ما بين السلام والحرب

 

 

 

د. جمالات عبدالرحيم **

 

يجب أن يفهم العالم كله أنَّ "السلام" اسم من أسماء الله الحسنى، وقد أوصى الله الأنبياء بالسلام؛ فكيف لا يعترفون برسالات الأنبياء جميعاً؟ كيف يُعلنون أمام العالم أنهم دعاة سلام مثل أمريكا وإسرائيل؟

إنَّ الواقع الأليم أنَّ أمريكا تدعم الاحتلال الصهيوني، وتشجع على إعلان الحروب على المنطقة العربية، فكيف في نفس الوقت تدَّعي السلام مع الدول العربية ومن ناحية أخرى تجمع حلفاءها لمحاربة الشعب الفلسطيني، فتنشر الإرهاب في المنطقة العربية لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة بأكملها؟!!!

فعن أيِّ سلام تتحدث أمريكا التي تحاصر المنطقة العربية عن طريق الترسانة النووية، وتحالفها الدفاعي مع تركيا لحصار المنطقة، ودفاعها نحو مزيدٍ من التهديد ووضع الاستعداد الذي تتَّخذه طوال الوقت لتُثير المواطنين في مصر حينما تقتل أهالي غزة، فأصبح المواطن المصري كذلك في حالة توتُّر مستمر ورفض لأي عنف تفعله أمريكا وإسرائيل والعصابه الدولية مع أهالينا في غزة؛ حيث أصبح الوضع حرجًا جدًّا نظراً لعدم وضوح الرؤية في هذه المرحلة التاريخية الصعبة.

لقد أصبح الفعل السياسي يأتي ليُناسب الواقع، فلا تطمينَ أو تهدءة بينما البركان  يغلي من تحتنا جميعا.

كما أنَّ الإعلام السليم المثمر هو الإعلام الذي يتحدَّث عن الواقع ولا يغرق في الأحلام ولا يغني مع الأماني والشعارات، ولا يرقص في محافل الطلاب والزُّمَر ومن تحته براميل من البارود.. بعيدًا عن الهوس بما يدور في خلفية المشهد التاريخي بالتفاوض الذي يتصافح فيه الأطراف ويتبادلون الابتسامات الباهتة بينما الدماء تغطي وجوهَ الأبرياء على أرض الواقع في غزة التي هي جزء لا يتجزأ من أرض فلسطين العربية.

وبدون أدنى مجاملة، يجب أن يصل إلى الناس حقيقة ما تفعله أمريكا وإسرائيل في ضحايا الحروب؛ حيث أن العرب يواجهون روحا عدوانية وراءها الجبروت الأمريكي بتأييد أوروبي وعالم يتفرج في سلبية عجيبة.

وكيف للغرب أن يدَّعي الصداقة مع الأنظمة العربية، ومن ناحية أخرى يتعاون مع الاحتلال الصهيوني بمساندة أمريكا؟ لماذا يتسلَّح الغرب بالترسانة النووية والميكروبية والكيماوية؟ هل لحفظ السلام في المنطقة العربية، أم لمآرب أخرى؟ ولماذا لم يسمحوا لأي دولة عربية أن تتسلَّح بنفس الأسلحة التي معهم؟ ببساطة لأنهم مع الجبروت الأمريكي الصهيوني. وأصبح العرب تحت سيادة هذه الدول التي تدعم الإرهاب الصهيوني منذ بداية الاحتلال لأرض فلسطين، ونسي هؤلاء أو تناسوا دروس التاريخ وعبره، وأن التاريخ لمن يقرأه ويقر بآيات الله في الأقوام الغابرة: "قُل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلكم"، فهل يَعْتَبِر ظالمو اليوم بما حدث لأشياعهم بالأمس؟

ويبقى السؤال في الأخير: كيف دقَّتْ أمريكا وإسرائيل طبولَ الحروب من جديد على إرهاب أهالي فلسطين وقتل أهالي غزة؟ ولأجل ماذا؟ من أجل إرهاب المنطقة العربية بالكامل، في وقت منعوا فيه القوات الحربية العربية من الانضمام للمقاومة الفلسطينية؟ أسئلة كثيرة ومتشابكة ثم يأتون بعدها ليتحدثوا عن السلام.. عن أي سلام يتحدثون؟!

** خبيرة العلاقات السياسية والدبلوماسية وحقوق الإنسان

تعليق عبر الفيس بوك