بنك الاستثمار العُماني وفرص العمل المتاحة

 

حيدر بن عبدالرضا اللواتي

haiderdawood@hotmail.com

 

وجود منظومة مصرفية ومالية بجانب رقابة مالية وإدارية قوية في البلاد ستعمل على الإسراع في سياسة التنويع الاقتصادي وتحقيق بعض أهداف خطة "عُمان 2040"، ولا شك أن إنشاء أول بنك استثماري مملوك للحكومة العُمانية في البلاد سيعمل على تنفيذ مزيد من المشاريع في مختلف المجالات الاقتصادية؛ وبذلك سيساهم في توفير مزيد من فرص العمل للعُمانيين الباحثين عن عمل.

ولكن في وجود مثل هذه المؤسسات، لا بُدّ من القضاء على البيروقراطية ومحاربة الفساد وإيقاف التلاعب لكي نضمن نجاح المشاريع المستهدفة، والتمكّن من تحقيق ما نصبوا إليه، بحيث لا تذهب تلك المبالغ جفاء مثل ما حصل في بعض المشاريع الاقتصادية التي أعلنت إفلاسها بسبب سوء الإدارة والتلاعب بالأموال العامة؛ الأمر الذي أدى إلى إلحاق الضرر بالمؤسسات الممولة سواء من البنوك التنموية أو التقليدية. كل ما يهمنا في الأمر، هو ألّا تبقي مثل هذه المؤسسات التمويلية مشاريع مصرفية ومالية مضافة إلى قائمة المؤسسات التي تملكها الدولة، والتي تقدّم الدعم والحوافز لأغراض نبيلة لمختلف القطاعات القائمة.

بنك الاستثمار العُماني الذي تم إطلاقه مؤخرًا كأول بنك استثماري متخصص، والذي بدأ عمله من العاصمة مسقط يأتي إنشاؤه من أجل دعم الأهداف والتطلعات الاستراتيجية للسلطنة، بالإضافة إلى تلبية احتياجات المستثمرين المحليين والإقليميين الذين يتوافدون على البلاد بين الفينة والأخرى. ومن هنا يجب أخذ الحذر من تمويل الشخصيات والمؤسسات التجارية الخارجية التي سوف تأتي من أجل تمويل مشاريعهم، وضرورة التأكد منها بناءً على توصيات لجنة بازل التي تطالب بضرورة معرفة الشخصيات والمؤسسات التي تقوم بفتح حساباتها لأغراض مختلفة، ومنها الحصول على التمويل اللازم للمشاريع، وبحيث تقدّم تلك التمويلات مقابل إيداع أصول نقدية ومادية لها قيمتها في السوق.

لقد نجحت الحكومة خلال السنوات الماضية في جذب بعض الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد، إلّا أنه مع تواجد منظومة متكاملة من السياسات والتشريعات والمؤسسات التمويلية بجاتب إتباعها الشفافية، فإنه يمكن جذب المزيد من تلك الاستثمارات التي يمكن أن تشكّل في نهايتها فرصًا جيدة لتشغيل العُمانيين في مختلف المحافظات.

معالي عبدالسلام محمد المرشدي رئيس مجلس إدارة بنك الاستثمار العُماني، أكد في حديثه استعداد البنك للقيام بدوره الحيوي في دعم تنفيذ الأهداف الإستراتيجية لرؤية "عُمان 2040"، موضحًا بأن الأولوية هي من أجل تطوير اقتصاد مرن ومتنوع ومستدام وإدخال المزيد من القدرة التنافسية؛ فالبنك الجديد- بلا شك- سيُقدِّم مجموعة شاملة من الخدمات المالية بما في ذلك بعض الاستشارات المالية للشركات والمساهمة في تطوير أسواق الأوراق المالية المحلية والإقليمية. ومع وجود هذا البنك تستكمل الحكومة منظومة الأدوات المتاحة دوليًا لتنمية المشاريع والاستثمارات في البلاد.

ويرى بعض الخبراء أن وجود بنك كهذا وبرأسمال كبير سيكون بمثابة مرجعية للشركات المستثمرة والاستثمار المحلي والأجنبي؛ حيث سيدفعها لمزيد من الإنتاجية من خلال الاندماجات والاستحواذات، وإعادة هيكلة المؤسسات والشركات القائمة لتقديم مزيد من المنتجات للسوق المحلي والخارجي، كما سيعمل على دعم أعمال الشركات المدرجة في سوق المال العُماني وإدارة الأموال وتقديم حلول استثمارية للشركات الجديدة والقديمة أيضًا.

إنَّ إدراج بنك الاستثمار العُماني ككيان جديد في السوق الثالث بسوق مسقط للأوراق، وبرأس مال قدره 500 ألف ريال عُماني، سيكون له تأثير كبيرعلى تطوير سوق رأس المال العُماني، في الوقت الذي تقوم فيه بعض الشركات الاستثمارية العالمية للترويج لهذه المؤسسة المالية. وفي هذا الصدد يؤكد سعادة عبدالله بن سالم السالمي الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال على أهمية هذه المؤسسة ودورها في تعزيز نمو سوق رأس المال في البلاد، ويحثّ على تشجيع إنشاء مؤسسات مستقلة للعمل في مجال الأنشطة المصرفية الاستثمارية، وتقديم الخدمات الاستشارية المتعلقة بخيارات التمويل والاستحواذ والسيطرة وغيرها من الخدمات الأساسية.  

إنَّ عمل بنك الاستثمار العُماني سيكون متنوعًا في قطاعات اقتصادية بما يخدم المؤسسات والكوادر العُمانية التي ستقوم بتشغيلها خلال السنوات المُقبلة بجانب الخبرات الأجنبية. كما سيركز البنك على توفير مجموعة متكاملة من الاستشارات الاستراتيجية ومنتجات أسواق رأس المال للشركات المدرجة وغير المدرجة في سلطنة عُمان ودول مجلس التعاون الخليجي، وعلى نطاق عالمي.  

وأخيرًا.. فإن عددًا من الخبراء والمستثمرين يرون أن إنشاء بنك الاستثمار العُماني سوف يساهم في تحقيق الهدف الاستراتيجي لتعزيز التنويع الاقتصادي، إلى جانب تخفيف أعباء التمويل للمؤسسات التي يديرها القطاع الخاص، وتوسيع أنشطتها خاصة تلك التي تبحث عن تمويل منخفض الفائدة المصرفية؛ نظرًا لارتفاع أسعار الفائدة على المؤسسات والشركات المنتجة، بجانب توجيه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة نحو التمويل الأنسب عند التوسع والنموودعم جهود تنويع وتعزيز الاقتصاد العُماني.