المتطورة وبيئة الاستثمار المشجعة.
ومن خلال هذا المعرض، الذي يتوقع أن يستقطب أكثر من 100 مليون زائر من مختلف أنحاء العالم، أرى أن السلطنة أمام فرصة ذهبية ليس فقط لتعريف العالم بإرثها العريق، بل أيضًا للترويج لفرصها الاقتصادية والاستثمارية والسياحية، وعرض قصص النجاح التي تحققها في مختلف المجالات، خصوصًا تلك التي تستند إلى رؤية "عُمان 2040".
ختامًا.. كل الشكر والتقدير للجنة المنظمة لهذا الحدث العالمي، ولجميع القائمين على المشاركة العُمانية، على ما بذلوه من جهود مشهودة في تقديم السلطنة بصورة مشرّفة؛ فمثل هذه المشاركات لا تعكس فقط الحاضر الزاهر، بل ترسم أيضًا ملامح المستقبل الطموح لعُمان في محيطها الإقليمي والدولي.