الأمان المعيشي

 

‏راشد بن حميد الراشدي

 

 

بين تجليات الحياة خطوط رئيسية يجد المرء نفسه أمامها ويجد أصحاب القرار والمسؤولين عن الأوطان أنفسهم أمام تجلياتها ومسؤوليتهم للحفاظ على الأوطان سالمة مطمئنة ألّا وهو توافر الأمان المعيشي بالتوازي مع الأمن العام؛ لتستقر الأوطان وتكون آمنة مُطمئنة.

اليوم يعاني الكثير من المواطنين وخاصة الشباب غير القادرين من ضغوط الحياة؛ سواء الباحثين عن عمل أو العاملين بأجور ضعيفة لا تسد رمقهم ولا متطلبات الحياة من حولهم، والتي تعددت من دفع رسوم الخدمات والضرائب وارتفاع أسعار مختلف المواد وخاصة الأساسية والضرورية التي يحتاجها المواطن من أجل حياة وعيش كريم.

الأمان المعيشي وتوفير أبرز متطلبات الحياة للمواطن ليعيش كريمًا، أهم ما ندعو له بعد أن كثرت حالات المطالبة بتوفير حلول للكثير من قضايا الدخل التي تُعين المُواطن على متطلبات الحياة.

ومن أهم القضايا ضرورة إيجاد وظائف مناسبة لجميع الباحثين عن عمل، وضرورة إيجاد فرص مشاريع حقيقية لمؤسسات القطاع الخاص وأصحاب الأعمال خاصة المشاريع المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وحماية المواطن من المنافسة الخاسرة من العمالة الوافدة والتي طغت على كثير مفاصل التجارة والوظائف التي يمكن للمواطن العمل فيها، مع ضرورة وجود إرادة حقيقية من الجهات المسؤولة لتنظيم ملفات العمل والعمال وتنظيم سوق العمل الذي بات يضج بأعداد العمالة الوافدة، دون رقابة حقيقية صارمة لكل تلك التجاوزات التي تحدث، مع ضرورة متابعة الفساد الإداري والمالي الذي أصاب بعض المؤسسات، وبات يظهر من خلال ثراء البعض، مما كان له انعكاس كبير على أوضاع أبناء الوطن وأمنهم المعيشي.

ما يحدث اليوم من زيادة أعداد الباحثين عن عمل والمُسرَّحين وانخفاض قيمة الأجور وقلة مصادر دخل المواطن وتزايد أعداد الأسر المُعسرة الذين ضجت بنداءاتهم اليومية الجمعيات الخيرية ومنصات التواصل، كل ذلك يدفعنا إلى الانتباه جيدًا لهذه القضايا التي تهم المواطن والمجتمع بأسره.

اليوم تتزايد حالات ضعف الأمن المعيشي لأبناء الوطن بينما يقبع نحو مليوني وافد على رأس الوظائف التي يجب أن يحصل عليها أبناء الوطن، فيما تتضخم ثروات أصحاب بعض الشركات والمشاريع الكبيرة، في ظل استغلالهم ودفع أجور منخفضة للعاملين لديهم، والضغط على المواطن وتسريح آخرين.

اليوم نقول إنَّ العلاج الطبيعي لهذا القضايا بات واضحًا جليًا؛ فالأمان الوظيفي وصندوق الحماية الاجتماعية وكل تلك الحلول المُطبقة لم تصل بالمواطن لمستوى أمنه المعيشي؛ والعلاج الحقيقي الناجح هو:

  1. توفير وظائف ذات دخل ومردود جيِّد على المواطن من مختلف الجهات الحكومية والخاصة وإلزامها ومراقبتها في تنفيذ ذلك.
  2. الإحلال في مختلف القطاعات ومتابعة تعمين المواطنين في كل تلك القطاعات.
  3. الضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه الإخلال بواجبه ومسؤولياته من الفاسدين في مختلف المؤسسات، ومراقبة أداء الشركات الكبرى في عملية إحلال المواطنين.
  4. إلزام جميع الشركات الكبرى العاملة في السلطنة بتعمين ما لايقل عن 90% من الوظائف.
  5. ضرورة إعادة هيكلة السياسات المعنية بالتعليم وتوجيه الشباب نحو التخصصات التي يحتاجها الوطن وسوق العمل، والتي يمكن تعمينها مستقبلًا بكفاءات وطنية لضمان عمل الخريجين فيها.
  6. ضرورة هيكلة سياسات استقدام العمالة الوافدة إلى السلطنة في ظل ما تشكله من ضغط على مختلف الخدمات.
  7. تشجيع الأسر المُنتجة على العمل من خلال فتح مشاريع صغيرة وإيجاد منافذ تسويقية حقيقية ورائدة لعرض منتجاتها بصفة دائمة.
  8. حماية وتعزيز الصناعات العُمانية وجعلها المنتج الأول في أسواق السلطنة.

وأقول "أعطني معولًا لاحتطب خيرًا لي من أن تعطيني خبزة لآكل"، لأنه بالعمل الحلال يستطيع المواطن أن يشتري الطعام، وهكذا هي معادلة الحياة الطبيعية؛ فالرعاية الاجتماعية والأمان الوظيفي لن تغني عن الأمن المعيشي، وهذا الأمن المعيشي لن يأتي إلّا بوجود الوظيفة ومصدر الدخل الجيد والمنتظم.

على جميع الجهات والمؤسسات أن تتكاتف من أجل توفير حياة كريمة للمواطن، وإيجاد الحلول الفورية والعاجلة لمصدر رزقه في وطن أنعم الله عليه بثروات عظيمة وموقع مناسب تُجنى فيه مليارات الريالات سنويًا لكنها تذهب خارجه، بينما هناك من المواطنين يمرون بظروف قاسية تدفعهم إلى طلب التبرعات من أهل الخير الذين يهبون لمساعدة إخوانهم.

إن إيجاد الامان المعيشي والسعي لتحقيقه بات لا بُد منه من أجل وطن مستقر ينعم أبناؤه بالخير ويتفيأون ظلال نهضة مُتجددة العطاء.

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها، وادام عليهم الخير والأمن والأمان والاستقرار في وطن شهد له العالم بالصلاح.