ناصر بن سلطان العموري
abusultan73@gmail.com
من منَّا لا يعرف وادي الشاب.. الوادي المتموِّج الذي يعانق شاطئ البحر عناقًا أبديًا يرفده شلال مياه دائم الجريان ويقطع مجراه ما بين الصخور اللامعة الملساء والأشجار الباسقة وارفة الظلال مسافة أكثر من ثلاثة كيلومترات مكونة بحيرة تعانق شاطئا ذهبيًا لبحر عُمان.
يقع وادي الشاب بنيابة طيوي التابعة لولاية صور، والتي اكتست عراقته من جارته قلهات التاريخية التي يُذكر أنها أول عاصمة سياسية لعمان، وبها ضريح بيبي مريم المدرج ضمن قائمة التراث العالمي. وتبعد طيوي قرابة الـ150 كيلو عن العاصمة مسقط، مما شجع السياح لتكون وجهتهم الثانية بعد العاصمة مسقط، ويعتبر وادي الشاب وجهة مثالية للسياحة المتعددة مثل سياحة المغامرات وسياحة الاستجمام، كما أنها تناسب جميع الفئات شبابية كانت أو عائلات.
وصلتنا عبر إيميل العمود مناشدة وطنية طرحها شاب غيور على منطقته وبلده يتمنى بلا شك الأفضل والأرقى لها.. نطرح المناشدة كما جاءت من باب الأمانة الصحفية كما عودناكم:
"هل تعلم عزيزي القارئ أنه تم إطلاق كلمة سياحي على وادي الشاب ليكون اسمه وادي الشاب السياحي بقرار من مجلس الوزراء، بل إنَّ هناك طائرة من طائرات الطيران العماني أُطلِق عليها وادي شاب نظرا لشهرة هذا الوادي الذي بلغت الآفاق.
يقع وادي الشاب على منفذ جنوب الشرقية البحري من جهة ولاية صور يتاخم محافظة مسقط ويمر به جسر مهيب ذات أعمدة طويلة لطريق سريع يربط بين طريق ولاية قريات التابعة لمحافظة مسقط وولاية صور بجنوب الشرقية، وغالبا ما تقف السيارات وزوار الوادي بالأسفل لتقلهم القوارب التقليدية إلى داخل أعماق وأغوار الوادي المليء بالمناظر الجميلة.
وادي الشاب يتميز بوجود بحيرة عميقة مياهها عذبة بفضل الله تعالى لا تنضب أبدا تظلها جبال شاهقة تطل على برج تاريخي قديم وشرقها أمواج بحر تتلاطم بها أحيانا فتغلب عذوبة مياهها على مياه البحر، إضافة للعيون والينابيع التي تزيدها عذوبة.. إنها البحيرة الكبرى والعذبة لوادي الشاب.
فعند دخولك لمسار الوادي بين ظلال النخيل والأشجار وجداول مياه والصخور الملساء والطيور المتنوعة، يُخيَّل إليك كأنك في محمية طبيعية لم تطأها قدم بشر. ولمن لا يعلم، فإنَّ وادي الشاب أقيمت فيه فعاليات شركة ريد بول العالمية؛ حيث ختام المسابقة العالمية للقفز الحر عام 2012م.
والوادي يستقطب عشرات الزوار إن لم يكن المئات يوميًّا، ومن أشهر الشخصيات العالمية التي زارت الوادي كان الملك تشارلز الثالث عام 2001م.
وبعد أن استعرضنا عليكم المزايا التي يتمتع فيها وادي الشاب، آن الأوان لكي يأخذ نصيبه من التطوير من جانب وزارة التراث والسياحة، وكون مسار الوادي المؤدي للبرك المائية متاخمًا وقريبًا للغاية من مزارع سكان المنطقة، فأرجو مراعاة ما يلي:
- منح تصاريح لمزاولة أنشطة تجارية بمزارعهم، وتكون منظمة وفق الاحتياج، وسهلة الاستخراج بعيدة عن التعقيد، وتنافسية، مع طرح أفكار لهم لإنجاح مشاريعهم الرائدة، يتبناها المزارع وتحتضنها المؤسسات الحكومية؛ مثل: المطاعم ودورات المياه والغرف التراثية والمنتجات الحرفية والمكتبات والتصوير الاحترافي...وغيرها من الأنشطة التي تهم السائح.
- إنشاء مكتب متعدد الأغراض يحتوي على مكتب إرشاد سياحي وفرق إنقاذ كون الوادي يحتوي على برك مائية عميقة، وكذلك توفير فرق نظافة للعناية بجمال الوادي ونظافته.
- توفير الخدمات للزوار من دورات مياه للجنسين ومصليات مع توسعة الطرق الداخلية المؤدية لوادي شاب، مع زيادة عدد مواقف السيارات ليتماشى مع العدد الكبير من مرتادي المكان.
- وضع لوحات إرشادية بعدة لغات تحتوي على قوانين وتشريعات تحافظ على طبيعة الوادي وطبيعة ونظافته.
- عمل ما يلزم من حمايات وكواسر لتجنب سرعة المياه عند نزول الأمطار، وذلك بعمل كاسر التيار المائي الشديد بموقع "عجمة الريحاني" وكاسر بموقع "كت مربح"، واللذين يقعان بعد بركة الشلال التي يقصدها العديد السياح.
- إنشاء جسر يساعد أصحاب القوارب التقليدية في رفد الوادي بمزيد من السياح، وخاصة الأسر العمانية التي غالبا ما تتراجع من دخول الوادي بعد علمها بأنَّ السبيل الوحيد للوصول للوادي هي قوارب بدائية أو الخوض في المياه الضحلة.
- الاهتمام بالبحيرة التي تقع تحت الجسر على غرار البحيرات بالدول السياحية الأخرى مع توفير كائنات فطرية كحديقة للغزال والوعل وكل ما يتوافر لدى المزارع من مواشٍ وأغنام وطيور لتكون رسوم الدخول لصالحهم كدخل إضافي.
- مراعاة الرسوم التي تؤخذ من المشاريع الأهلية القائمة؛ مثل: مقهى وادي الشاب، كمشاريع وطنية، فمن غير المعقول أن يكون إيجاره الشهري 400 ريال وهو مُبالغ فيه، ولا يتناسب مع الدعم والتسهيل لرواد الأعمال وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
همسة لوزارة التراث والسياحة: وادي الشاب كنز طبيعي وذو ثروة سياحية لو استغلت الاستغلال الأمثل مع، مراعاة أن يكون لسكان المنطقة دور رئيس في هذا التطوير فهم أصحاب المنطقة وأبناء البلد والأولى في الاستفادة من المشاريع السياحية عوضا عن المستثمر الأجنبي". (انتهى كلامه)
مُناشدة أعتقد أنَّها أوضحت احتياج وادي الشاب للاهتمام والتطوير؛ باعتباره أيقونة سياحية متفردة من حيث تضاريسه وما يحتويه من جمال طبيعي أخَّاذ حباه الله للمنطقة، ومن هنا على الجهات المختصة بالتطوير السياحي -سواء حكومية كانت أو خاصة- أن يأخذ وادي الشاب حقه في التطوير والترويج السياحي، وأن يكون من ضمن الخريطة السياحية العمانية، مادام أنَّه يستقطب مئات الزوار يوميًّا؛ فالسياحة يجب أن تكون متنوعة طوال العام، ومن باب الاعتراف بحق أصحاب الأرض، أتمنى من وزارة التراث والسياحة الجلوس مع المواطنين من سكان نيابة طيوي، ومعرفة آرائهم واحتياجاتهم فيما يتعلق بتطوير وادي الشاب؛ فمن خلال اكتمال الأفكار والرؤى بين القطاعين الحكومي والأهلي ينعكس ذلك إيجابًا بما يعود بالنفع على الصالح العام.