حمود بن علي الطوقي
أُطِل عليكم من الكويت الشقيقة؛ حيث تشرفت هذا العام بالمشاركة في معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الثامنة والأربعين؛ إذ تحل سلطنة عُمان ضيف شرف في حضور ثقافي استثنائي يؤكد مكانة هذا الوطن وما يمتلكه من رصيد حضاري وفكري وإنساني متجذر.
ومنذ لحظات الافتتاح الأولى، بدا واضحًا أن الجناح العُماني لا يمثل مجرد مساحة عرض، بل يعكس هوية وطن وروح إنسان؛ فقد امتلأ الجناح بحفاوة الاستقبال ونُبل التعامل، وهو ما يميز العُماني أينما حلّ. وقد جاءت المشاركة هذا العام مثمرة وزاخرة، بتواجد نحو سبع عشرة جهة حكومية ومؤسسات مجتمع مدني ودور نشر، جميعها قدّمت صورة واسعة للثقافة العُمانية وأسهمت في تعريف الجمهور بثراء المكونات الحضارية للسلطنة وتنوع مصادرها المعرفية.
وكان لوزارة الثقافة والرياضة والشباب حضورها الأبرز في تنظيم المشاركة وتنسيق الفعاليات وإبراز السلطنة بالشكل الذي يليق بتاريخها وسمعة إنسانها. كما شهد الجناح فعاليات متعددة امتدت من الندوات وتوقيعات الكتب إلى العروض المعرفية والبصرية، إلى جانب حضور لافت لسعادة الدكتور صالح بن عامر الخروصي سفير سلطنة عُمان لدى دولة الكويت، الذي حرص على التواجد في الجناح ومشاركة الزوار أحاديثهم، كما شارك في ندوة ثقافية تناولت عمق الروابط التاريخية والثقافية بين البلدين الشقيقين؛ وهي مشاركة عززت من مكانة الجناح في فضاء المعرض.
ومن المحطات المضيئة اختيار معالي محمد بن الزبير شخصية العام للمعرض، وهو تكريم جدير بقامة ثقافية بارزة، وقد شهد الجناح إقبالًا كبيرًا خلال توقيعه لكتابه «أوراق لن تسقط من الشجر» الذي لاقى اهتمامًا واسعًا من جمهور المعرض. وشهدت أروقة المعرض حضورًا جماهيريًا كبيرًا، طوال فترة المعرض مما يؤكد أن الكتاب ما زال حيًا في وجدان الناس، وأن نوره لا يخفت مهما تنوعت الوسائط الرقمية وتقدمت التقنيات.
وقد أتيحت لي خلال هذه المشاركة فرص عدة للظهور الإعلامي عبر القنوات الفضائية والإذاعات والصحف الكويتية، تحدثت فيها عن عمق العلاقات العُمانية- الكويتية وما يجمع الشعبين من قيم نبيلة وروابط أخوية راسخة.
وبين كل تلك اللحظات، كان ما يلامس القلب حقًا هو ثناء الزوار من مختلف الجنسيات على الشخصية العُمانية، إذ عبروا عن إعجابهم بسمت العُماني وطيب أخلاقه وحسن ضيافته، وهي صفات راسخة في أبناء هذا الوطن، تعكس تربية طيبة وميراثًا إنسانيًا متوارثًا عبر الأجيال.
ولا يفوتني أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير للقائمين على المعرض من دولة الكويت على حسن التنظيم وروح التعاون، وكذلك الشكر لجميع القائمين على الجناح العُماني الذين قدموا أروع صور الضيافة العُمانية الأصيلة التي تليق بسمعة هذا الوطن وبمكانة العُماني بين الشعوب؛ فكانت ضيافة تعبّر عن كرم عُمان وثقافتها ووجهها الإنساني المشرق.
لقد خرجتُ من معرض الكويت الدولي للكتاب وأنا أشعر بفخر كبير بهذا الحضور العُماني المتألق، وبما قدّمته السلطنة من مشاركة واثقة تُضاف إلى رصيدها الثقافي المتنامي، مشاركة تؤكد أن الثقافة ليست مجرد كتاب يُعرض؛ بل هي رسالة وطن ومرآة إنسان وهوية لا تغيب.
