موظفو "ساهم" يترقبون تحديد المصير

 

 

ناصر بن سلطان العموري

abusultan73@gmail.com

 

يظلُّ الحصول على وظيفة من أهم أحلام جيل اليوم، خصوصا أولئك الذين أكملُوا تعليمهم وحصلوا على درجات جامعية، وبعضهم دراسات عليا، فما بالكم بمن هم أصلًا محسوبون أنهم في عداد الموظفين منذ مُدة ليست بالقصيرة، واكتسبوا من الحنكة الوظيفية والمهارات الإدارية الكثير، فهم لا يقلُّون عمَّن سبقهم في الخبرة علمًا وفهمًا وأداءً والتزامًا، حتى أصبحت الجهات الحكومية تعتمدُ عليهم اعتمادًا تامًّا، لما أضافوه من جودة في مجال عملهم وهمَّة ونشاط وفاعلية، فهم ليسوا عددًا زائدا كما يعتقد البعض، بل مكسب إداري ووظيفي يُقدِّم إضافةً قيمةً تفخر بها الحكومة في كل قطاعاتها.

أتحدَّثُ هنا عن موظفي "ساهم"؛ الذين حتى هذه اللحظة ما زالوا مُعلَّقين، لا يعرفون مصيرهم: هل إلى استقرار الوظيفة الدائمة؟ أم شقاء وشتات البحث عن عمل مرة أخرى؟ خصوصًا وأنَّ عقودهم تنتهي بعد أشهر معدودات بنهاية هذا العام.

مُوظفو "ساهم" أصبحُوا الشغلَ الشاغلَ لمواقع التواصل الاجتماعي، وسوالف المجالس، ودردشة المنتديات؛ فالعدد ليس بالقليل إنهم 5000 موظف، لكن في الوقت نفسه لا أعتقد أن تعيينهم سيُكلِّف الحكومة الكثير، في ظل الأخبار والإحصائيات التي تشير إلى تعافي الموازنة العامة للدولة وتحقيق فوائض ووفورات مالية.

ومن الجميل ضخ العناصر الشابة في الجهاز الإداري للدولة، بجانب من سبقوهم بالخبرات لصنع جيل قادر على إدارة دفة رؤية "عُمان 2040" بكل جدارة واقتدار. هؤلاء الشباب الذين تعاقدت معهم الحكومة وفق نظام "ساهم"؛ هم أبناء البلد وليسوا عَمَالة وافدة يتمُّ الاستغناء عنهم متى ما انتهى العقد. إنَّهم مواطنون لهم حق العمل وحق الوظيفة وحق الحياة الكريمة، دون الحاجة لعرض حقوق المواطن وسردها.

موظفو "ساهم" منهم من اضطرته الحاجة وأجبرته على التزامات مختلفة، ومنهم من كوَّن أسرته الصغيرة براتبه الضئيل وعقده المؤقت، وهم بلا شك وافقوا على ذلك في ظل ظروف معيشية صعبة، وفي ظل وجود قوائم للباحثين عن عمل مُتخمة بأعداد كبيرة تنتظر دورها.

وزارة العمل قامتْ مشكورة بمعالجة تزايد أعداد الباحثين عن عمل بفكرة التعيينات عبر عقود قصيرة المدى، لكن يجب عليها تكملة دورها في متابعة مصيرهم مع وزارة المالية، حتى لا يتحولوا إلى مُسرَّحين عليهم التزامات مالية وعائلية، ونعود لقضايا مسلسل المحاكم.

إنَّ تشغيل الطاقات الشابة سيُسهم مساهمةً فاعلة في الاقتصاد؛ من حيث: زيادة القوة الشرائية، وانتعاش الاقتصاد، وزيادة مداخيل الدولة من الاستقطاعات التي تتم على رواتب العاملين.

ونتيجة لعدم وضوح الرؤية بالنسبة لموظفي عقود "ساهم"، فقد أصبحتْ هناك حالة من التشويش والضبابية وعدم تركيز للأعمال المسندة إليهم، خصوصًا أولئك الذين لديهم التزامات مالية، في ظل مستقبل غير واضح المعالم، وأصبح الشغل الشاغل لديهم معرفة تحديد مصيرهم المُعلَّق بعقود عمل قاربت على الانتهاء. ونتيجة لذلك، ظهر "ترند " على منصة "إكس" باسم "موظفو ساهم يناشدون السلطان هيثم)؛ فمن لهم من نصير بعد الله سبحانه، سوى سلطان البلاد المفدى -حفظه الله ورعاه.

لا يَجِب رمي الكُرة في ملعب الجهات الحكومية كما يُتداول، فمن يُرِد من المؤسسات الحكومية تثبيت موظفي "ساهم"، يحق لها ذلك من موازنتها الخاصة، ونحن نعلم تمام اليقين أنَّ موازنات الجهات الحكومية ليست كلها سواء من حيث المقدرة المالية؛ بل إنَّ من الموظفين من خاطب جهة عمله المُعيَّن فيها وكان الجواب الفضفاض أنَّ الموضوع قَيْد الدراسة لدى وزارة المالية، فيجب إذا صحَّ ما يُتداول أن تقوم المالية بتعزيز موازنات الجهات الحكومية.

موظفو "ساهم" وغيرهم من أصحاب العقود المؤقتة باختلاف المسميات، والموزعين على شتى الجهات الحكومية، يستحقُّون الاستقرارَ الوظيفيَّ والنفسيَّ؛ كونهم جيلَ الغد وعمادَ المستقبل الوظيفي، وما يقدمونه إضافة قيِّمة في تجويد العمل للأفضل.

ونحن عبر هذا المقال نوجِّه مناشدة لأصحاب القرار وولاة الأمر، وكل مسؤول وصاحب قرار في هذا الوطن، بضرورة تثبيت هؤلاء الشباب، لا سيما بعد تحسُّن موازنة الدولة وتعافيها؛ فخير الدولة يجب أن يعود أولًا وأخيرًا لأبنائها دون استثناء.

وأعتقد أنَّ الأوان قد آن لإبهاج هؤلاء الشباب، ومنحهم الحق لتخطيط مستقبلهم، والشروع في بناء حياتهم؛ فالوظيفة هي القاعدة التي تقوم عليها حياة الإنسان؛ بل هي حياته ومستقبل أولاده وأسرته. رفقًا بهؤلاء الشباب، امنحوهم الحياة ليمنحونا عملًا وعطاءً وبناءً ونورًا لهذا الوطن.

حفظ الله عُمان وسلطانها، وبارك في أهلها وخيراتها.