مجلس الحرب الإسرائيلي.. إلى أين؟

 

محمد رامس الرواس

من سُنن الله في الأرض أن المعارك التي يخوضها عباده المؤمنين لا تحتاج إلى أعداد كبيرة من الجُند والسلاح، بقدر ما تحتاج إلى وجود فئة معينة ذوي إرادة قوية صامدة، جاهزين ومستعدين وصابرين، من أصحاب العزيمة والإيمان والإرادة الصلبة عند احتدام المعارك.

لقد أصبح مجلس الحرب الإسرائيلي المتطرف يفقد كل يوم واحدة من أدواته الاستراتيجية والعسكرية في حرب غزة، ويتساقط من حوله كل حين حلفاؤه المقربون ويتجنبه المجتمع الدولي، ولم يعد معه سوى الولايات المتحدة تناصره، فأصابه التخبط وفقدان السيطرة وعدم التركيز وعدم الاستماع حتى إلى أقرب حلفائه، وأصبحت رفح الفلسطينية التي كان يُهدد من عدة أسابيع بدخولها تؤرِّقه اليوم، في ظل ما يتكبده فيها من خسائر باهظة كان قد تم تحذيره منها من خلال تقارير تحليلية واستراتيجية وعسكرية. لكن إصراره على دخول رفح الفلسطينية كان يقوده فيها قدره الذي أوقعه في معضلة كبرى لم يكن ليحتاجها فوق ما كان يعانيه من مظاهرات واحتجاجات داخلية من أهالي وذوي الأسرى الذي يطالبون بوقف الحرب فورًا، وعودة أبنائهم واستقالة الحكومة، هذا بجانب الاحتجاجات الطلابية التي انتشرت بشكل غير مسبوق بين طلبة الجامعات في أمريكا وأوروبا يطالبون بوقف الحرب ووقف دعم جامعاتهم لدولة الكيان الإسرائيلي، أضف إلى ذلك تقديم طلبات إصدار مذكرات اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية بحق بعض أعضاء مجلس الحرب الإسرائيلي، جراء ما قاموا به من جرائم حرب، ناهيك عن ظهور المقابر الجماعية قرب المستشفيات بغزة والتي ارتكبها جيش الاحتلال، إضافة إلى نزيف الاقتصاد الإسرائيلي، وغيره الكثير من عوامل الانهيار وبوادر الفشل لمجلس الحرب وجيش الاحتلال وبالتالي للكيان الإسرائيلي.

"نبي الغضب".. هكذا ينادونه في الصحافة الإسرائيلية، إنه الجنرال المتقاعد إسحاق بريك، ذو الخمسة وسبعين عامًا صاحب النبوّة الشهيرة التي أطلقها قبل "طوفان الأقصى" تنبأ فيها بما سيحصل في السابع من أكتوبر، ولم يستمع إليه أحد حينها، لكن رئيس مجلس الحرب اجتمع معه قبل تحرك الجيش الإسرائيلي باتجاه رفح بغية احتلالها وتحرير الأسرى والقبض على قيادات حماس حسب زعمه، لكن الجنرال بريك نصحه بشدة حينها بعدم الإقدام على هذه الخطوة وأخبره أن رفح ستكون مصيدة كبرى للجيش الإسرائيلي، وقد تكون المسمار الأخير في نعش الجيش، فأحجم مجلس الحرب موقتًا لبعض الوقت عن قراره، لكن سبحان الله، أقدار الله أقوى من أي نبوة أو نصيحة، فقد تحرك جيش الاحتلال الإسرائيلي ووقع في مصيدة رفح، تلك المدينة الصامدة برغم الغارات الجوية والقصف المكثف الذي يرتكبه جيش الاحتلال إلّا أن المقاومة تلقنه على الأرض دروسًا تستنزفه يومًا بعد يوم وبدون توقف، لأن رفح المدينة التاريخية التي لا تتعدى مساحتها خمسة كيلومترات مربعة، والتي يعمل سكناها بالتجارة؛ كونها قريبة من المعبر الحدودي مع مصر، وبالصيد لقربها من شاطئ غزة، ذات المناخ الذي يميل إلى الأجواء الصحراوية، بينما سكانها من البدو والمهاجرين من شمال وجنوب غزة بموقعها التاريخي وبرجالها الشجعان، أصبح يتحقق فيها وعد الله: "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، والله مع الصابرين".

وللحديث بقية،،

الأكثر قراءة