العُمانية تفوح ألقًا

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

"إنَّ الوطن في مسيرته المباركة، يحتاج إلى كل من الرجل والمرأة فهو بلا ريب، كالطائر الذي يعتمد على جناحيه في التحليق إلى آفاق السماوات". السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه.

"إنَّ شراكة المُواطنين في صناعة حاضر البلاد ومستقبلها دعامة أساسية من دعامات العمل الوطني، ونحرص على أن تتمتع فيه المرأة بحقوقها التي كفلها القانون وأن تعمل مع الرجل جنبًا إلى جنب في مختلف المجالات خدمة لوطنها ومجتمعها، مؤكدين على رعايتنا الدائمة لهذه الثوابت الوطنية التي لا نحيد عنها ولا نتساهل بشأنها". حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه اللّه ورعاه.

الحديث عمّا حظيت به المرأة العُمانية من اهتمام ورعاية كاملة لابد أن يمر ضمن سياق ومنظور حضاري، فما تمكين المرأة إلا تجسيد لتاريخ مشرف سطرته الماجدات العُمانيات على مر التاريخ العُماني الممتد منذ زمن بعيد، وما قدمته المرأة العُمانية من مساهمة مشهودة ظل عالقًا في ثنايا التاريخ والذي سطر أسماء خالدة مثل الشعثاء بنت الإمام جابر، وهند بنت المهلب والعالمة الضريرة عائشة الريامية، والسيدة موزة بنت أحمد والغالية بنت ناصر وشمساء الخليلية وغيرهن.

وفي التاريخ الحديث ومنذ بزوغ عهد النهضة المباركة لعبت المرأة العُمانية دورًا بارزًا في مسيرة التنمية فكانت المعلمة والمهندسة والطبيبة والداعية والمربية الفاضلة، وعملت جنبًا إلى جنب مع الرجل في بناء هذا الوطن العزيز وقدمت واجبها الوطني بكل إخلاص وتفانٍ ووصلت لأعلى المراتب القيادية في الدولة، وبرزت كعادتها وعكست صورة المرأة العربية المسلمة المحافظة التي تقوم ببناء أسرتها ومجتمعها ووطنها في آن واحد.

وقد أضاف تمكين المرأة قيمةً عظيمة لمسيرة التنمية في وطننا، فقد ساعد هذا التوجه على رفد سوق العمل بما يحتاجه من كوادر نسائية عُمانية وتخطى النظرة القاصرة التي عانت منها بعض المجتمعات التي جعلت من المرأة مورداً بشرياً معطلاً ظنًا منهم بقصورها ومحدودية تأثيرها وانتقاصًا من قدراتها وإمكانياتها ولذلك ظلت هذه المجتمعات تعاني من تكامل الأدوار الذي تحتاجه الدول في سبيل تحقيق أهدافها التنموية والاجتماعية والاقتصادية، وتعزيز فرص النجاح.

لقد عملت سلطنة عُمان منذ بداية النهضة الحديثة على توفير البيئة المناسبة لتقوم المرأة بدور حيوي وفعال ومؤثر في مجتمعها، ولذلك جاءت منظومة القوانين والتشريعات في هذا الاتجاه وحفظت حقوق المرأة المدنية والشرعية؛ بل إنَّ المرأة في دولة المؤسسات استحقت ميزات عديدة تمكينًا لها وحرصًا من القيادة الرشيدة على أن تقوم بدورها المناط بها، وعلى سبيل المثال صدر قانون العمل الجديد الذي أعطى للمرأة العاملة في القطاع الخاص نفس الحقوق التي تحظى بها المرأة العاملة في القطاع الحكومي، كما إنَّ قانون الحماية الاجتماعية اشتمل على عدد من المواد التي تخص المرأة وفق منظومة متكاملة من الدعم.

إنَّ المرأة في سلطنة عُمان تعيش أزهى عصورها، وهي تلقى الرعاية الكاملة من السيدة الجليلة حرم جلالة السلطان المُعظم- حفظها الله ورعاها- والتي أولت المرأة العُمانية جُل اهتمامها وركَّزت على تفعيل دور المرأة من خلال الفعاليات والمناشط الخاصة بها، ورعاية المميزات من ماجدات سلطنة عُمان في مختلف المجالات، وتقديم الدعم بكل أنواعه لإبراز دور المرأة العُمانية، وهذه قيمة كبيرة تضاف إلى مكاسب المرأة العُمانية التي لا تحصى، وما تُقدمه السيدة الجليلة من جهود مجتمعية يجب أن يكون نموذجًا يحتذى به من قبل المرأة العُمانية.

لقد حظيت المرأة العُمانية بالرعاية السامية من لدن مولانا جلالة السلطان المعظم- أيده الله- الأمر الذي يزيد من أهمية أن تقوم المرأة العُمانية بدورها الريادي، وما الاحتفال بيوم 17 أكتوبر بالمرأة العُمانية إلّا تكريس لهذا الاهتمام من لدن المقام السامي، وإدراك بأهمية دور المرأة الحيوي في المجتمع وتكامله مع دور الرجل العُماني، ويجب على المرأة في هذا السياق أنت تدرك أن هناك مسؤولية مُلقاة على عاتقها تتمثل في رد الدين لوطنها والوفاء بواجباتها سواء كمربيّة للأجيال أو عاملة تحمل أحلام الوطن.

تعليق عبر الفيس بوك