تثبيت موظفي "ساهم".. العدالة والاستقرار

 

 

سلطان بن محمد القاسمي

شهدت السنوات الأخيرة تحولًا جذريًّا في هياكل العمل وظروفه؛ حيث أصبحت العقود المؤقتة والنظام التعاقدي أكثر انتشارًا من أي وقت مضى. وفي هذا السياق، تبرز قضية موظفي "ساهم" كواحدة من القضايا الملحة التي تتطلب الاهتمام الجاد والنقاش المفتوح. هؤلاء الموظفون الذين بذلوا قصارى جهدهم وقدموا الكثير من العطاء لدفع عجلة التنمية في بلدهم، يطالبون اليوم بتثبيتهم في وظائفهم بعد انتهاء عقودهم المُؤقتة. هذه المطالب ليست مجرد رغبة في الأمان الوظيفي، بل هي ضرورة لتحقيق العدالة لهؤلاء الموظفين وأسرهم.

إن تثبيت الموظفين ليس مجرد إجراء إداري، بل هو حق أصيل لكل من أثبت جدارته واجتهاده في عمله. حيث إنهم عملوا بلا كلل، كانوا ركيزة أساسية في تحقيق الأهداف التنموية للمؤسسة. لذلك؛ فإن تثبيتهم يعني منحهم الاستقرار الذي يحتاجونه لضمان مستقبلهم ومستقبل عائلاتهم، ويعد اعترافًا بجهودهم وتقديرًا لمساهماتهم.

وعلى الرغم من أن العقود المؤقتة قد توفِّر مرونة للمؤسسات، إلا أنها تحمل في طياتها تحديات كبيرة للموظفين؛ حيث إنَّ فقدان الاستقرار الوظيفي يخلق حالة من القلق المستمر بشأن المستقبل المهني؛ مما يؤثر على الحياة الشخصية والاجتماعية، ويُصبح من الصعب التخطيط لمستقبل طويل الأمد، سواء كان ذلك في شراء منزل، أو تعليم الأبناء، أو حتى التخطيط للتقاعد. كما إن غياب الاستقرار الوظيفي أيضًا يحرم الموظف من الشعور بالأمان، وهو حق أساسي لكل إنسان.

ولكم أن تتخيلوا أنَّ موظفًا يعمل لمدة سنتين بكل جهد وتفانٍ، غير ضامن لمكانه في المؤسسة. كيف سيكون شعوره؟ إنه شعور دائم بالقلق وعدم الأمان، حيث تتلاشى الثقة في المستقبل. هذا الموظف، رغم تفانيه في أداء مهامه وإسهامه الكبير في تحقيق الأهداف، يعيش في حالة من الترقب المُستمر، غير قادر على التخطيط لمستقبله أو مستقبل عائلته. الشعور بعدم الاستقرار هذا يُمكن أن يؤدي إلى تراجع في معنوياته وإنتاجيته، مما ينعكس سلبًا على أدائه المهني.

لقد قدَّم موظفو "ساهم" الكثير خلال فترة عملهم، وأظهروا تفانيًا واجتهادًا في أداء مهامهم، مما أسهم بشكل كبير في تحقيق الأهداف المؤسسية؛ لذلك فإنَّ تثبيتهم ليس فقط اعترافًا بجهودهم، بل هو تقدير لمساهماتهم. دون هذا التقدير، قد يشعر الموظفون بأن جهودهم لا تلقى الاعتراف المستحق؛ مما يؤدي إلى تراجع في معنوياتهم وإنتاجيتهم.

لذلك؛ فإنَّ الاستقرار الوظيفي له تأثيرات إيجابية واسعة النطاق على المستوى الاجتماعي والنفسي. حيث إنَّ الموظف المستقر يكون أكثر قدرة على التفاعل الإيجابي مع مجتمعه، وبناء علاقات صحية ومستدامة. وعلى الصعيد النفسي، يقلل الاستقرار من مستويات التوتر والقلق، مما يُسهم في تحسين الصحة العامة للموظف، وهذا ينعكس بدوره على الأداء المهني؛ حيث يصبح أكثر إنتاجية وتركيزًا.

إن تحقيق مطالب موظفي "ساهم" يتطلب تعاونًا مشتركًا بين جميع الأطراف المعنية. ويجب على المسؤولين في المؤسسات والهيئات الحكومية أن يدركوا أهمية هذه القضية، وأن يعملوا معًا لضمان تحقيق العدالة لهؤلاء الموظفين، وأن الحلول يجب أن تكون شاملة ومستدامة، بحيث تضمن استقرار الموظفين وفي الوقت نفسه تساهم في تحقيق الأهداف المؤسسية والتنموية.

وفي الختام.. إنَّ تثبيت موظفي "ساهم" ليس مجرد إجراء إداري، بل هو قرار إنساني يعكس احترامنا وتقديرنا لجهودهم وتفانيهم. إنه خطوة نحو تحقيق العدالة والاستقرار، وهو حق أساسي لكل موظف. دعونا نتكاتف لتحقيق هذا الهدف النبيل وضمان مستقبل مشرق لهؤلاء الموظفين ولمجتمعنا ككل. نسأل الله أن يوفق موظفي "ساهم" في تحقيق مطالبهم العادلة، وأن يمنحهم الاستقرار والراحة النفسية التي يستحقونها، ونسأله أن يعين كل من يسعى بجد وإخلاص في سبيل تحقيق مستقبل أفضل لنفسه ولأسرته، وأن ييسر الأمور لكل باحث عن عمل، ويرزقهم الوظائف التي تلبي طموحاتهم وتحقق لهم الأمان والاستقرار. إنه سميع مجيب الدعاء.

الأكثر قراءة