وارتقى هنية سعيداً إلى جوار ربه

 

 

‏راشد بن حميد الراشدي *

عندما يموت الأبطال تبكي الأرض والسماء، وعندما يأذن الله بالرحيل تُفتحُ لهم أبواب الجنان، وعندما ننعى الشجعان ننعى أنفسنا أولاً لتقصيرها عن أداء واجبها تجاه الأمة الصامدة على الحق واليقين، وعندما تُمجدُ الأنفس رجالًا ضحوا بأنفسهم في سبيل الله ومرضاته وإعلاء كلمة الحق على كلمات الضلالة نُمجدها بفخر واعتزاز، وعندما تسمو هذه الأنوار المضيئة المتلألئة التي ملأت الكون  بضياء شمسها الساطعة إلى درجات العُلا تطمئن الأنفس الزاكية.

رحيل بطل الأمة وشهيدها إسماعيل هنية في طهران والذي زفَّته الملائكة اليوم بعمل إجرامي ماكر سيزيد من قوة وصلابة المقاومة والقضية الفلسطينية، وسيخلف الله رجالا ورجالا من أمثاله يحملون لواء الجهاد ويحققون النصر المبين بإذن الله لأمة محمد صلى الله عليه وسلم عموما وفلسطين خصوصا، وقد دأبت على ولادة الأخيار الذين رفعوا رايات العزة والكرامة والجهاد في وجه عدو خسيس جبان يستعمل أخبث أدوات الخداع والخيانة؛ حيث لا يُؤمن مكره في أي وقت، ولا أي عهد يعاهدون فيه، فلقد كذبوا على الله ورسوله من قبل ولُعِنوا في الدنيا والأخرة، قال تعالى: "ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ".

فقد نفَّذ السفهاء الغاشمون دنيئتهم وفق مخططهم ظانين أن النصر تحقق لهم، لكن هيهات هيهات؛ فأبطال غزة وفلسطين كُثر وبدل من الرجل الواحد هناك آلاف الرجال الصامدين والقادة المحنكين والشجعان المقدمين على ميادين الجهاد.

رحل القائد البطل هنية، لكنه سيبقى، فقد خلَّف أبطالاً سيواصلون المسير نحو درب الجهاد وتحرير فلسطين والاقصى المبارك من أذناب اليهود وحفدة القردة والخنازير -لعنهم الله- فمهما مكر اليهود وتباكوا للأمم بأنهم أصحاب الأرض، فلن ينالوا من مكرهم وخداعهم شيئًا؛ فالحق واضح كشمس الظهيرة في وسط السماء، وإن الغدر الذي يمارسونه على شرفاء الأمة سيعود كيده إلى نحورهم، وحادثة اليوم خير دليل على جبن وغدر الكيان المحتل الذي دأب على مثل هذه الأفعال عشرات المرات من قبل، ظانًا أنه قد اغتال أمة بأكملها.

إنَّ تداعيات أحداث اليوم ستعود بالويل والثبور على اليهود وأذنابهم، ومن دعمهم وشايعهم؛ فإسماعيل هنية حي يرزق في قلوب الأمة الصادمة، كما أنَّ الشيخ ياسين لا يزال حيًّا وموجودا في قلوب محبيه.

اليوم.. تنعى الأمة الإسلامية من أقصاها إلى أقصاها شهيدها المناضل الحر، صاحب الكلمة الفصل في جميع المحافل، والذي لم يتنازل قيد أنملة عن حقوق وطنه وأمته وقدسه الشريف، وهي صابرة محتسبة، وتدعو له بالرضوان وجنة الرحمن؛ فالجزاء من جنس العمل، ولا جزاء  للشهداء سوى الجنة.

اللهم انصر الإسلام والمسلمين، وارحم شهداؤهم وداوي جرحاهم وسدد رميهم وأذل أعداءهم، اللهم شتت اليهود واخزهم ومزقهم شر ممزق.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.

* إعلامي وعضو جمعية الصحفيين العمانية