"جهاز الرقابة" و"ملخص المجتمع"

 

عمير العشيت

alashity4849@gmail.com

 

جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة من أهم المؤسسات الحكومية الفاعلة والمؤثرة في مجالات التنمية الشاملة، والمحفز الأساسي في تقويم العلاقة المرتبطة بين المجتمع والدولة، والتي من شأنها تطبيق مبادئ النزاهة والمحاسبة والمساءلة في كافة الوحدات والقطاعات المتعلقة بالدولة، بغية الوصول لتحقيق الأهداف السامية لحماية المال العام والمكتسبات الوطنية، ولأهمية الدور الذي يقوم به جهاز الرقابة والإنجازات الكبيرة التي تحققت خلال السنوات القليلة الماضية فقد حرص الجهاز على تبني المنهجية المتكاملة في تسهيل الحلول الناجعة والإجراءات الحديثة مع تطبيق الشفافية المطلقة في سبيل المصلحة العامة.

ومما يدل على مكانة هذا الجهاز ومدى فعاليته في استرجاع المال العام للدولة والكشف عن أخطاء بعض المؤسسات الحكومية وتصحيح مساراتها، فقد أولت العناية الكريمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان المُلهم هيثم بن طارق -حفظه الله- في خطابه السامي، حول أهمية هذا الجهاز، حيث أشار جلالته: " ومن أجل توفير الأسباب الداعمة لتحقيق أهدافنا المستقبلية فإننا عازمون على اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة وتحديث منظومة التشريعات والقوانين وآليات وبرامج العمل وإعلاء قيمه ومبادئه وتبني أحدث أساليبه وتبسيط الإجراءات، وحوكمة الأداء والنزاهة والمساءلة والمحاسبة لضمان المواءمة الكاملة والانسجام التام مع متطلبات رؤيتنا وأهدافها".

قد أثبتت التجارب عند أغلب دول العالم المتقدمة أن كفاءة دور جهاز الرقابة المالية والإدارية المستند إلى قوة القانون والشفافية والنزاهة تؤدي الى إنجاح المنظومة التنموية المستدامة والمطلقة بين الشعوب وتفعيل وتطوير مؤسساتها مما يعني تحقيق العدالة والأهداف المترتبة عليها،  والتي تؤدي بلا شك إلى بناء مستقبل مشرق لأي دولة معتمدا بذلك على الرقابة الذاتية قبل الرقابة الخارجية.

وبناءً عليه فقد نجح جهاز الرقابة المالية والإدارية في سلطنة عُمان في أداء دوره الريادي والوطني من خلال الكشف عن المخالفات والفساد والتجاوزات في المؤسسات المعني برقابتها، وفي أوقات قياسية محققاً بذلك العديد من الإنجازات التي تحققت لا سيما خلال هذا العام، وهي الأولى من نوعها منذ تأسيسه، كذلك لا ننسى البلاغات الواردة من المواطنين الحريصين على مكتسبات الدولة، ومدى وعيهم وإدراكهم حول مسؤولياتهم الوطنية، والمقدرات الاقتصادية التي ستبقى ذخرا وفخرا للأجيال القادمة، وأيضًا منهجية الجهاز المتكاملة باتباع سياسة الأبواب المفتوحة والمرونة المحسوبة من خلال تبني الشفافية العالية والتعاون مع جميع الأطراف للوصول إلى الأهداف السامية في حماية المال العام، حيث بدأ الجهاز، ولأول مرة، بالكشف في تقريره الأخير عن وقائع  الجرائم المرتكبة بصورة واضحة ومفصلة والإعلان عنها بمنتهى الشفافية مدعومة بأدلة دامغة تثبت إدانة  المتهم حول ارتكاب تلكم الجرائم.

ونظرًا لهذه الجهود الكبيرة التي قام بها جهاز الرقابة من خلال إعادة ملايين الريالات إلى خزانة الدولة، وضبط المخالفين للقوانين بالمؤسسات الحكومية، واسترجاع الكثير من الحقوق للدولة، فإننا نستطيع القول إن الجهاز ساهم سواء بشكل مباشر، أو غير مباشر مع القطاعات الإنتاجية الأخرى، في إنعاش وتحسين المنظومة الاقتصادية في الدولة وتعافيها، من أغلب الديون المتراكمة وتسجيل فوائض مالية متتالية في بعض القطاعات، كما انعكست هذه الإنجازات على معيشة وحياة المواطن اليومية، منها على سبيل المثال وليس الحصر صرف رواتب المنفعة الاجتماعية لكبار السن، وأيضا منفعة الطفولة، والدعم الوطني المتمثل في المياه والكهرباء والوقود والمواد الاستهلاكية وغيرها.

وقد استعرض جهاز الرقابة في إصداره الأخير "ملخص المجتمع 2023" العديد من النتائج المهمة الوارد في تقريره السنوي، لهذا العام حيث تم استرداد 177.7 مليون ريال عُماني الى خزينة الدولة، وهذا مؤشر جيد يعزز التفاؤل والأداء الذي يقوم به هذا الجهاز، كما تطرق الملخص  إلى سياسة التوطين وخطط الإحلال في الشركات الحكومية، وعرج أيضًا عن نتائج فحص مشروع مبنى بلدية ظفار، واستخلص بعدم الانتهاء من المشروع في الوقت المحدد له، والتأخر في إعادة الإجراءات القانونية، ما ترتب عليه تحمل تكلفة إيجار لعدد ثلاثة مبانٍ خلال الفترة من 2017 إلى 2023، لتكون مكاتب لموظفي بلدية ظفار، علاوة على تجاوزات مالية وإدارية وأخرى أحدثت خسائر وتراكمات مالية تقدر بـ9 ملايين ريال عُماني.

الجديد في الملخص هو تبنِّي شفافية الأبواب المفتوحة للكشف عن المتورطين في الفساد، مُستندًا لأدلة دامغة على المخالفين لدى السلطات القضائية؛ ليكونوا عبرة لمن لا يتعبر. وهذا يدل على أن القائمين على هذا الجهاز يتمتعون بحسٍ وطنيٍ ومؤهلات وخبرات علمية واقتصادية وقانونية ساهمت بلا شك في تأهيلهم للقيام بمهام الجهاز المُهم في الدولة وبجدارة فائقة.

لذا.. بادِر أيها المواطن بواجبك الوطني في الكشف عن الأخطاء التي تُرتكب في حق الوطن والمواطنين والأجيال القادمة ولا تتأخر، فإنَّ الدال على الخير كفاعله، ونوافذ استقبال الشكاوي والبلاغات متاحة بمقرات الجهاز في جميع محافظات السلطنة والمواقع الإلكترونية وتطبيقات الهواتف الذكية على مدار الساعة، كذلك لا يجوز التستر على المتورطين في الجرائم، فقد نصت المادة (196) في قانون الجزاء العُماني بأنَّه: "يُعاقب بالسجن وبغرامة مالية.. كل موظف عام مكلف بالبحث عن جرائم، أو ضبطها إهمال، أو أرجأ الإبلاغ عن الجريمة التي اتصلت بعمله".

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة