إبراهيم بن سالم الهادي
سأتحدث بلغة بسيطة دون فلسفة، هل وقفنا مع أنفسنا لحظة تأمل في أن يفيق أكثر من 100 ألف شاب من نومهم كل صباح ولا يجدون معهم ريالًا واحدًا يقضون به مآرب حياتهم؟ هل تخيلنا وضعهم كيف يعيشون دون دخل شهري؟ هل وضعنا كل هذا العدد الذي يزداد يومًا بعد يوم في الحسبان؟! أليست كل هذه الأعداد خطرًا اجتماعيًا يُمكن أن يُهددنا في أي لحظة نتيجة الإحباط الذي يزامنهم صباح مساء؟! هل وضعت المؤسسات المعنية هذا الجانب ضمن أولوياتها؟
لا أحد مِنَّا- بالطبع- ينتقد سير العمل الذي لم تألُ فيه الحكومة جهدًا دون توقف، لكن ازدياد أعداد الباحثين بأرقام لافتة يجعلنا نعيد التفكير في مضي فترة طويلة حالت دون استيعاب الباحثين عن عمل، ونحول فيها مسار التفكير والخطط الى استراتيجيات حديثة تحول العمل إلى اقتصاد ناتج يفرز الوظائف الشاغرة، مُستثمرًا طاقات الشباب المُهدرة ليتضاعف المردود الوطني، وعلينا أن ندرك أننا في زمن يكشف المجتمع فيه حقيقة الأرقام التي تعلنها وزارة العمل بين حين وآخر؛ فالمجتمع اليوم واعٍ جدًا بما يحدث أمامه، ولا يمكن أن تغيب عنه حقيقة أن الأرقام تتناقض مع الواقع!
ففي ظل الوضع الحالي كنت أتمنى أن تعكف وزارة العمل على دراسة جديدة لإيجاد حلول لزيادة الفرص الوظيفية بالتعاون مع الجهات المعنية عن تنمية الاقتصاد الوطني؛ لتساعدها على إكمال دورها في تسجيل استمارات التوظيف وأن تُقدِّم مقترحات وأفكارًا جديدة لمجلس الوزراء لتخرج بخطة شاملة تشترك فيها وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار ووزارة الاقتصاد؛ فالمُجتمع اليوم ليس بحاجة إلى خطابات رنانة؛ بل يحتاج إلى توفير وظائف حقيقية يستطيع من خلالها الفرد أن يعيش في وطنه مُعززًا مُكرمًا، وأن يُكمِل المسير في بناء الوطن، وهذا حق كفله له النظام الأساسي للدولة.
الحلول كثيرة والأفكار والمقومات والعناصر متوفرة، لكن الهمة والعزيمة والجدية كما يبدو تحتاج إلى إنعاش لتفيق وتدرك أن الوطن به من الخير المهدور الكثير، ويحتاج إلى من ينفض عن بدنه غبار الكسل في الجسد والذهن. وقد نبَّهتُ في مقال سابق إلى خطورة ازدياد أعداد الباحثين عن عمل في الوطن وربط الأرقام بمؤشر ارتفاع الجرائم في مُجتمع لا يجب أن نسمع في محيطه عن خبر جريمة هنا أو هناك صغيرة كانت أم كبيرة.
هذا الملف الساخن لا يجب أن يوضع على أرفف الإهمال أو أن يذهب طي النسيان؛ كونه يلامس طاقات بشرية وطنية مهدورة؛ بل يجب أن يوضع على رأس الأولويات ويُصنع له اقتصاد جديد مُستدام من خلال تعزيز ورفع أداء القطاع الخاص إلى مستوى يستطيع فيه استيعاب الباحثين عن عمل، ووضع حوافز وتسهيلات لهذا القطاع بمختلف مجالات العمل فيه، من أجل الدفع به نحو النمو وفتح مشاريع ذات إنتاجية عالية تصب في صالح اقتصادنا الوطني.