"خريف ظفار".. واجهتنا السياحية

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

 

كثير من المقالات والتحقيقات والأعمدة والآراء كتبت عن موسم الخريف في محافظة ظفار، هذه الهِبة الربانية التي وهبها المولى عز وجل لبلادنا العزيزة جديرة بالاستغلال والاستفادة منها بأقصى حد ممكن، وجعلها أحد روافد الاقتصاد العُمانية وقاطرة من القاطرات التي تمد الموازنة العامة للدولة برقم كبير يعزز الدخل القومي ويحقق قيمة مضافة للاقتصاد.

لا شك أن هناك جهودا كبيرة تبذل من أجل ذلك وما تحقق على أرض الواقع شيء يبعث على السرور والتفاؤل ولكن لا بأس أن نقفز بطموحنا إلى ما هو أكبر من ذلك، ولما لا والفرصة مواتية لأن نصنع منطقة جذب سياحي في المنطقة الخليجية التي تفتقر معظمها للمقومات السياحية الطبيعية، ويهاجر معظم سكانها إلى بقاع العالم بحثاً عن الأجواء المناسبة وهرباً من حرارة الصيف العالية.

لقد وضعت رؤية "عُمان 2040" قطاع السياحة كأحد القطاعات الواعدة التي سوف ترفد الاقتصاد المحلي بعوائد كبيرة إلى جانب خلق فرص عمل للمواطنين من خلال الاستثمار السياحي الذي يمثل نسبة كبيرة من الاستثمارات التي سوف تحظى بها المحافظة، ومن أجل بلوغ هذه الأهداف لابد من النظر إلى جميع الجوانب التي يمكنها أن تساهم في تحقيق ذلك ولعل أهمها سرعة إنجاز مشاريع البنية التحتية التي أعلن عنها.

تحتاج محافظة ظفار وبالأخص ولاية صلالة إلى إعادة النظر في التوزيع العمراني ومعالجة المناطق التي أصبحت مكتظة بالسكان والمناطق القديمة التي هجرها سكانها وأصبحت مساكن للعمالة الوافدة في قلب الولاية وفي أكثر المناطق حيوية بها، هذه المناطق جديرة بالاستثمار والاستغلال وقد يكون من المناسب التفكير في إنشاء "داون تاون" (وسط المدينة) في منطقة صلالة الشرقية والوسطى والاستفادة من هذا الموقع المميز والذي يقع في قلب الولاية.

إن إعادة توزيع الفعاليات أصبح ضرورة فلماذا لا نترك منطقة سهل إتين فقط مكاناً لمحلات المظابي والشوي واستراحات للاستمتاع بالطبيعة الجميلة والجلسات التي تميز موسم الخريف بعيداً عن أماكن الترفيه والفعاليات والاحتفالات التي يجب أن تذهب لأماكن خارج الولاية أو على أطرافها، هذا التوزيع سوف يعيد تقييم مدى كفاية وكفاءة الطرق الحالية ومدى الحاجة لمزيد منها.

والتفكير في محافظة ظفار كوجهة سياحية لا يجب أن يقتصر على موسم الخريف حيث إنه بالإمكان الاستفادة من المواقع السياحية طوال العام، وهذا حال جميع المناطق السياحية في العالم، يجب أن نفكر في الاستدامة من خلال المشاريع التي يمكنها جذب السياح طوال العام ومن خلال المهرجانات والفعاليات التي تقام للجذب السياحي، فمشروع مثل القاطرة الانزلاقية (التلفريك) يمكنه العمل طوال العام والمواقع مثل إطلالة شعث لا تقتصر على موسم الخريف ناهيك عن قمة جبل سمحان وشواطئ ظفار الجميلة.

لقد بُذلت جهود كبيرة في السنوات الماضية وشاهدنا تطور القطاع السياحي في المحافظة ووفرة المعروض من المساكن، وهذا أمر إيجابي سوف يحقق نقلة نوعية في أعداد القادمين الى المحافظة، ولكن أرى أن هذا الملف يحتاج إلى تنظيم أكبر من خلال وجود منصات تسهل للسائح الحصول على السكن المناسب قبل الوصول، وتمكنه من الحصول على خدمة ممتازة أثناء الإقامة خاصة لتلك الوحدات ذات التصنيف المتدني من النجوم أو غير المصنفة، ففي الأخير هي أحد أهم الأماكن التي تصنع انطباع السائحين.

أمر أخير أختم به هذا المقال، وهو أهمية الاهتمام بالزراعة في المحافظة؛ فالجميع يعلم ما يميز هذه المنطقة من محاصيل ومن المحبط أن يأتي موسم الخريف وتجد المحلات تعاني من شح في هذه الأنواع، وهنا يجب دراسة المشكلة بشكل عميق فقد لا يكون السبب قلة المحصول أو انكماش زراعتها وإنما قد تكون مشكلة أخرى أكبر من ذاك.

تعليق عبر الفيس بوك