"طوفان الأقصى".. ومستقبل النظام الرسمي العربي

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

لا شك عندي أنَّ النظام الرسمي العربي بمختلف مشاربه وعقائده السياسية يعيش مرحلة انعدام الجاذبية منذ السابع من أكتوبر، وتحديدًا منذ الساعات الأولى لطوفان الأقصى، فقد كشف الطوفان حجم العجز الذي يشغله النظام الرسمي العربي في مساحة النُظم العاجزة في العالم، والتي سوقت نفسها للعالم بصور عاجزة، أو أختار لها الخصوم صفة من صفات العجز وقبلت به.

مُشكلة النظام الرسمي العربي اليوم أنه لم يعلم أو يُدرك أن الأمريكي والبريطاني والفرنسي والصهيوني أرجاس من عمل الشيطان، وأعداء للأمة العربية إلى أن تشرق الشمس من الغرب، لهذا ما زال يرجو منهم مكانة وعوناً ورفعة وقوة!!

بيَّن طوفان الأقصى أن العجز التام الذي يُعاني منه النظام الرسمي العربي، ناتج عن قبوله بصفة الفصيل السياسي المنزوع من القوة؛ حيث بيّن الطوفان أن النظام الرسمي العربي منزوع عن أسباب القوة التي تُمكِّنه من المناورة والضغط بالقوة الناعمة والقوة الخشنة كذلك.

صحيحٌ أن بشاعة الأحداث في غزة أظهرت حجم الوهن والضعف في العالم وخاصة ما يسمى بـ"العالم الثالث"، والذي وقف وقفة المُتفرِّج العاجِز الذي لا يمتلك سوى التنديد والاستنكار والشجب، لكن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق العرب، فهُم إلى جوار فلسطين وأبناء جلدة الفلسطينيين ويشاركونهم الثوابت والمصير.

بلغ سوء الحال بالنظام الرسمي العربي أن قام بعض منه بإدانة أفعال فصائل المقاومة وصنفها بالجرائم والأعمال المروعة، وهذا الموقف لا يُعبِّر عن حجم الوهن والتبعية التي بلغها النظام الرسمي العربي فحسب؛ بل يُعبِّر في حقيقته عن حجم إعادة البرمجة التي تعرض لها من قبل الغرب حتى أصبح يرى الأمور بصور ومرايا من زوايا عكسية أنتجها الغرب.

لم نعد اليوم نتحدث بمرارة- وكما كُنّا- عن الوحدة العربية والتضامن العربي ومقومات العرب وقدراتهم الحقيقية؛ بل أوصلنا الطوفان إلى مرحلة القناعة بالتعبير اللفظي السليم عن المواقف المنزوع من أي عمل فقط لا غير، وبما يحفظ الحد الأدنى لصورة العربي أمام العالم.

عَجْزُ النظام الرسمي العربي اليوم وصمته تجاه ما يدور على أرض فلسطين من جرائم قتل وتدمير وتجويع وحصار، قد نجد له ما يُبرره من مواقف تراكمية سابقة أنتجت هذا الوهن الكبير، ولكن الجديد هو دعم بعض الأنظمة الرسمية العربية للعدو الصهيوني ومباركته لجرائمه، وتعويض خسائره بسخاء معيب.

هذا الموقف التاريخي المعيب من قبل بعض من النظام الرسمي العربي، لن يمُر في تقديري هذه المرة مرور الكرام، كما مرَّ قبله الكثير من الخيبات والعورات والمثالب؛ لأن السيناريو الغربي القسري القادم لهؤلاء بعد الطوفان، هو إعلان الحرب على أوطانهم وشعوبهم نهارًا جهارًا، وإشهارهم البواح لنصرة الصهيونية العالمية، ودعم الجرائم الغربية حول العالم ومباركتها.

هذا التسلسل من الإعابة التي وصل لها بعض النظام الرسمي العربي اليوم ما هو إلّا امتداد لعقود من التسويق المعيب للذات لدى الآخر، وعدم معرفة وإدراك ما يُحاك للأمة من قبل العدو الصهيوأمريكي، وبالنتيجة رقص البعض منَّا مع الشيطان وتحالف معه ورأى في السراب ماءً.

قبل اللقاء.. برهن الطوفان أنَّ العزة والكرامة تُنتزع قسرًا ولا تُوهب من أحد، وأن ثمنهما غالٍ جدًا؛ فالصراع يحتدم اليوم بين ثقافة الشرف وثقافة العلف.

وبالشكر تدوم النعم.