الشغف.. مفتاح الإبداع والنجاح

 

 

أسماء بنت سليمان الشحية

من الرائع أن نكافئ أنفسنا على الإنجازات، وأن نبدع في سبيل الرضا عن ذواتنا؛ حيث إننا نبحث دائماً عن الشغف ليكون الشرارة التي تلهمنا، تدفعنا، وتحلق بنا إلى آفاق واسعة، حيث نستطيع اكتشاف الطريق الذي يقودنا للتعلم والإتقان، ونتقن أسلوباً أروع نستكمل به مسيرتنا في الحياة.

إنَّ الشغف هو الدافع الذي يجعلنا نبحث عن الإبداع في كل جانب من جوانب حياتنا، فهو نعمة تبعث فينا الهمة، وتشغل مولدات الطاقة الداخلية لدينا لتعمل بجهد واجتهاد.

نحن نسعى دائماً للتميز والتفرد في كل ما نقوم به، لكننا قد نجد أن جهودنا لا تصل إلى بصيص الأمل المرجو في التفرد إذا لم نتمكن من إيجاد مفاتيح تشغيل طاقاتنا القصوى. يعجبني الشغف الذي أراه في زملائي في العمل، حتى لو اختلفت الأهداف التي يسعون لتحقيقها. ذات يوم شدني كثيراً اجتهاد زميلة لي في العمل، التي كانت شغوفة بتعلم لغة الإشارة، وهي لغة تمنيت إتقانها لما لها من دور كبير في فهم متطلبات مراجعي من فئة الصم والبكم.

حاولت تعلم الأحرف والأرقام واستطعت حفظها، ثم تدرجت لحفظ بعض الكلمات والأماكن. ومع ذلك، ما زلت في بداية الطريق لتعلمها. وفي هذه اللغة، هناك تكنيك خاص، حيث إنَّ أي خطأ يمكن أن يغير المعنى تماماً. هذه الزميلة لم تنتظر الموارد من العمل لتسعفها في تعلم اللغة، بل كان شغفها هو المحفز الأول لها. كانت تبتكر طرقاً لتعلمها، تتعلم ما تستطيع ثم تطبقه مع المراجعين، فيصححون لها ويعلمونها كلمات جديدة تضيفها إلى قاموسها الشخصي.

رأيتها تتحاور معهم عبر الفيديو لإنهاء معاملاتهم، تزورهم بعد ساعات الدوام لتتعلم وتتقن. كل يوم كانت تخطو خطوة نحو الإتقان والاحترافية. أعجبني إصرارها وحبها لتعلم هذه اللغة. حواراتها معهم أصبحت أكثر سهولة وسلاسة، وبوقت قياسي أصبحت اللغة جزءاً من مهاراتها الأساسية. كان حرصها غير المتناهي على التعلم، واصرارها الشديد، هما العاملين الرئيسيين في تحقيقها لهذا النجاح.

تلك الزميلة كانت مثالاً يحتذى به في الاجتهاد والشغف. لم تكن تلقي جهداً لتعلم شيء جديد. كانت تشاركنا بكل ما تتعلمه، وتحرص على تعليمنا إياه. فقط الشخص المدرك لأهمية ما بين يديه هو من سيشعر بقيمة هذا العلم والمعرفة. كان شغفها وإصرارها هما الدافعان الأساسيان لنجاحها في تعلم لغة الإشارة بهذه السرعة والكفاءة.

نحن جميعاً نحتاج إلى أن نبحث عن الشغف في حياتنا، سواء كان ذلك في العمل، أو في الأنشطة اليومية، أو في العلاقات الشخصية. الشغف هو ما يحول الجهد العادي إلى إبداع استثنائي. إنه القوة التي تجعلنا نتعلم، نتطور، ونسعى لتحقيق الأهداف بغض النظر عن العقبات التي قد تواجهنا.

عندما نجد شغفنا، نبدأ في رؤية الأمور بشكل مختلف. نرى الفرص بدلاً من التحديات، ونرى الإمكانات بدلاً من العوائق. الشغف يفتح لنا أبواباً جديدة، ويمنحنا القدرة على الإبداع والابتكار. إنه يعطينا القوة لنواصل السعي نحو أهدافنا، حتى عندما تكون الطريق صعبة.

وفي نهاية الأمر.. الشغف ليس مجرد دافع، بل هو نمط حياة. هو ما يجعلنا نستيقظ كل صباح بشغف لتحقيق شيء جديد. هو ما يجعلنا نستمر في العمل بجد، حتى عندما نشعر بالتعب أو الإحباط. هو ما يجعلنا نرى الجمال في كل ما نقوم به، ويدفعنا لنكون أفضل نسخة من أنفسنا.

فلنحرص جميعاً على اكتشاف شغفنا، ولنسعى دائماً لتغذيته وتنميته. لنكن مثل تلك الزميلة التي لم تترك عائقاً يقف في طريق شغفها، بل جعلت منه دافعاً لتعلم المزيد. دعونا نكون شغوفين بما نقوم به، ولنجعل من شغفنا وقوداً يدفعنا نحو تحقيق أهدافنا وأحلامنا. الشغف هو مفتاح النجاح، فلنبحث عنه ولنتمسك به، لأنه هو ما سيجعل حياتنا مليئة بالإبداع والإنجازات.

تعليق عبر الفيس بوك