فاطمة الحارثية
إلى يومنا هذا ما زالت لتفاوض الشعوب مع الحكومات، قائمةٌ لا تنتهي من المُطالبات، في سعي مستعر من أجل عمل أقل وأجر أعلى ومميزات خاصة، بما يُسمى في عصرنا الحديث بالرفاهية السلبية، وهذه المطالبات لم تتركز في أي حقبة منذ القدم، باستثناء موضوع "التنمر" على استحياء ومضض.
القائمة الأولى من عريضة المطالبات كانت دائمًا زيادة الأجر أو العلاوات أو الامتيازات أو الترقيات أو المميزات الخاصة، ويقع حُسن المعاملة في آخر القائمة، رغم أن حُسن المعاملة تشمل جميع ما سبق، ومثله مثل العلاقات بين الدول، قائمة على مطالبات مماثلة بمفاهيم وتعريفات أوسع، وحديث التنمر بين الدول دائما ما يكون مقتضبا في ثنايا سجلات الدبلوماسية، وما يحصل للشعوب الهاربة من ظلم الاستحواذ القائم على أراضيها، سواء الاستحواذ المباشر أو غير المباشر، لا يُبرهن إلا على تقاعس البشر في سن سنن الخالق عز وجل والحفاظ على التوازن الاجتماعي والبيئة، وانشغاله في توافه الوهم والشهوات عن الحياة السهلة، مع أن الحياة على الأرض فانية، والحياة الرغيدة تكفلها بضع سنين جهد خالص لوجه الله لنيل رفاهية جنة الخلد.
لا أعلم ما الذي كان يفكر به قابيل كعذر أقنع نفسه به للتخلص من أخيه الوحيد هابيل، رغم علمه أن الخلود ليس خيارًا حقيقيًا على الأرض، والتنافس كان على أدائه في مهمة "القربان"، ومع ذلك لم يقبل تقصيره وتقاعسه ولم يتحمل المسؤولية، ولم يحاول العمل على الإصلاح البديهي بتقديم قربان أفضل وآثر أن يقتل أخيه؛ وكسلوك موروث لصياغة حلول غير منطقية، نجد أن الكيانات المحتلة وحروب الاعتداء وانتهاك الحقوق، باتت أساسا لاستمرار التجارة المستترة، والصناعات الثقيلة، نُتاجر بأرواح الناس لزيادة عوائد الأجندة الخاصة لدول الاحتلال، رغم أننا نستطيع أن نوقف سفك الدماء والتجارة الجائرة، بالمشاريع النافعة المشتركة والتبادل الاقتصادي الذكي، وصياغة اتفاقيات تعاون مشتركة، أول بنودها السلام. إن تعزيز وتوطيد الأعمال التجارية تقوم على القيم والمبادئ، تحت مظلة الجهد الحثيث والبحث عن التوازن الحقيقي، والتمسك بالعوائد العامة ومتعة المنفعة المشتركة، وفخر الانتماء وتعزيز الاستقرار والنمو المستدام، وليس على الجشع والكسب السريع.
ونحن في جهد العمل الخالص، لا يتوانى أشباه وعملاء قابيل بدس السموم في المجتمع، وانتهاك سمعة أرضنا الطيبة وإحباط كل جهد يبذل لدعم الصالح العام، إنهم أولئك الذين لا يشكرون نعم الله، وقلوبهم اللاهثة خلف المال يتجرؤون على تدنيس جنة على الأرض اختارها الله لهم، وحكومة رشيدة قدرها الله عليهم، دون رادع يوقف الضرر الذي يتسببون به، لأهلهم ولكل من على هذه الأرض المباركة، إنهم عملاء وتجار الكلمة السيئة، والإعلانات المُسيئة، عبدة شياطين المال والخيانة، يقتاتون الفتات لينشروا قذى الفكر، ليحاولوا التشويه بعُمان المباركة وحكومتها الرشيدة، لكن هيهات ثم هيهات أن تتحقق خططهم الشيطانية، فنحن وكل مخلص على أرضنا المباركة، لن نسمح لشرذمة جاهلة، أو عملاء التطبيع والتدليس أن يؤثروا على سلامة فكر صغارنا وكبارنا وحياتنا الطيبة؛ كان البيان في السابق، أنها منظمات تحاول فرض السلطة علينا، ليتبن اليوم أن شرهم أعمق من ذلك وأكبر، إنهم لا يسعون الى نهب السلام فقط بل إلى انتهاك حقوقنا الإنسانية والدينية، إنهم عملاء الشيطان، يسعون إلى أن نخسر جنة الأرض والآخرة، رغم هول شرِّهم، ليسوا إلا ضعفاء منبوذين في السماء، وحقراء على الأرض. ما كانوا ليصبح حالهم عُملاء السلاح والشيطان والفتنة إلا لأنهم شرذمة حقيرة لا قوة لها ولا قدرة، يوالون أعداء الوطن والدين والإنسانية.
سمو...
عُمان أبية، تحت قيادة حكيمة، وحماية من لدن رب عظيم كريم، لن تتزعزع إرادتها ولن يمس أهلها إلّا كل الخير، فنحن المخلصون لن نسمح بغير ذلك.