تشو شيوان **
لفتت القمة الـ16 لمجموعة بريكس والتي استضافتها مدينة قازان الروسية، الاهتمام الدولي، خصوصًا مع حضور عدد من رؤساء الدول الأعضاء، وخلال حوار قادة "بريكس بلس"، ألقى الرئيس الصيني كلمة مهمة عنوانها "حشد القوة الضخمة لـ"الجنوب العالمي" والعمل سويًا على دفع إقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية"، مع الدعوة إلى تعزيز التضامن والتعاون لدول "الجنوب العالمي" لما لهذه الدول من ثقل ووزن عالمي وبالتعاون ستزيد من الفرص التنموية ليس لشعوب دول الجنوب إنما للعالم بأكمله.
ولأول مرة، تُعقد قمة "بريكس" بعد انضمام مصر، وإيران، والإمارات، وإثيوبيا إلى المجموعة؛ مما يضيف زخمًا قويًا لصعود دول "الجنوب العالمي". ويُعزز هذا التوسع من قوة "بريكس بلس"، ويقدم فرصة تاريخية لتحقيق تعاون متعدد الأطراف بشكل أكثر فعالية، حيث يسهم في تحسين آليات الحوار ويعمق التعاون بين الدول الأعضاء، فخلال السنوات العشر الماضية، قدمت آلية "بريكس" للعالم نموذجًا جديدًا للتعاون الدولي، يقوم على الحوار واحترام التنوع والمساواة التجارية. ويمثل هذا الإطار أملًا مشتركًا لجميع الدول التي تتبنى التعددية وتسعى إلى شراكات عادلة ومنصفة في الاقتصاد العالمي.
وبالعودة لخطاب الرئيس شي، فإنني أجده قد أظهر الدور القيادي الثابت للصين عالميًا، وأثبت أن خطط الصين ومبادراتها العالمية ساعية للاستقرار العالمي وسط تخط دولي نتج عنه أزمات إنسانية وسياسية شرقًا وغربًا، وأيضًا فإن اقتراح الصين لبناء "بريكس من أجل السلام" يعني أن دول بريكس يجب أن تكون مثالًا يُحتذى به في تنفيذ مفهوم الأمن العالمي، وأن تقوم دول المجموعة بأدوار كبرى من أجل حماية السلام والأمن العالميين، وهذا يتوافق أيضا مع التطلعات العامة للمجتمع الدولي الذي بات يبحث عن حلول واقعية وأصوات عالمية قوية قادرة على حفظ الأمن العالمي.
لقد شارك الرئيس الصيني شي في اجتماعات قادة "البريكس" على مدار 12 عامًا متتالية؛ حيث قدّم نموذج التعاون "بريكس بلس" وعددًا من المقترحات الهامة التي تعزز التعاون بين دول المجموعة. وخلال حوار "بريكس بلس" هذا العام، دعا الرئيس شي إلى ثلاث مبادرات رئيسية: تعزيز السلام لتحقيق الأمن المشترك، تنشيط التنمية لتحقيق الازدهار للجميع، والنهوض بالحضارات لتعزيز التنوع الثقافي والتناغم.
وباعتبارها الدولة النامية الأكبر، تواصل الصين دعم التضامن بين دول "الجنوب العالمي"، ملتزمة بتعزيز التعددية وتحقيق النمو المشترك. وتظهر المقترحات الصينية جوهرًا منفتحًا على التعاون والتبادل بين مختلف الدول، متجاوزةً الفروقات السياسية والاقتصادية والثقافية بينها. ونتيجة لذلك، تتطلع العديد من دول "الجنوب العالمي" للانضمام إلى آلية التعاون "بريكس"، التي أُسِّست بفضل قيادة الصين ودول أخرى، بهدف مواجهة التحديات التنموية وتحقيق الانتعاش الاقتصادي والتنمية المستدامة.
وفي ظل التغيرات العميقة التي يمر بها العالم لأول مرة منذ قرن، أطلق الرئيس شي جين بينغ ثلاث مبادرات رئيسية هي: مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية، التي حظيت بترحيب واسع. وذكر الرئيس شي في خطابه خلال حوار القادة أنه منذ إطلاق مبادرة التنمية العالمية قبل ثلاث سنوات، تم جمع حوالي 20 مليار دولار أمريكي من صناديق التنمية وتم تنفيذ أكثر من 1100 مشروع في مختلف أنحاء العالم.
أما مبادرة الأمن العالمي، فقد أسهمت بفاعلية في تحقيق استقرار إقليمي ملحوظ وتعزيز السلام في عدة مناطق. وعلى صعيد مبادرة الحضارة العالمية، شجعت على بناء "حديقة حضارية عالمية" حيث يتم تبادل الجمال والثقافات المتنوعة. وتهدف هذه المبادرات إلى تقديم الحكمة الصينية والحلول المبتكرة لدعم مسيرة التحديث العالمية، مما يعود بالفائدة على العديد من الدول حول العالم.
وانطلاقًا من بيانات مختلفة مثل الناتج المحلي الإجمالي، ومساحة الأرض، وعدد السكان، والتجارة الدولية، فإنَّ دول البريكس قد أصبحت قوة مهمة بين دول "الجنوب العالمي"، وتؤدي دورًا أكبر في المجتمع الدولي بالمقارنة مع مجموعة السبع، ومن المؤكد أن آلية التعاون لدول البريكس ستقود اتجاهًا جديدًا للتنمية العالمية في المستقبل، وبالنظر إلى المستقبل، وفي مواجهة الوضع الجديد للتعددية القطبية العالمية وأزمة "الحرب الباردة الجديدة"، يتعين على دول بريكس البحث عن أرضية مشتركة مع الاحتفاظ بالخلافات، والتوحد وتعزيز مكانتها، وخلق وضع جديد للتنمية عالية الجودة لـ"تعاون بريكس الكبرى" من أجل قيادة تطوير وتنشيط "الجنوب العالمي"، حتى تصبح العمود الفقري لبناء عالم أفضل.
** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية