حصَاة في بحر عُمان الكبير

 

 

حمد الناصري

قد تُؤثر حصَاة في بركة صغيرة فتعكّر ماءها أو صَفاءها، ولطالما عُرفت سَلطنة عُمان بأنها أمّ البحار السِتّ، وحادثة صغيرة كهذه، لم ولن تُعكر صَفو مائها مَهما حاول المُغرضون تهويلها؛ فالجبل العُماني لنْ تهزّه ريح صَفراء ولا كل رياح الأرض.

وعُمان بها رجال يحمُونها بأرواحهم قبل أجسادهم فبوركت عُمان الأبيّة وبُورك شَعبها الوفيّ الشامخ العَصِيّ على المُلمات والمِحَن.

جاءت "حادثة الوادي الكبير" لتُثبت للعالم ما أشرنا إليه مِراراً وتكراراً أنّ هذا البلد قلعةً ثابتة ورصينة بأهله وقواته الأمنية البَطلة، وأنّ مُحاولات الأعداء ورياحهم الصّفراء سوف تتكسّر لا محالة على جُدران قلعتنا الحصينة مهما كان الوجه الذي يَلبسه العدو الضال الغاشم.

والحادثة كانت -وحسب شُرطة عُمان السُلطانية- عبارة عن إطلاق نار من أحد المَباني تجاه مجموعة من الوافدين المُتجمهرين لإحياء ذكرى عاشوراء، وأدَّى إلى مَقتل خمسة منهم ومَقتل الجُناة الثلاثة الذين تبيّن أنهم ثلاثة إخوة عُمانيون ضَلّوا طريقهم وانحرفوا عن جادة الصواب، وأصْبحوا أداة بيد قُوى الظلام ضِد وطنهم وشعبهم، كما أدَّى الحادث إلى استشهاد عنصر من شُرطة عُمان السلطانية وهو يقوم بواجبه المُقدس في حماية أمن وسلامة الوطن والشعب وجُرح أربعة من مُنتسبي الدفاع المدني الأبطال، وعدد آخر من الوافدين والمُواطنين.

والحادثة رغم بساطتها، تمكَّنت أجهزة الشُرطة من حَسْمها والقضاء على المُعتدين في دقائق إلاّ أنْ المُتصيدين في الماء العكر جعلوا منها حدثاً مُخيفاً، وألّفوا فيه قِصَصاً وأساطير لا يَعقلها عاقل.

إنَّ قيادتنا الرشيدة ممثلة بمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- لطالما أكّدت على أنّ سَلطنة عُمان دولة السلام والحُرية، وأنّ سياستها كانت وستبقى سياسة مُحايدة وداعمة للاستقرار في المنطقة ولكلّ العالم، ولها مواقف كثيرة ومَشهودة في هذا الشأن، كما أعْلَنت مَوقفها الثابت في نبذ وإدانة كلّ أشْكال التطرف والتعصّب الديني أو القومي وبكل أشكاله.

إنَّنا وفي هذا البلد الآمن القوي بالله وبرجاله الذين وهبوا أنفسهم للذّود عن حياض الوطن الطاهر "رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه"، رجال لم ولن يترددوا في التضحية بدمائهم وأرواحهم لتبقى عُمان واحة الأمن والأمان.

ومن كان يَحلم أنّ أحداثاً كهذه ستغير من تمسّك العُمانيين بوطنهم وبقضايا أمّتهم، فأحْلامه ستطير مع خفافيش الظلام، ومع أوّل بصيص لنور الشمس العُمانية الساطعة.

إنَّنا واثقون تمام الثقة بالأجهزة الأمنية البطلة ومهنيّتها وحصانتها وثقتنا مُطلقة في أجهزتنا المُخلصة بوفائها وعهدها، بأنه حتى العصافير في بَلدنا آمنة مُطمئنة لا يُعَكّر صَفو وداعتها مُعَكّر ولا يُهدد أمْنها عدو أو كائد.

وجوهر القول.. إنّ دولة عُمرها آلاف السنين وشعباً تمرَّس على مُواجهة الصُعوبات والمِحَن لنْ تُعَكّر صَفو مياهها حصاة صَغيرة ولا كائناً مَن كانَ ويكون، وأنّ أهل عُمان أثبتوا للعالم أنّهم هُم مَن يُعَلّم البشرية الدروس في الثبات والمَنعة.

تعليق عبر الفيس بوك