راشد بن حميد الراشدي
عندما يكون أبناء الوطن متأثرين سلبًا من قوانين يمكن تغييرها وتغيير تأثيرها عليهم، وعندما قد تتسبب هذه القوانين في إفلاس مشاريع ومؤسسات جُلها صغيرة ومتوسطة فإنني أناشد الجهات المختصة بدراستها، خاصة في ظل عدم قدرة بعض اصحاب الأعمال على منافسة الأجنبي وهي منافسة غير متكافئة تمامًا، جلبت على العديد من المؤسسات الديون بدل الأرباح، والحل في ضرورة تعديل القوانين ووضعها لتتناغم مع المتغيرات.
قوانين يتضرر منها المواطن بينما يريد البعض تثبيتها، لكننا نرى أنه لا بديل عن مراجعتها من أجل مستقبل أفضل وحراك اقتصادي أوسع.
وأول هذه القوانين هو قانون الاستثمار الأجنبي الذي نوقش كثيرا وأشبع نقاشا على جميع الأصعدة ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وعلى مستوى ممثلي القطاع الخاص الذين تأثروا من هذه المنافسة غير العادلة مع العمالة الوافدة التي جاءت تحت غطاء مستثمر، وهي لا تملك ريالا سوى معاملات قامت بها ومبالغ بسيطة دفعتها لتتحول إلى مستثمر، وهي عمالة لو عُدنا إلى ما تملكه فهي لا تملك الملايين ولا الألوف لاستثمارها، وأصبحت ندًّا لند للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وللشباب الشغوف نحو نجاح مشروعه، كما أدت لخسائر الكثير للمؤسسات والشركات العاملة في القطاع الخاص بسبب إنشائها مشاريع خاصة بها بعد أخذ الخبرة ومعرفة السوق لتنافس أصحاب المؤسسات، فرجحت الكفة لهم وخسر المواطن ونشاهد انتشارها بكثافة أكبر من ذي قبل.
وهناك قانون اخر يجب دراسته بعناية وهو قانون العمل، وبصفة خاصة الضوابط المُنظِّمة لانتقال العامل من وظيفة إلى أخرى دون الحصول على شهادة عدم ممانعة من صاحب العمل السابق، فبمجرد انتهاء فترة العقد أو بطاقة الإقامة يمكن للعامل أن ينتقل دون قيود أو ضوابط، بعد أن تمرس العامل في المؤسسة التي جاء عليها؛ لذلك يجب أن تكون هناك عملية تنظيمية تضمن حقوق صاحب المؤسسة، مثل ضرورة إخطار صاحب العمل بالاستقالة قبل 3 أشهر من قِبل العامل ورغبته في الانتقال، وكذلك ضمان حقوق صاحب العمل إذا كانت هناك معاملات بينهما، فلقد تزايدت حالات أضرت بالمواطن، وانتشرت المؤسسات التي يديرها وافدون تحت مسمى "مستثمر اجنبي" وذلك على حساب ابن البلد، وسأسوق أمثلة على ما يحصل من أرض الواقع، كما يلي:
- محل تجاري ناجح في بيع مواد البناء يعتمد على عمالة وافدة في البيع والشراء والشحن والتفريغ، وهناك مشرف عليه قام بتحويل بطاقته لمستثمر، وفتح محلا خاصا له في نفس مكان مؤسسته السابق، نافس فيه المواطن وقام بسحب عملائه الذين يتعاون معهم منذ سنين حتى خسر المواطن وأغلق مؤسسته.
- مؤسسة متوسطة أخرى تعمل في مجال مقاولات البناء والتشييد، انتقل مهندسها المشرف على المشاريع إلى شركة اخرى وأقنع العمال كذلك بالانتقال إلى تلك الشركة، فخسر صاحب المؤسسة عُماله وأعماله وعملاءه.
وهناك حالات كثيرة سمعت عنها كثيرا، وزد على ذلك قوانين التعمين والإحلال التي تتحايل الشركات الكبرى على تنفيذها وزيادة أعداد العمالة الوافدة فيها.
إنَّ قوانين بهذه الكيفية في انتقال نفس العاملين في القطاع الخاص لصيغة مستثمر يجب مراجعتها، خاصة وأن المتضرر منها هو الوطن، فبدل استفادة الوطن والمواطن من خيرات بلاده من خلال توافر الفرص التجارية والاستثمارية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي يستطيع المواطن العمل فيها، أصبح الكثير من الشباب باحثين عن عمل تلاحقهم الديون والخسائر، وأصبح الوافد هو المتسيد على هذا القطاع الحيوي المهم. كما أن حرية انتقال العامل الوافد من موسسة لأخرى بدون ضوابط تحمي صاحب العمل يجب أن تُراجع، فلقد كان القانون السابق أفضل بكثير في مسألة الحفاظ على حقوق الطرفين، لا سيما وأن بعض أصحاب الأعمال قدموا لهؤلاء العمال تدريبا خاصا، واستصدروا لهم تراخيص دفعوا فيها مبالغ كثيرة؛ مثل: رخص السياقة الثقيلة ورخص المعدات والآليات ورخص تمديد كهربائية ورخص فنية ومهنية كالأطباء والاختصاصين والفنيين.. وغيرها، لكن بين ليلة وضحها يصبح العامل في مؤسسة أخرى وبأريحية كبيرة ويضرب بعرض الحائط كل هذه الجهود التي بُذلت له؛ حيث يجب أن تكون تلك الفترة موثقة بين الطرفين ولا ينتقل العامل إلا بسداد كل المترتبات التي عليه.
وأخيرًا.. أتمنى من المسؤولين زيارة أصحاب وصاحبات الأعمال في الميدان والاستماع لكل التحديات التي يعانون منها، واتخاذ الإجراءات اللازمة ومراجعة كل القوانين المنظمة لسوق العمل، والتي تحفظ حقوق جميع الأطراف وأولهم المواطن، إذا أردنا تشجيع الشباب والمؤسسات الخاصة الصغيرة والمتوسطة وإيجاد فرص عمل مبشرة وجاذبة لأبنائنا الشباب الراغبين في ممارسة التجارة.
حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها ووفق شبابها نحو مستقبل زاهر ومشرق بإذن الله.