البداية مع «بطاقة زرقاء» أشعلت الخلاف قبل النهائي

أزمة «سوبر اليد» تتأجج.. انسحاب مسقط يُتوج عُمان.. وقرارات انضباطية قاسية تُشعل الجدل

 

 

◄ ليلة النهائي.. 15 دقيقة حسمت اللقب دون مباراة

◄ «الانسحاب بسبب التحكيم» وغياب أي احتجاج رسمي

◄ نادي مسقط: «السبب لاعب موقوف.. لا التحكيم»

◄ اعتراضان من اللاعب والحكام.. ولا خطاب رسميًا

◄ لجنة المسابقات تدخل على الخط: «الاحتجاج غير مقبول شكلاً وموضوعًا»

◄ بيان نادي مسقط بعد قرار اللجنة: «لسنا منسحبين وفق وصف اللائحة»

◄ «تفسير المادة (111)».. مسقط يعزز موقفه بنصوص الانضباط

◄ قرارات مجلس إدارة الاتحاد: غرامة 5000 وإيقاف إداري وحرمان موسمين

◄ نادي مسقط يُشكك في سلامة الإجراءات وتطبيق النصوص

 

 

الرؤية- أحمد السلماني

 

 

تفجّرت الأزمة التي شغلت الوسط الرياضي العُماني في كرة اليد مع اقتراب نهائي كأس السوبر للموسم الرياضي 2025/2026، حين تحوّلت واقعة حصول لاعب نادي عُمان عبدالحكيم السيابي على «بطاقة زرقاء» في مباراة الدوري أمام نادي السيب وما ترتّب عليها من إيقاف، إلى محور جدل قانوني حول أحقية مشاركته في نهائي السوبر من عدمها، وسط تضارب واضح في تفسير اللائحة بين طرف يرى أن العقوبة تُنفّذ على «مباريات ملعوبة» في أي مسابقة، وآخر يؤكد عدم تداخل العقوبات بين المسابقات.

وبحسب سرد الوقائع، فإن نادي مسقط تقدّم باستفساراته قبل النهائي حول قانونية مشاركة اللاعب، بينما تمسّك نادي عُمان بإدراجه في كشف المباراة، لتبدأ الأزمة من «سؤال لائحي» قبل أن تتحول لاحقًا إلى «قضية انضباطية» انتهت بقرارات عقابية ثقيلة.

أقيمت إجراءات النهائي على الصالة الرئيسية بمجمع السلطان قابوس الرياضي ببوشر مساء الأربعاء 10 ديسمبر 2025، وفي حضور راعي حفل الختام سعادة الشيخ سلطان بن حميد الحوسني رئيس مجلس إدارة نادي الخابورة. وتواجد طاقم المباراة كاملاً، ووفق ما جرى تداوله حضر فريق مسقط إلى أرضية الصالة وقام بعمليات الإحماء، قبل أن يثبت لاحقًا على قرار عدم خوض اللقاء بعد التأكد من وجود اسم اللاعب عبدالحكيم السيابي ضمن كشف نادي عُمان قبل صافرة البداية.

وأمهل طاقم المباراة فريق مسقط المدة القانونية (15 دقيقة) للنزول إلى أرضية الملعب، إلا أن الفريق لم يُكمل الإجراءات، ليُعلن بعدها تتويج نادي عُمان رسميًا بطلاً لكأس السوبر، محققًا اللقب للمرة الثالثة في تاريخه، في واحدة من أغرب نهايات السوبر محليًا.

عقب الأحداث مباشرة، أصدر الاتحاد العُماني لكرة اليد بيانًا توضيحيًا بتاريخ 11 ديسمبر 2025، قال فيه إن المباراة لم تُقم بسبب انسحاب نادي مسقط اعتراضًا على الطاقم التحكيمي المكلف من لجنة الحكام، مؤكدًا أن ممثل نادي مسقط حضر الاجتماع التنسيقي صباح يوم المباراة دون أن يقدم احتجاجًا رسميًا مكتوبًا أو حتى شفهيًا بشأن التحكيم أو أي احتجاج يتعلق بالمباراة، وأن الفريق حضر في الموعد المحدد وأجرى الإحماء المعتاد ثم امتنع لاحقًا عن النزول إلى أرضية الملعب «دون تقديم احتجاج رسمي مكتوب قبل انطلاق المباراة وفق اللوائح».

وشدد الاتحاد في بيانه على احترامه لصلاحيات لجنة الحكام في تعيين الطواقم، واعتبر الطاقم المعيّن من أفضل الطواقم التحكيمية باللعبة، مؤكدًا أن باب الاتحاد سيظل مفتوحًا لتلقي أي احتجاجات عبر القنوات الرسمية الصحيحة، مع تهنئة نادي عُمان وجماهيره بالتتويج.

لم يتأخر رد نادي مسقط، إذ أصدر بيانًا توضيحيًا أكد فيه أن بيان الاتحاد «تجاهل السبب الحقيقي والأساسي» للانسحاب، وأن جوهر الأزمة ليس التحكيم بل «مخالفة نظامية جسيمة» تتمثل- بحسب البيان- في إشراك لاعب موقوف تأديبيًا بسبب البطاقة الزرقاء.

وأشار النادي إلى أن رئيس مجلس الإدارة تواصل ليلة المباراة مع رئيس الاتحاد مستفسرًا عن مشاركة اللاعب من عدمها، وأنه أُبلغ بأن اللاعب سيخوض النهائي، معتبرًا أن ذلك يوحي باتخاذ القرار «شخصيًا» دون الرجوع للجنة المسابقات. كما أوضح النادي أن ممثله اتصل صباح يوم المباراة بلجنة المسابقات للتذكير بإجراءات ما قبل اللقاء، وأن الفريق أجرى الإحماء «تحسبًا لحل المشكلة بشكل ودي وسريع»، قبل أن ينسحب عندما أصر الاتحاد- وفق رواية النادي- على إقامة المباراة بوجود اللاعب الموقوف.

وأكد مسقط احتفاظه بنسخة معتمدة من خطاب رسمي تم رفعه بعد نهاية المباراة، مجددًا أنه لم يتقدم بأي خطاب احتجاج على الحكام خلال بطولتي الدوري والسوبر، وأنه سيتابع القضية عبر القنوات القانونية والرياضية.

ومن جهته، أوضح موسى بن خميس البلوشي رئيس مجلس إدارة الاتحاد العُماني لكرة اليد- في تصريحات نقلت ضمن تفاعلات القضية- أنه تواصل مع رئيس نادي مسقط قبل المباراة، وأن احتجاجات مسقط تركزت على نقطتين: مشاركة اللاعب المعاقب بالبطاقة الزرقاء، وأيضًا الاعتراض على الحكام المكلفين بإدارة النهائي، مشددًا على أن تعيين الحكام قرار لجنة الحكام وليس من حق أي ناد الاحتجاج على الطاقم التحكيمي.

وأضاف البلوشي أن الاتحاد طلب من النادي تقديم رسالة رسمية بخصوص مشاركة اللاعب، وأنه «لم يتلق خطابًا رسميًا» قبل اتخاذ مسقط قرار الانسحاب، مؤكداً أن اللوائح تحكم المسألة وأن العقوبات تُطبّق وفق نصوصها، وأن الاتحاد لا يميز بين الأندية، مع الإشارة إلى أن عقوبات ستُبحث لاحقًا بالعودة إلى اللائحة.

ومع تصاعد الجدل، أصدرت لجنة المسابقات بالاتحاد قرارًا برفض احتجاج نادي مسقط «شكلاً وموضوعًا». وبيّنت اللجنة أن سبب الرفض شكلاً يعود إلى أن الاحتجاج قُدم خارج الميعاد القانوني، مع الإشارة إلى تفاصيل تتعلق بتوقيت تقديم الطلب وسداد الرسوم وآلية الإرفاق، وربط ذلك بنصوص اللائحة المنظمة لآجال الاحتجاج وإجراءاته.

أما من الناحية الموضوعية، فأوضحت اللجنة أن اللوائح لا تقبل الاحتجاج من فريق منسحب من المباراة، لتغلق بذلك مسار الاحتجاج على مستوى لجنة المسابقات، وهو ما اعتبره مسقط امتدادًا للخلاف الإجرائي والقانوني الذي بدأت شرارته في ليلة النهائي.

وعاد نادي مسقط ببيان توضيحي لاحقًا أكد فيه رفضه توصيف ما حدث على أنه «انسحاب» بالمعنى الذي يمنع قبول الاحتجاج، كما تطرق إلى نقطة المادة الخاصة بتأخير سداد الرسوم، معتبرًا أن تفسير الواقعة وتطبيق النصوص جاء- من وجهة نظره- على نحو انتقائي، وأن النادي سيواصل اتخاذ الإجراءات النظامية المتاحة للطعن والدفاع عن موقفه.

وفي خضم التفاعلات، أصدر نادي مسقط «بيان توضيح رقم (2)» بخصوص تفسير المادة (111) من لائحة الانضباط، مؤكدًا أن نص المادة- بحسب البيان- واضح ولا يحتمل التأويل، وأن العقوبة المرتبطة بها (إيقاف من 1 إلى 4 مباريات ملعوبة حسب ما تقتضيه الحالة، وغرامة 100 ريال عماني، مع رفع تقرير لمجلس الإدارة) لا تتضمن أي إشارة تفيد انتقال الإيقاف تلقائيًا إلى مسابقات أخرى خارج «نص المسابقة» التي وقعت فيها المخالفة. وخلص النادي إلى أن الاستناد إلى هذه المادة لتبرير منع مشاركة اللاعب في السوبر «غير دقيق» من الناحيتين النظامية والقانونية، وفق ما ورد في بيانه.

وأخيرًا، أصدر مجلس إدارة الاتحاد العُماني لكرة اليد قرارات انضباطية بحق نادي مسقط على خلفية الانسحاب من النهائي، وذلك خلال اجتماع طارئ عُقد يوم الأحد 14 ديسمبر 2025. وجاءت العقوبات على ثلاث درجات متصاعدة: تغريم نادي مسقط مبلغ 5000 ريال عُماني، وإيقاف الإداري بنادي مسقط بدر بن محمد بن سعود الحسني لمدة عام، إلى جانب حرمان نادي مسقط من المشاركة في بطولة كأس السوبر لموسمين متتاليين هما 2026/2027 و2027/2028.

وفي أعقاب صدور القرارات الانضباطية، أصدر نادي مسقط بيانًا مطولًا ردّ فيه على ما جاء عن اللجنة الانضباطية، مؤكداً رفضه القاطع للقرارات الصادرة، واصفًا إياها بأنها «انعكاس لخلل إجرائي وقانوني واضح» في آلية التعاطي مع القضية. وأشار النادي إلى أن اللجنة استندت إلى توصيف الواقعة على أنها «انسحاب»، وهو توصيف يراه مسقط غير دقيق ولا ينسجم مع حيثيات ما جرى فعليًا على أرض الواقع، مؤكدًا أن الفريق حضر في الموعد الرسمي، وأجرى الإحماء، وانتظر الحسم القانوني لموقف اللاعب، قبل أن يمتنع عن خوض اللقاء اعتراضًا على مخالفة لائحية جوهرية، وليس انسحابًا عبثيًا أو دون مبرر.

وأضاف البيان أن اللجنة الانضباطية خالفت- بحسب رأي النادي- مبدأ التدرج والمواءمة في العقوبة؛ سواء من حيث قيمة الغرامة أو طبيعة العقوبات التكميلية، معتبرًا أن تغريم النادي مبلغ 5000 ريال عُماني وحرمانه من السوبر لموسمين وإيقاف أحد إدارييه، جاء دون تسبيب مهني كافٍ، ودون معالجة جوهر الإشكال المتعلق بتفسير اللوائح، لاسيما المادة (111)، التي يرى النادي أنها لم تُطبق بشكل صحيح منذ البداية. وشدد مسقط على أن ما حدث يثير تساؤلات جدية حول نزاهة العملية الانضباطية وتكامل أدوار اللجان، مجددًا تمسكه بحقه الكامل في اللجوء إلى كافة المسارات القانونية والرياضية المتاحة للطعن في هذه القرارات والدفاع عن سمعته ومكانته المؤسسية.

 أزمة مفتوحة وأسئلة تنتظر الإجابة

وبين تمسُّك الاتحاد العُماني لكرة اليد بسلامة قراراته وإجراءاته، وإصرار نادي مسقط على أن ما حدث يمثل إخلالًا بمبدأ العدالة الرياضية وتفسيرًا انتقائيًا للوائح، تبقى أزمة نهائي «سوبر اليد» واحدة من أكثر الملفات تعقيدًا وجدلاً في الموسم الرياضي الحالي. قضية تجاوزت كونها خلافًا على مشاركة لاعب، لتتحول إلى اختبار حقيقي لآليات الحوكمة الرياضية، ووضوح اللوائح، واستقلالية اللجان، ومدى قدرة المنظومة على احتواء الأزمات بشفافية وعدالة. وفي انتظار ما ستسفر عنه أي خطوات تصعيدية أو طعون محتملة، يبقى الشارع الرياضي مترقبًا لإجابات شافية تعيد الثقة وتغلق هذا الملف بما يحفظ حقوق جميع الأطراف ويصون صورة اللعبة.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة

z