السياحة في إتين

 

سالم الكثيري

يُتداول هذه الأيام في مواقع التواصل الاجتماعي صورة للازدحام المروري في منطقة إتين؛ حيث علق عليها الكثير من المتابعين بضرورة إيجاد حل لهذه المشكلة المتكررة سنويًا.

وإن كانت الصورة المتداولة عن إتين بالتحديد، فقد رأينا فيما سبق صورا للاختناق المروري في كثير من المواقع السياحية الأخرى ولعل أبرزها دربات على سبيل المثال لا الحصر. والمُتتبِع لهذا الموضوع يحتار عقله في أمر الجهات القائمة على السياحة في محافظة ظفار. فكلما أتت سنة سياحية- إن صح التعبير- يتم تكديس فعالية جديدة في نفس المساحة الضيقة التي يُطالب سكان المنطقة وحتى المرتادون بتخفيف الضغط عليها، وكأن زحمة العام الماضي، قد تبخرت مع شمس الربيع أو أخذتها رياح الشتاء بعيدًا إلى غير رجعة؛ لتبدأ مُعاناة السكان والسياح وإحراج المسؤولين مع سقوط أول قطرة مطر وقدوم أول فوج سياحي إلى محافظة ظفار.

لا شك أنَّ القائمين على القطاع السياحي في محافظة ظفار يبذلون الكثير من الجهود للوصول بالموسم السياحي إلى مستويات أفضل وقد بدا هذا واضحًا في مجال الترويج وإقامة فعاليات مُختلفة من شانها أن تحقق مزيدا من الجذب للزوار من مختلف الأعمار والتوجهات وكلنا نستشعر هذه الجهود ولا يُمكن لأحد أن ينكرها، إلّا أنَّ المشكلة الرئيسية المتمثلة بالاختناق المروري لا زالت تراوح مكانها عامًا بعد عام؛ مما يؤثر بشكل واضح على بقية الجهود الأخرى أو ينسفها بغير عدالة في حقيقة الأمر.

من المؤكد أنَّ بلدية ظفار، وهي الجهة التي تُدير دفة السياحة في المحافظة ليس بيدها عصا سحرية لإيجاد الحلول طويلة المدى (الصعبة) وشق الطرق في المناطق السياحية المكتظة بالسياح في السهول والجبال بين ليلة وضحاها، إلّا أنه بإمكانها اللجوء إلى الحلول السريعة (السهلة) ريثما يتم تنفيذ الطرق المُقترحة أو المقررة منذ سنوات.

ومن هذه الحلول التي لا تحتاج إلى شيء من الإبداع الهندسي أو التكلفة المالية أن يتم توزيع الفعاليات على مناطق مُتباعدة؛ سواءً في ولاية صلالة نفسها أو حتى على مستوى الولايات القريبة التي يُمكنها استيعاب هذه الفعاليات من ناحية المساحة المتوفرة والمسافة المتقاربة بينها وبين صلالة كعاصمة للمحافظة، وذلك بهدف انسيابية الحركة لكل هذه المناطق المليئة بالمواقع السياحية. أما أن يتم تكديس فعالية بعد فعالية في نفس المربع الضيِّق وكأن محافظة ظفار كلها لم تعد بها مساحة إلا سهل إتين فهو أمر لم يعد عمليًا على الإطلاق بشهادة السائح قبل الساكن والمقيم، وفي هذه الحالة إذن فلنطلق على الموسم "خريف إتين"، وليس خريف ظفار! كما هو في الحقيقة، وبطبيعة الحال هذا الأمر ينطبق على أي منطقة أو موقع سياحي يتم تعبئته بالفعاليات دون مراعاة لانسيابية الحركة وتأثير ذلك على البيئة أو السكان.

في الختام.. نُؤكد كل التأكيد أنَّ قطاع السياحة يُعد من القطاعات الواعدة التي يعول عليها في رؤية "عمان 2040" وأن نمو هذا القطاع من شأنه أن يُعزز من الدخل الاقتصادي لأبناء المحافظة وغيرهم من المستثمرين، وفي الوقت نفسه نتمنى أن نعيش السياحة كمشروع وطني استراتيجي يضع كل الأسس الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في الاعتبار، وأن لا يكون الموسم السياحي لحساب مجال على آخر، أو أن تُصبح فيه الزحمة الخانقة مدعاةً لنفور السائح أو مُضايقة لأبناء المجتمع المحلي، إلى درجة أن يصبح الجميع مُهتمًا بخروج موسم الخريف سريعًا بدلًا من انتظار قدومه. هذا فيما يخص الاختناق المروري، أما فيما يخص الاسم الصحيح لهذه المنطقة السياحية التي باتت أكثر شهرة وارتيادًا؛ فهي "إِتين" بكسر الهمزة، وليس بفتحها! وأتمنى أن يصل التصحيح اللغوي إلى جميع وسائل الإعلام المحلية والخارجية.