رسائل الحرب والحرف

 

مريم الشكيلية

احترس من تلك الغربان التي تحلق فوقك بصوتها المرعب، أنا وأنت قد رأينا امتداد ذاك الجسر الذي يمتد بيننا دون حواجز أو مسافات.

هذا الصباح وفي تمام الثامنة كنت قد استيقظت دون حراك.. كنت أطوف بعيني إلى سقف الغرفة الباردة بعد قراءة رسالتك في منتصف ليل وعتمة.

قلت في نفسي هل تدرك أن رسائلنا تشبه ذاك الجسر المعلق بين ضفتين ومدينتين وحرفين؟

إن تلك الرسائل التي تسير في ذاك الجسر الوهمي فقط أنا وأنت نراها تعبر المسافات بين مدن الحرب والحرف. أنا هنا أُجالس اشتباك حروف اللغة ليصلك نصل حرف تتمسك به كقشة في كومة دمار، وانت هناك تجالس دخان حرب يعلق في حنجرتك كأنه يتراكم يومًا بعد يوم في صوتك لرميك قتيلًا دون دماء.

الجميع يرتعشون من الخوف والبرد والانتظار، إلّا أنا وأنت لا نزال نمسك بقنديل أمل وقلم!

تتشابك رسائلنا كأن أيادينا في تلك الأسطر لا حديثنا.. نحاول أن نخمد ذاك الخوف الذي يشتعل في أجسادنا بمطر سبتمبر الآتي حتى نوهم الأوراق بخريف لا إصفرار فيه؛ وكأن الربيع لم يغادرنا يومًا.

لن تخيفنا أصوات الغربان وهي تأتي كل مرة في سماءنا الزرقاء، سوف نجعل من ذاك الجسر حقلا مزهرا بشقائق نبضاتنا وتفتح رسائلنا العصية على الدمع، ذاك الجبل الجليدي الشاهق الذي يفصلنا  كلانا يعلم أنه سوف يذوب ويصبح بحيرة شفافة مدهشة، بفعل رسائلنا التي لا تزال تعبر سياج الحرب والحرف عثرنا على فصل خامس لا علاقة له بمواسم السنة، وتشبثنا بخيوط ضوء الشمس الذي أحدث ثقبا في ذاك الانهيار وأخترق جدار غيمات سوداء.

هل تدرك معنى أن تكون لأحرفنا تلك القوة التي تفوق جحافل محتل تتوغل في حدائق الأرض المعطرة؟!

تعليق عبر الفيس بوك