الانتخابات الأمريكية.. ما بين اللوبي الصهيوني وتيار فلسطين

 

عبدالنبي العكري

في يوم الثلاثاء 5 مارس 2024، جرى في 15 من الولايات الأمريكية ومنها جنوب داكوتا وشمال فرجينيا وكاليفورنيا ونيو جيرسي وتكساس ومينوسيتا وغيرها التصويت من قبل ناخبي كلامن الحزبين المتنافسين الديمقراطي والجمهوري على مرشحه لانتخابات الرئاسة الأمريكية. كما إنه ومنذ يناير 2024 تشهد أمريكا حملات مرشحي كل حزب لانتخاب أعضاء كلا من مجلسي الشيوخ والنواب (الكونجرس) وحكام الولايات وهي مناصب فيدرالية.

وعادة ما تُشكِّل القضايا المحلية مثل: الهجرة والبطالة والتأمين الصحي والتأمين الاجتماعي والعنف والتعليم والضرائب والانفاق الفيدرالي، محاورَ برامج المرشحين للرئاسة والمناصب الفيدرالية الأخرى.

لكن انتخابات هذا العام، بما في ذلك انتخابات يوم الثلاثاء العظيم، تميَّزت بحضور مهم لقضايا السياسة الخارجية وخصوصا الموقف الأمريكي من الصراع الفلسطيني "الإسرائيلي" وأبرز تجلياته حرب الإبادة الصهيونية على الشعب الفلسطيني في غزة وعملياتها في باقي فلسطين المحتلة. ومما هو جدير بالذكر أن أصوات ناخبي هذه الولايات تشكل ثلث مجموع الأصوات الكلية التي يمثلها مندوبو الولايات لمؤتمر كل من الحزبين (الحزب الديمقراطي في 19 أغسطس في شيكاجو والحزب الجمهوري في 15 يوليو في ميلواكي)، لإقرار ترشيح مرشح الحزب لانتخابات الرئاسة الأمريكية والمقررة في 5 نوفمبر 2024.

سباق الرئاسة بين بايدن وترمب

من المعروف أن الانتخابات التمهيدية يوم الثلاثاء العظيم قد حَسَمَتْ التنافس على مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة؛ حيث اكتسح دونالد ترمب منافسته الوحيد نيكي هيلي في جميع الولايات الخمسة عشرة عدا ولاية فيرمونت؛ مما جعلها تعلن انسحابها من التنافس مع ترمب على ترشيح الحزب الجمهوري. وقد سبق ذلك قرار المحكمة الفيدرالية العليا أهلية دونالد ترامب للترشح للرئاسة الأمريكية في قضيه إبطال المحكمة الفيدرالية لولاية كولورادو لترشيحه بناءً على عشرات القضايا المرفوعة ضده، وقد صدرت بالفعل أحكام ضده، علمًا بأن ترمب عيَّن في عهده 3 من بين 9 قضاة في المحكمة الفيدرالية العُليا. وبذلك فإن ترمب هو مرشح الحزب الجمهوري والذي سيُقر في مؤتمر الحزب في 15 يوليو 2024 في ميلواكي (أكبر مدن ولاية ويسكنسن) ما لم يحدث تطور قضائي يُبطل ترشحه.

ولا تزال هناك أقلية في الحزب الجمهوري ترفض ترشح ترمب للرئاسة ممثِلا للحزب الجمهوري لعدة أسباب، ومنها سجله القضائي ومواقفه العنصرية، علما بأن الاتجاه اليميني السائد في الحزب مُعادٍ للأقليات غير البيضاء والمهاجرين، ومحافظ تجاه قضايا المرأة والحريات العامة ومؤيد للرأسمالية الليبرالية الجديدة، وما يترتب عليها من فوارق طبقية وإجحاف بحق الطبقات الدنيا.

بالنسبة للحزب الديمقراطي فإنه يعد ليبراليًا مقارنة بالحزب الجمهوري، فيما يخص الموقف من الأقليات غير البيضاء والمهاجرين وحقوق النساء والحريات العامة والعدالة الاجتماعية والخدمات الصحية والتعليمية والضمان الاجتماعي.

مرشح الحزب الديمقراطي للرئاسة هو الرئيس الحالي جو بايدن، والذي لا يواحه منافسًا جديًا له، والمرشح المنافس الوحيد هو النائب دين فيليبس عن ولاية مينيسوتا، وهو مليونير يهودي ومؤيد بقوة لإسرائيل ولا يعارض سياسات بايدن أو برنامجه الانتخابي؛ بل ينتقد كِبَر سِنهِ، والحاجة لتجديد شباب الرئاسة، وسيتم تثبيت ترشيح الرئيس بايدن في مؤتمر الحزب الديمقراطي في 19 أغسطس 2024 في شيكاجو.

في ضوء ذلك، فإن السباق الرئاسي حاليًا ينحصر ما بين الرئيس الحالي الديمقراطي جو بايدن والرئيس السابق الجمهوري دونالد ترمب، وقد استغل بايدن مناسبة تقديم تقرير حالة الاتحاد إلى جلسة مشتركة للكونجرس يوم الخميس 7 أكتوبر، وحضور العديد من المدعوين الذين يختارهم الحزبين ليؤكد أهليته للترشح لولاية ثانية، وللإشادة بإنجازاته والترويج لبرنامجه الانتخابي، وفي ذات الوقت تفنيد سياسات رئاسة ترمب الذي لم يذكره بالاسم؛ بل أشار إليه بعباره (سلفي) وخطورة برنامجه وأطروحاته؛ حيث وصف ذلك بأنه "أخطر ما يهدد الحريات والديمقراطية الأمريكية منذ حرب الانفصال في عهد الرئيس أبراهام لينكون ولقيادة أمريكا للعالم الديمقراطي وحلف الناتو".

وبالرغم من أن الحزب الجمهوري كلّف كيتي بريت السناتورة عن ولاية ألاباما للرد على خطاب بايدن، وقامت بذلك فعلًا، إلا أن دونالد ترمب لم يتأخر في الرد على بايدن، معتبرًا ولاية بايدن حافلة بالفشل؛ حيث تجرأ خصوم أمريكا على مهاجمه حلفائها كما فعلت روسيا تجاه أوكرانيا، وكما فعلت حماس تجاه "إسرائيل"، كما تجرأت الصين على تايوان، مع انفلات الهجرة عبر الحدود مع المكسيك، وأنه لو كان- أي ترامب- رئيسًا لما حدث ذلك! كما كرر تصميمه على أن تدفع دول الخليج وأوروبا ثمن الحماية الأمريكية.

وبالطبع فإن قضايا السياسة الخارجية وبالخصوص قضية الشرق الأوسط، وفي لُبِّها الحرب الصهيونية على الشعب الفلسطيني كانت حاضرة وبقوة في السباق الانتخابي. فما هي مدلولات وأبعاد ذلك؟ وما أبرز مواقف الحزبين الديمقراطي والجمهوري ومرشحيْهما بايدن وترمب؟

الخط الثالث في سباق الرئاسة

مُنذُ بداية حرب الإبادة الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني في غزة وباقي فلسطين المحتلة، كان هناك تسابق بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري على دعم الكيان الصهيوني وقيادة الغرب وبالإكراه أحيانًا على تبنِّي هذا الموقف بشكل متطابق مع استراتيجية كيان الاحتلال مع بعض التحفظات الشكلية. وتتزامن حرب الإبادة هذه والتي تشارك فيها أمريكا مع الاستعدادات للحملات الانتخابية الأمريكية الرئاسية والفيدرالية الأخرى منذ يناير 2024؛ وقد مضى على حرب الإبادة أكثر من 5 أشهر، وهي الحرب الأكثر دموية ودمارًا وخسائرَ ضد المدنيين والبنية المدنية في تاريخ الحروب المعاصرة والتي وُصِفَت بحرب الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني.

لكن من أهم ما تمخضت عنه الحرب والمشاركة الأمريكية، تصاعد الحركة الاحتجاجية عبر الولايات المتحدة كلها، وخصوصًا في أوساط الشباب والجامعيين والمتعلمين والملوَّنين وغيرهم، بحيث تتجاوز المليون مُحتج في التظاهرة الواحدة، ومحورها إدانة حرب الإبادة الصهيونية والمشاركة الأمريكية والمُطالبة بوقف الحرب فورًا، وإغاثة غزة والانسحاب الإسرائيلي ومحاسبة إسرائيل، ووقف الدعم الأمريكي العسكري والمادي والسياسي لإسرائيل ومعاقبتها.

هذه الحركة الاحتجاجية لم تؤثر كثيرًا على الجمهور الأوسع للحزب الجمهوري ومؤسساته وقيادته وممثليه، على المستوى الفيدرالي في الكونجرس أو على مستوى الولايات بحكم تركيبته وآيدولوجيته اليمينية. لكنها في المقابل أثّرت إلى حد ما على الحزب الديمقراطي ومؤساسته وقياداته وممثليه الفيدراليين في الحكومة والكونجرس، وعلى صعيد الولايات بحكم آيدلوجيته الليبرالية وتركيبته المتعددة الأعراق.

لقد اخترق الموقف من هذه الحرب جميع مناحي الحياة الأمريكية مستعيدًا الموقف من حرب فيتنام، والفرق هنا هو النفوذ الصهيوني الطاغي في جميع مناحي الحياة الأمريكية والتحالف بين النظام الأمريكي والكيان الصهيوني؛ مما يجعل الصراع أكثر ضراوة وصعوبة. ومن أهم تجليات هذا الصراع موقف الحزبين الديمقراطي الحاكم والمُمسِك بالسلطة التنفيذية بما فيها الرئاسة وأغلبية ضئيلة في مجلس الشيوخ، والحزب الجمهوري المعارض والذي يتمتع بأغلبية في مجلس النواب. وبالطبع أن كلا الحزبين له نفوذ وتأثير متقارب في جميع مناحي الحياة الأمريكية.

انعكس الموقف من الحرب على مواقف المرشحيْن للرئاسة: بايدن وترمب، وحزبيهما والمرشحين الفيدراليين للكونجرس وحُكَّام الولايات. والمُلاحَظ هنا حدوث اختراقات لما يُشبه الإجماع في الحياة السياسية الأمريكية المنحازة لإسرائيل، كما كشفت عن فجاجة اللوبي الصهيوني في ترجيح ترشح اليهود ومؤيدي إسرائيل والتحالف معها، وحجم الإكراهات اللاديمقراطية لتهميش كل من يُعارض هذه السياسة، ومنهم المرشحون الفيدراليون. إلى جانب الكشف عن الحجم الضخم لأموال اللوبي الصهيوني وفي مقدمته منظمة "آيباك" في تمويل المرشحين المؤيدين لإسرائيل. ومن المعروف أن هناك أقلية، لكنها مؤثرة في مجلس النواب ومنهم الأمريكية من أصول فلسطينة النائبة رشيدة طِلِب، ومجلس الشيوخ ومنهم السيناتور بيرني ساندرز، تعارض سياسة بايدن والمؤسسة السياسيةفي سياستهم تجاه "إسرائيل" والقضية الفلسطينية وخصوصًا الحرب "الإسرائيلية" ضد الفلسطينيين.

حمله المقترعين غير المُلتزمِين

تجلّت المعارضة للسياسة الأمريكية المُنحازة لإسرائيل ومشاركتها في حرب الإبادة في أوساط الحزب الديمقراطي وخصوصًا في أوساط الشباب واليساريين وذوي الأصول العربية والإسلامية والأمريكيين الأفارقة وغيرهم، وانعكست بوضوح في بعض الولايات ذات الكثافة من هؤلاء مثل ميتشجان ومينيسوتا وفرجينيا وغيرها، وتمثلت في حجب أصواتها عن ترشيح بايدن والتصويت بما يُعرف بـ"عدم الالتزام"، وهي ظاهرة جديدة في الحياة السياسية والانتخابية الأمريكية. وقد كانت نسبة أعداد المقترعين غير الملتزمين من الحزب الديمقراطي لترشيح بايدن 12% في ولاية ميتشجن و20% في ولاية مينيسوتا و12% في ولاية كارولاينا الشمالية.

وتتجاوز المعارضة لسياسات بايدن المؤيد "لإسرائيل" والمناهضة للفلسطينين، الاقتراعَ غير الملزم إلى إحداث تغييرات جوهرية في سياسته الداخلية والخارجية؛ بما فيها إيقاف الحرب فورًا وعدم الانحياز "لإسرائيل" وإنصاف الشعب الفلسطيني. ورغم غياب مرشح منافس لبايدن يمثل الحركة الاحتجاجية، إلّا أنه يُضعِف موقفه في مؤتمر الحزب الديمقراطي لترشيحه للرئاسة، والأخطر أنه يحرمه من أصوات كثيرة لمقترعي الحزب الديمقرطي ومؤيديه ومستقلين في انتخابات الرئاسة القادمة؛ بما يصب في صالح غريمه ترمب وإمكانيه فوزه.

خطاب تلفيقي عن حال الأمة

لن نستعرض هنا ما جاء في خطاب بايدن عن حال الأمة التقليدي السنوي، والذي حشدت له الإدارة الأمريكية العديد من الضيوف من أمريكا وخارجها، بمن فيهم أقارب المحتجزين "الإسرائيليين" والذي كان أقرب إلى الحشد الانتخابي لتزكية بايدن للانتخابات الرئاسية؛ حيث التصفيق المتكرر والوقوف تأييدًا لمقاطع خطاب بايدن بشك ممجوج، وما يهمنا هنا الموقف التلفيقي والمبادرة الاستعراضية لبايدن تجاه القضية الفلسطينة.

افتتح بايدن كلامه عن حرب الإبادة "الإسرائيلية" بشراكة أمريكية ضد الشعب الفلسطيني بتكرار ادعاءاته الكاذبة بالرجوع إلى حدث 7 أكتوبر 2023؛ كمرجع، واعتبره "أخطر جريمة بحق اليهود منذ الهلوكست" ومقتل 1200 من اليهود من قبل حماس- التي يصفها بأنها "إرهابية"- مُترافقًا مع مزاعم "عنف جنسي" أثناء الاعتقال والاحتجاز. وأكد بايدن أن دعم أمريكا لإسرائيل لا يتزعزع، وأن "إسرائيل" لم تتجاوز في حربها ضد حماس قواعد الرد المناسب في دفاعها عن النفس. وأكد بايدن أن النزاع يتوقف إذا استسلمت حماس، وسلّمت المتورطين في هجوم 7 أكتوبر، وتسليم المحتجزين خلال 6 أسابيع، من توقف أعمال القتال لإنجاز ذلك.

معنى ذلك يتطابق مع الشروط الإسرائيلية لإنهاء حربها على الشعب الفلسطيني بتهجير سكان غزة إلى سيناء المصرية وإعاده احتلالها لغزة، وتشجيع الاستيطان الصهيوني فيها ضمن استرتيجية "إسرائيل" لشطب الدولة الفلسطينة، وتثبيت دولة "إسرائيل" على كامل فلسطين وأبعد من ذلك. وأكد تصميم أمريكا على استعادة المحتجزين الأمريكيين لوطنهم وأحبتهم.

لكنه وأمام المعارضة الشعبية الأمريكية والمواقف الدولية المتزايدة المنتقدة لمواقفه المنحازة "لإسرائيل "في حرب الإبادة للشعب الفلسطيني وتجلّي ذلك في التصويت الملحوظ من قبل الناخبين الديمقراطيين ضده "بعدم الالتزام"، فقد عَمَدَ بايدن مرة أخرى إلى إثارة الجانب الإنساني للحرب. وطرح بايدن الخسائر الكبيرة في أوساط المدنيين الفلسطينين قي غزة والتي فاقت خسائر جميع الحروب الإسرائيلية في غزة مجتمعةً. وطلب من "إسرائيل" أن تتحمل المسؤولية من جانبها لحماية وإغاثة المدنيين في حالتهم التي تكسر القلب، والتي لا تقبل المساومة.

وفي مبادرة لحرف الأنظار عن استمراريه "إسرائيل"في حرب الإبادة بمشاركة أمريكية، طَرَحَ بايدن ما يدَّعيه باختراق في عمليات الإغاثة وذلك بالإعلان عن قراره بتكليف القوات المسلحة الأمريكية بإنشاء رصيف عائم على الشاطئ الشمالي لغزة، وربطه بجسور بالبر. وقدر البعض أن ذلك سيتطلب شهرين على الأقل. وأضاف بايدن أن خطًا ملاحيًا سيربط موانئ قبرص الجنوبية؛ حيث تُشحن مواد الإغاثة إلى رصيف غزة. وقد أعلن الاتحاد الأوروبي ودول أخرى مساندته للمشروع. لكن ذلك يكشف وبسرعة هذا التضليل، فقد كشفت صحيفة "هاآرتز" أن نتنياهو هو صاحب المشروع واقترحها على بايدن وأن ضُبَّاطًا "إسرائيليين" سيرابطون في الموانئ القبرصية ويفتشون مواد الإغاثة، وبحددون ما هو مسموح وما هو ممنوع، والكميات المسموح بشحنها.

كما إن ذلك تغطية لاستمرار الحرب والحصار "الاسرائيلي" لغزة؛ حيث تتحكم "إسرائيل" في جميع المعابر إلى غزة وتمنع أعمال الإغاثة والتي ترتب عليها مجاعة وأوبئة تلحق خسائر لا سابق لها في الحروب المعاصرة للمدنيين، والتي تجاوزت 31 ألف شهيد و70 ألف جريح وآلاف المدفونين تحت الركام، ومقابر الإعدامات الجماعية، علاوة على تدمير أكثر من 85% من البنية الأساسية لغزة بحيث أضحت غير قابلة للحياة.

.. وترمب يرد!

لم يتأخر ترمب عن الرد على بايدن بالسخرية والمزايدة، فقد وصف خطاب بايدن حول حال الاتحاد على أنه أسوأ خطاب في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وردَّ على تهمة بايدن له بأنه يشكل خطرًا على الحرية والديمقراطية الأمريكية، بالقول إن بايدن يتهرب من الحساب حول ما أحدثه هو وحزبه من فوضى داخلية وتدفق المهاجرين وانحدار سمعة ومكانة أمريكا عالميًا.

من ناحية أخرى، أكد ترامب على دعمه المطلق لحرب الإبادة "الإسرائيلية" وإبادة حماس، ولم يعطِ الخسائر المروعة في أوساط المدنيين الفلسطينيين أية أهمية، وشدد على ما يدّعيه إطلاق سراح المُحتجزين، دون أية شروط. وفي ذات الوقت، أكد أن حماس ما كانت لتتجرأ بمهاجمة "إسرائيل" لو كان هو الرئيس. وهاجم الحركة الاحتجاجية ضد السياسة الأمريكية المؤيدة "لإسرائيل" على حساب الشعب الفلسطيني، واصفًا المشاركين فيها بأقذع العبارات؛ بما فيها عدم الولاء لوطنهم أمريكا.

"إسرائيل" عبء على أمريكا وسبب رئيس لتراجعها

من الواضح أن هناك تلازمًا بين المشاركة الأمريكية "لإسرائيل" في حرب الإبادة وإصرار "إسرائيل" على استمرار حرب الإبادة "الإسرائيلية"، وهدفها النهائي تهجير الشعب الفلسطيني من غزة إلى سيناء وتهجير أكبر عدد من فلسطيني الضفة والقدس وعموم فلسطين إلى خارج فلسطين المحتلة. وتجري هذه الحرب في ظل حركة احتجاجية لا سابق لها في أمريكا والغرب عمومًا. كما إنها تجري في ظل انتخابات أمريكية رئاسية وانتخابات جزئية للكونجرس وحكام الولايات وانتخابات في الولايات ذاتها. ولقد أحدثت استقطابًا سياسيًا وانتخابيًا لا سابق له بين التحالف الصهيوني والمؤسسة الأمريكية المسيطرة من ناحية، وقوى التغيير ذات الطابع الإنساني والمؤيد لقضايا الشعوب وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة من ناحية أخرى.

لقد ثبت أن "إسرائيل" بنظامها العنصري والاستعماري والتوسعي والعدواني هي عبء على أمريكا وسبب رئيسي لتراجع أمريكا والغرب عمومًا كنموذج ديمقراطي وقيم إنسانية ونظام عالمي عادل.

ختامًا.. لا أتوقع تغييرًا جذريًا في بنية المجتمع والنظام الأمريكي وبنية الدولة، وخصوصًا الدولة العميقة، لكن التغيير قد بدأ بالوعي للخلل العميق في كل ذلك وخصوصًا التحالف مع الحركة الصهيونية والنظام الصهيوني، الذي يجُر أمريكا والغرب إلى الانحطاط وخراب العالم.