هو أكثر من مجرد كلمة

 

أحمد بن موسى البلوشي

ذلك المصطلح الذي يتردَّد على مسامعنا بشكل مُتكرر، هو أكثر من مجرد كلمة، إنِّه القوة الدافعة وراء التطور البشري، وهو المحرك الأساسي الذي يدفع المجتمعات إلى الأمام، وهنا أتكلم عن الابتكار؛ إذ إنَّ الابتكار هو عملية خلق أفكار جديدة أو تحسين الأفكار القائمة، وترجمتها إلى منتجات أو خدمات أو عمليات جديدة.

وفي عالم يشهد تغيرات سريعة وتحديات مُستمرة، يُعتبر الابتكار عنصرًا حيويًا لبقاء المُجتمعات وتقدمها، ومن خلال الابتكار، يمكن للدول أن تخلق حلولًا جديدة، تُحسن من الكفاءة، وتدفع عجلة النمو الاقتصادي. الابتكار ليس فقط محركًا للتقدم التقني، ولكنه أيضًا وسيلة لتحقيق التنمية المُستدامة وتحسين جودة الحياة.

تكمن أهمية الابتكار في العديد من النقاط أهمها أنَّه يُعد عنصرًا رئيسيًا في دفع النمو الاقتصادي من خلال تطوير منتجات جديدة وتحسين العمليات، ويمكن للشركات والدول زيادة إنتاجيتها وخلق أسواق جديدة.  يؤدي الابتكار كذلك إلى خلق وظائف جديدة، سواء في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة أو في الصناعات التقليدية التي تتبنى تقنيات وأساليب عمل جديدة، وغيرها من القطاعات. والابتكار يُسهم في تحسين جودة الحياة من خلال تقديم حلول فعَّالة للتحديات التي يواجهها الأفراد والمجتمعات، مثل تحسين الرعاية الصحية، وتوفير مصادر طاقة مُستدامة، وتعزيز التعليم. الدول والشركات التي تستثمر في الابتكار تكون أكثر قدرة على المنافسة على المستوى العالمي. الابتكار يساعد في تطوير منتجات وخدمات فريدة تلبي احتياجات السوق بطريقة أفضل.

الحكومات تمارس دورًا محوريًا في دعم الابتكار من خلال وضع السياسات التي تشجع البحث والتطوير، وتوفير التمويل، وإنشاء بيئات عمل محفزة، ودعم المبتكرين المحليين من قبل الجهات الحكومية يعد أمرًا حيويًا لتعزيز الاقتصاد وتحقيق التنمية المستدامة، فالدعم يمكن أن يكون على عدة مستويات، مثل توفير الموارد المالية، وتقديم التسهيلات البحثية، وتوفير التدريب والإرشاد. عندما يتم دعم الابتكار بشكل مناسب من خلال السياسات الحكومية، وتمويل البحث والتطوير، والشراكات بين القطاعين العام والخاص، يصبح المجتمع أكثر قدرة على التكيف مع التغيرات العالمية والاستفادة من الفرص الناشئة. فالابتكار لا يُعزز فقط الاقتصاد، بل يساهم أيضًا في تعزيز الاستدامة، وتحسين التعليم، وتطوير البنية التحتية، مما يؤدي في النهاية إلى تحسين شامل في رفاهية المجتمع. كما أن الاستثمار في التعليم والتدريب يعد عنصرًا أساسيًا في بناء قدرات الأفراد وتحفيزهم على الابتكار، وذلك من خلال تعزيز البحث العلمي وتطوير التكنولوجيا.

والقطاع الخاص رائدٌ في مجال الابتكار من خلال استثمار رأس المال في الأبحاث والتطوير، وتبني تقنيات جديدة، وتحويل الأفكار المُبتكرة إلى منتجات وخدمات تجارية. فالشركات المحلية والوطنية يقع على عاتقها دور كبير في دعم الشركات الناشئة ورواد الأعمال من خلال الشراكات والاستثمارات. القطاع الخاص يمكنه أيضًا دعم الابتكار من خلال تبني ثقافة الابتكار داخل الشركات، وتعزيز الإبداع بين الموظفين، وإتاحة الفرصة للتجريب وتطوير الأفكار، وعليه، فإنَّ تبني الابتكارات من قبل القطاع الخاص يُعد وسيلة قوية لتعزيز القدرة التنافسية للشركات وتحقيق النمو، وذلك من خلال الاستثمار في الأفكار الجديدة، ودعم رواد الأعمال، والعمل على تحويل الابتكارات إلى مُنتجات أو خدمات قابلة للتسويق.

والابتكار يُؤدي دورًا أساسيًا في تحقيق التنمية المستدامة، حيث يُمكن من خلاله تطوير تقنيات خضراء وحلول مبتكرة للمشاكل البيئية، مثل التغير المناخي والتلوث، فالابتكار يُساعد في استخدام الموارد بشكل أكثر كفاءة، وتطوير مصادر طاقة متجددة، وتحسين نظم النقل والإنتاج. فالابتكار هو قوة دافعة للمجتمعات نحو مُستقبل أفضل.

ومن خلال دعم الابتكار، يمكن للدول والشركات أن تُحقق تقدمًا اقتصاديًا واجتماعيًا مستدامًا. الابتكار ليس مجرد ترف؛ بل ضرورة في عالم يتغير بسرعة ويتطلب حلولًا جديدة للتحديات المتزايدة. لذا، يجب على الحكومات والقطاع الخاص العمل معًا لبناء بيئات محفزة للابتكار تدعم الأفكار الجديدة وتحوّلها إلى واقع يحقق الفائدة للجميع، فتضافر الجهود بين القطاعين الحكومي والخاص يمكن أن يسهم في بناء بيئة تحفز الابتكار وتساعد في تسويق الابتكارات الوطنية على المستويين المحلي والدولي.

تعليق عبر الفيس بوك