داوود ضحية لمنافسة الوافد!

 

راشد بن حميد الراشدي

 

يعاني من إعاقة وعدم إكمال دراسته في المدارس النظامية بسبب ظروفه، هو شاب طموح يسعى للنجاح في تجارته البسيطة بالقرب من بيت والده؛ حيث افتتح له والده محلاً صغيرًا يبيع فيه المواد الغذائية وبعض المستلزمات التي يحتاجها أبناء الحارة / الحي الذي يقطن فيه، كان إيراده بسيطاً، ولكن كان فرحاً به، لأنه حقق إنجازا بمصدر رزق يعيش منه ويكفيه سؤال والديه ويمضي فيه وقته، كان الأطفال يتقاطرون عليه طمعاً فيما يعرضه داوود من مواد غذائية تستقطبهم وهو فرح فخور ينتظر وصولهم كل مساء.

زرت داوود في محله لأتفاجأ بخواء محله من البضائع التي يبيعها؛ حيث الأرفف خالية والثلاجات تصدر أزيزها وبها بضع علب من المشروبات الغازية والمياه المعبأة والمثلجات. وجدت داوود واجمًا يشكو لي حاله وقلة حيلته بعد أن فتح الوافدون محلاتهم بجانبه وسط الأحياء والحارات، وقد جذبوا المشترين من أبناء الحي بطرق عرضهم وتعاون الشركات المزوِّدة معهم أكثر منه، بينما فاتورة الكهرباء رفعت تكاليف المحل والتي تثقل كاهله؛ حيث وصلت المديونية المتراكمة عليه من فواتير الكهرباء 500 ريال، ولم يستطع سدادها، ويقول بنبرة لا تخلو من الوجع: "لم يدعمني أحد حتى اليوم". ويضيف بقوله: "إنني ألتمس من الله ثم من الجهات المعنية مساعدتنا وإيقاف العامل الوافد المُتستِّر خلف مواطن عُماني، فالمحل للوافد، وجميع الحسابات يقوم بها، والمواطن ليس سوى صورة ارتضى لنفسه الحصول على حزمة ريالات يوميا أو شهريا، وإذا أردت أن تعرف الحقيقة، فتعال في فترة المساء والليل وستجد الوافد هو من يُدير ذلك المحل في وسط حارتنا وأحيائنا السكنية، وقد أُغلق في نفس الحارة محلان يملكهما شابان كانا يستفيدان منهما".

إنني أتساءل: أين دور وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار وغرفة تجارة وصناعة عُمان وهيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في حمايتنا من الوافد الذي بات يعمل في كل الوظائف بلا قيود ولا قوانين ضابطة تُنظِّم سوق العمل.

أناشد جميع المسؤولين بالتكاتف مع الشباب والأخذ بأيديهم بعد أن انتقلت العمالة الوافدة من الأنشطة الكبيرة الى أصغر الأنشطة وانتشار محلات بيع المواد الغذائية والكماليات في الأحياء والحارات السكنية، وهو أمر بات واضحًا وبات يقض مضجع كل الساعين لمصدر رزقهم، مثل داوود.

يخاطبني داوود ويقول: "محلي اليوم يحتضر وسألحق بركب إخوتي الذين أغلقوا محالهم التجارية، فلا دعم ولا حماية تذكر من جميع المؤسسات، بينما استحوذ الوافدون في هذا المجال على الكثير منه، وابن الوطن يقف مكتوف الأيدي".

ومن خلال حكاية داوود المؤلمة وهو يجر رجله المعاقة ويتحسر على الحال الذي وصل إليه وغيره الكثير من أبناء الوطن من تلك المنافسة الخاسرة، أناشد كل الجهات المعنية بالتالي:

- دعم المؤسسات الصغيرة والمتناهية الصغر من خلال إعفائهم من تسعيرة الكهرباء والماء أو خفضها لكل شاب يدير عمله لوحده أو يحمل بطاقة "ريادة" وإعفائهم من جميع الرسوم والضرائب كذلك.

- حمايتهم من الوافد والتجارة المستترة التي يقوم بها خاصة في مثل هذه المحال الصغيرة ومتابعتهم ليل نهار من خلال قوانين صارمة.

- متابعة سجلات المستثمرين التي لا داعي لها إذا كانت تنافس المواطن البسيط وتقطع مصدر رزقه.

- تطبيق القانون القاضي بعدم السماح بعمل الوافد نهائيًا في تلك المحال الصغيرة؛ سواءً عامل شحن وتفريغ أو تحت أي مسمى كان، لكي لا يستغل نشاطه في إدارة مثل هذه المحال.

ومن خلال كل تلك المعطيات التي وضعتها بين يدي كل مسؤول وكل قارئ، أتمنى الاستجابة الفورية لحل هذه المشكلة التي يجب أن نحمي أبناءنا منها، فكفانا عدد المُسرَّحين من أعمالهم والباحثين عن عمل، فنحن من يساهم في ذلك إذا كانت القوانين غير مُنظِّمة، ورقابتنا على هذه التصرفات ضعيفة، ودعمنا لا يشمل مثل هذه الفئات الضعيفة ولا نستطيع حمايتها من المنافسات الخاسرة وشق طريقها للنجاح وإيجاد مصدر دخل ثابت لها.

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها وأدام علينا الخير كله ووقانا شرور الزمان.