الرئيس التائه

 

سالم بن نجيم البادي

الرئيس الأمريكي جو بايدن يبدو تائهًا ولا يعرف يمينه من شماله، وكلما اعتلى منصة للخطابة احتار وتردد وعجز عن تحديد الوجهة التي ينبغي أن يسلكها حتى ينبري أحد المُحيطين به لإرشاده.

أما عن زلات لسانه فلا تسأل؛ فهي كثيرة جدًا، كأن يخاطب روساء دول قد ماتوا منذ زمن بعيد وهو يقول إنه تباحث معهم في مشكلات مُعاصرة وملحة ويُسمي الرئيس المصري بالرئيس المكسيكي، وينادي على امرأة قد ماتت ورمت عظامها وهو يظنها في القاعة تستمع إليه!

هذا الرئيس هو من يصب أطنان القنابل على أهل غزة، وهو نفسه من يرسل لأهل غزة مساعدات غذائية زهيدة تسقطها طائراته من الجو فتحملها الرياح إلى البحر وإلى المستوطنات في إسرائيل والقليل منها يصل الى فئة قليلة من الفلسطينيين، وإذا اجتمعوا لالتقاط المساعدات جاءهم الموت من كل صوب بالأسلحة التي يرسلها هذا الرئيس التائه إلى الجيش الإسرائيلي.

هل يوجد من يصدق أن هذا الرئيس عاجز عن إجبار إسرائيل على فتح المعابر البرية حتى يتم إدخال المساعدات عبرها عوضًا عن مهزلة إسقاطها من الجو؟

إسرائيل تعيش على الدعم المالي والعسكري والسياسي الأمريكي وهذا الدعم هو سر بقائها وقوتها، وهذا الرئيس لم يترك مناسبة إلا وتباكى فيها على الأسرى الإسرائلييين في غزة دون أن يذكر عشرات الآلاف من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي وعشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين يُقتلون يوميًا بدم بارد، ليس في غزة فقط وإنما في كل أنحاء فلسطين المحتلة.

ويرى الرئيس التائه أن هدف وقف القتال المؤقت في غزة هو فقط الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، وهو يرفض الوقف الدائم للحرب حتى تحقق إسرائيل أهدافها المزعومة.

هذا الرئيس يتبنى الرواية الإسرائيلية للأحداث ويصدق كذبها ويستميت في الدفاع عنها في كل المحافل الدولية، لكن عند ارتكابها الجرائم الوحشية ضد الشعب الفلسطيني، فإن إسرائيل في نظره برئية ومسالمة، وهي حمامة السلام وواحة الديمقراطية والتحضر في الشرق الأوسط، وهي المظلومة دائمًا، ولذلك وفي كل الأحوال لها الحق في القتل والتدمير وسرقة الأرض وطرد أهلها وبناء المستوطنات!! ومن يسكنون هذه المستوطنات من الصهاينة لا بأس عليهم إن شردوا وقتلوا وأهانوا أصحاب الأرض المستولى عليها، لأن كل ذلك يعد دفاعًا عن النفس، أما الفلسطيني صاحب الأرض فليذهب إلى الجحيم!!

إسرائيل- في عين الرئيس- بريئة من قصف قوافل المساعدات، ومن قتل الناس وهم ينتظرون المساعدات في طوابير طويلة. الرئيس التائه يؤكد دومًا أنه لن يتوقف عن دعم إسرائيل وبلا حدود. الرئيس التائه يُخطط لبناء ميناء مؤقت قبالة غزة لإيصال المساعدات، لكن بعد أن يموت الناس جوعًا في غزة، ثم إن المتحكم في توزيع المساعدات التي سوف تصل من خلال هذا الميناء هي إسرائيل لا غيرها!!

وهذا الرئيس يعتقد أن أعداد القتلى التي يُعلن عنها في غزة مبالغ فيها وغير حقيقية، وتعمد قتل إسرائيل الأبرياء المدنيين والأطفال والنساء هي تهمة إسرائيل بريئة منها، وإن ثبت بالدليل القاطع أن إسرائيل هي من قامت بارتكاب جريمة ما فإنه يلوذ بالصمت أو يبحث لها عن عذر ويبرر ما قامت به.

من المفارقات العجيبة أن يكون هذا الرئيس هو رئيس أكبر دولة تدعي أنها حامية لحقوق الإنسان والحرية والعدالة والديمقراطية، والرئيس التائه لهذه الدولة يمارس النفاق وازدواجية المعايير، والكيل بمكيالين والكذب والانحياز الأعمى إلى جانب من يرتكبون أبشع الجرائم من احتلال عنصري بغيض وإبادة جماعية وتهجير قسري وهو يظهر ذليلًا وضعيفًا وخانعًا ومُستسلمًا لا حول له ولا قوة أمام قادة الكيان الإسرائيلي، للدرجة التي تجعله حتى لا يستطيع انتقادهم علنًا، وهذا لا يليق برئيس دولة عظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية.