إشادات واسعة بإطلاق مشروعين لتعزيز القوة الناعمة لسلطنة عُمان

خبراء لـ"الرؤية": مخرجات "معًا نتقدَّم" ترسخ لثقافة الحوار وتبني جسور الشراكة في نهضة الوطن

...
...
...
...
...

◄ الفهدي: الحفاظ على الهوية الوطنية صونٌ للوطن.. ولا هوية دون قِيَم

◄ "معًا نتقدَّم" فكرة رائدة تعزز لغة الحوار بين المجتمع وصُنّاع القرار

◄ العليان: القوة الناعمة في صلب أدوار وزارة الإعلام لتعزيز مكانة الدولة في مختلف المحافل

◄ الوهيبية: ملتقى "معًا نتقدَّم" برلمان عُماني شبابي مفتوح

 

 

الرؤية- ريم الحامدية

 

ثمَّن خبراء ومتخصصون نوعية الطرح الذي شهده ملتقى "معًا نتقدَّم"، والذي شهد تأكيدات صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب، على مسألى الهُوِيَّة العُمانية وضرورة التمسك بالعادات والتقاليد العُمانية الأصيلة، وعدم إفساح المجال للتأثر بالتغيُّرات في السلوكيات التي تحدث في بعض الدول، وأن ننطلق في توجهاتنا الوطنية من القيم والثوابت المُتجذِّرة في الوجدان والوعي المجتمعي، فضلًا عن اعتبار هذه الهُويَّة مُكوِّنًا رئيسًا في بُنيان الدولة الوطنية.

وأشادوا في تصريحات خاصة ل"الرؤية"- بما أطلقه الملتقى من نقاشات ومشروعات لتعزيز القوة الناعمة لعُمان، والتي شدد عليها معالي الدكتورعبدالله بن ناصر الحراصي وزير الإعلام، عندما كشف عن اعتزام الوزارة إطلاق مشروعين استراتيجيين للقوة الناعمة، بهدف ترسيخ مكانة عُمان التاريخية، وإبراز دورها الحاضر في تقدم البشرية.

من جهته، قال المكرم الدكتور صالح الفهدي عضو مجلس الدولة والخبير في قضايا المواطنة والتربية، إن الحديث عن الهُوية الوطنية حديثٌ عن صميمِ وطن، فلا وطنَ بلا هوية، ولا هوية بلا قيم، هكذا نختصرُ القول، مشيرًا إلى أنه أطلق هذا الطرح كثيرًا منذ سنوات طويلة حيث أكد أهمية الحفاظ على الهوية الوطنية. وأضاف أن التركيز عليه في الوقت الراهن يمثل خطوة بالغة الأهمية في ظل الأخطار التي تتغلغل في مجتمعاتنا التي تعتزُّ بهوياتها العربية الإسلامية المحافظة على دينها وأعرافها وعاداتها وتقاليدها وأخلاقياتها وتقاليدها. وأشار الفهدي إلى أهمية ترسيخ الهوية الوطنية، لا سيما من المؤسسات المعنية بذلك، مؤكدًا أن ذلك يتطلب عملًا منظمًا وجهدًا عظيمًا ليس على صعيد الأوراق وإنما على صعيد الواقع العملي المعاش. ومضى الفهدي يقول "لا يمكن فصل الهوية الوطنية العمانية بمعزل عن القوة الناعمة؛ فالهوية العمانية هي في الحقيقة جوهر القوة الناعمة ويجب أن توضع في محورها الأَساس الذي يُشتغلُ حوله".

وعن ملتقى "معًا نتقدم" يقول الفهدي إن الملتقى في حدِّ ذاته فكرة رائدة مهمة في سياق التحاور مع المجتمع بجميع أطيافه، وفئاته، وهو الملتقيات المميَّزة التي تنقلُ الهواجس التي تختلج في أنفس الكثير من المواطنين، لتصل وبصورة مباشرة دون عائق إلى المسؤولين المعنيين، فيشكل الملتقى أشبه ما يكون بغرفة عمانية يلتقي فيها أبناء الوطن يتحدثون في نطاق واحد هو مصلحة عمان وحدها، وبلغة بسيطة غير معقدة، وبمستوى رفيع من الشفافية، فحين تقفُ طالبة أمام وزيرة التربية والتعليم أو أمام وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار فتعبِّران عن بعض ما يهم الطلبة، فإِن ذلك يرصِّف الطريق إلى التقدم معًا نحو الأفضل الذي هو طموح  العمانيين.

وأعرب الفهدي عن أمله في تفعيل مخرجات هذا الملتقى، ووضع توصياته والآراء والنقاشات التي جرت خلال جلساته الحوارية أو في كلمات المتحدثين، موضع التنفيذ في الخطط المستقبلية.

فيما عبر الكاتب والباحث عبد الله العليان أن عالم اليوم بات منفتحًا على الأفكار والرؤى والتطورات، بفضل وسائل التواصل الاجتماعي والتقني المتعددة، وأصبح هذا العصر متقارب جغرافيًا من حيث التواصل التقني والإعلامي، مشيرًا إلى أن هذا التقارب له إيجابياته وله سلبياته معًا، من حيث تعدُّد المعارف المختلفة عبر هذه الوسائل والتقنيات، التي أصبحت متاحة لكل الأجيال وفي كل القارات. وأكد ضرورة الاهتمام بمسألة الهوية، وذلك من خلال ترسيخ القيم في المجتمع العماني، مشيرًا إلى الاهتمام السامي بهذه القضية وتأكيدات جلالة السلطان على ضرورة تربية الأبناء التربية السليمة، واكتسابهم القيم من الدين الحنيف والحفاظ عليها.

وشدد العليان على أن الحفاظ على الهوية الوطنية، يعني الحفاظ على مقومات الوطن والمواطن وقيمه وعاداته، وعلى بناء هذه الهوية على أسس متينة ورصينة وواعية بالأفكار الدخيلة في مجال القيم، وقابلة للأخذ والعطاء. وأضاف: "لا شك أن عالمنا اليوم يواجه تحدي الاختراق الثقافي والفكري، ونحتاج أن لا نغفل هذا التحدي الضخم المعزز بتقنيات كبيرة، ولذلك لا بد أن نستمد من زادنا المعرفي القيم الذاتية للشباب".

وتحدث العليان عن الجلسة الثالثة من ملتقى "معًا نتقدم" بعنوان "الإعلام والهوية الوطنية"؛ حيث شدد معالي الدكتور عبد الله الحراصي وزير الإعلام في هذه الجلسة على أن الثقافة والهوية أصلان من أصول بناء الدولة، وأن سلطنة عمان بلد متعدد التضاريس والبيئات، وكل بيئة لها أثر أساسي على الإنسان، وأن عمان بلد عريق أسست فيه الأمة الدولة وليس العكس. وأشاد العليان بما طرحه معالي وزير الإعلام بشأن إطلاق مشروعين استراتيجيين للقوة الناعمة يشملان «الثقافة والرياضة والإعلام والهوية» ومشروع تعظيم المكانة التاريخية والحضارية لسلطنة عمان ونقله للأجيال القادمة". وأكد العليان أن هذه الخطوة مهمة جدًا للهوية الوطنية والحوار البناء والثقافة والتاريخ العماني بكل ما يملكه مآثر رائعة، وتفعيل قنوات الحوار مع النخب الفكرية والثقافية والإعلامية، وكذلك مع الشباب، ليضاف إلى ما تم طرحه من برامج مع الشباب كما هو قائم ومستمر؛ سواء في مجال تعزيز وتعظيم المكانة التاريخية، أو مواجهة التحديات التي تجتاح العالم في مجال الثقافة والهوية والقيم وكل جديد يتم التفاعل معه وفق القوة الناعمة.

وقال العليان إن القوة الناعمة إيجابياتها كبيرة وعظيمة في المجتمع، وهي عكس القوة الصلبة التي ليست مجال اهتمام وزارة الإعلام، التي عادة ما تكون في الأزمات والتوترات والصراعات، مشيرًا إلى أن القوة الناعمة تعزز الوئام والسلام المجتمعي وتقوّي بنيانه، وتدعم جهود بناء الذات على أسس قويمة وراسخة ومفيدة، مع استقامة سلوكية  وفكرية واضحة.

وعبر العليان عن شكره وتقديره لإعلان معالي وزير الإعلام عن إطلاق هذين المشروعين، بما يمثلانه من إيجابيات للوطن وقوته الذاتية المتفاعلة.

برلمان مفتوح

من جهتها، وصفت الدكتورة بدرية الوهيبية رئيسة صالون المواطنة الثقافي ملتقى "معًا نتقدَّم" بأنه "برلمان عماني شبابي مفتوح"، مشيرة إلى أهميته لأنه يمثل ترجمة للتوجيهات السامية، ويسعى لفتح قنوات تواصل بين الحكومة والمجتمع، واستعراض الخطط الاستراتيجية والمبادرات والبرامج الوطنية في حوار شفاف وواضح بين المواطن والمسؤول. وأضافت الوهيبية أنه لتحقيق التواصل المجتمعي من أجل المشاركة الفعالة في بناء التنمية، جاء الملتقى بأدوات حديثة لتحقيق هذا التواصل؛ سواء بطرقة مباشرة مع مختلف فئات المجتمع في جلسات حوارية حملت طابع الشفافية  أم عن طريق المشاركة الافتراضية عبر وسائل التواصل الاجتماعية، وهو بذلك يحقق البرلمان العماني الشبابي المفتوح تحت رعاية صاحب السمو ذي يزن بن هيثم آل سعيد، مشيرة إلى أن الملتقى عقد هذا العام في حلة جديدة تركز على تلبية احتياجات الشباب؛ كونهم ثروة الوطن، إلى جانب المشاركة اللافتة لجميع فئات المجتمع ومنهم الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن.

وأوضحت الوهيبية أن هذا الملتقى أنموذج حواري تميزت به عُمان، عن باقي الدول، وقد حقق هذا الملتقى أهدافه قبل أن يُنهي جلساته من خلال مناقشة المختصين والمهتمين وعدد من كبير من الحضور، وطرح مقترحاتهم وآرائهم واهتماماتهم والتحديات التي يواجهوها  بشكل مباشر، مع كبار المسؤولين في الدولة. واعتبرت أن الملتقى مثل فرصة ثمينة لطرح الأفكار الابتكارية من قبل الشباب التي تسهم في دعم القرارات والسياسات الحكومية، مشيرة في هذا السياق إلى مبادرة "صناع الأفكار" والتي انطلقت ضمن محورين تعزيز الهوية الوطنية والانتماء وأدوات التواصل بين الحكومة والمجتمع. وقالت إن الملتقى ناقش العديد من الأفكار والأطروحات والمشروعات في جميع المجالات؛ سواء في المجالات التعليمية التي طرحت مشروعات عن جودة التعليم، وتحسين المباني الدراسية، وتعزيز كفاءة المعلمين، وتوظيف المختصين في المجالات التقنية لتواكب النقلة المعاصرة في مجال الثورة الصناعية الرابعة، والتقدم في مجالات الذكاء الاصطناعي. وزادت قائلة إن الملتقى شهد نقاشًا حول ملف العمل والابتكار، وإيجاد فرص عمل لأكثر من 35 ألف باحث عن عمل، مع الحديث عن تبني المشروعات الصغيرة والمتوسطة لدعم الباحثين عن عمل، إلى جانب النقاش حول أبرز المشروعات الصحية ومنها مركز الإخصاب.

وذكرت الوهيبية أن اليوم الثاني من الملتقى استهدف التركيز على محاور الثقافة والهوية العمانية والإعلام، والتي تعد من أهم ركائز القوة الناعمة؛ كونها تحمل التاريخ والقيم العمانية والثراث والتعليم والابتكار والصناعات الثقافية والإبداعية والفنون المختلفة والرياضة. وأشارت إلى تصريحات صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب والتي أكد فيها أن "المواطنة الصالحة نصب أعيننا"، وأن "سلطنة عمان متمسكة بعاداتها وتاريخها وثقافتها وتراثها دون أن يعني ذلك أننا غير منفتحين على العالم"، إذ أكد سموه أن عُمان كانت وما تزال منفتحة على العالم، وأنها تواصل مد يد العون والصداقة لما فيه مصلحة سلطنة عمان والإنسانية".

ولفتت الوهيبية إلى أنه في مجال الهوية العمانية والإعلام، ركزت النقاشات على المواطنة والهوية والتراث والثقافة الوطنية، في رسالة واضحة أن التقدم يجب ألّا يتعارض مع القيم والمبادئ العمانية الراسخة، والموروث الثقافي والحضاري لسلطنة عُمان؛ إذ إن السلطنة اهتمت بإحياء الموروث في قطاع السياحة، والاستفادة منه اقتصاديًا، خاصة وأن الشباب العماني أبدع في مجموعة من المشروعات التي ارتكزت على توظيف الموروث وإحيائه بطرق إبداعية رائعة، ابتداءً من المشروعات الإنتاجية مثل مشاغل الحلي والفضيات العمانية والصناعات الثقافية، مرورًا بتطوير المنازل القديمة وتحويلها إلى متاحف ومزارات.

وأكدت الوهيبية ضرورة التركيز على هذا الجانب من منطلق حماية التراث الثقافي الوطني والقيم والعادات والتقاليد، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، لما يتضمنه من توظيف للسياحة الثقافية، وإنتاج المبادرات والصناعات الثقافية والإبداعية وإضفاء الهوية الوطنية عليها وإكسابها قيمة مضافة وميزة تنافسية،

وأشادت الوهيبية بالكشف عن مشروعين استراتيجيين للقوة الناعمة يشملان «الثقافة والرياضة والإعلام والهوية» ومشروع تعظيم المكانة التاريخية والحضارية لسلطنة عمان ونقله للأجيال القادمة، وكذلك تطوير مختلف المؤسسات الإعلامية المحلية؛ لتواكب التقدم الإعلامي المعاصر عبر استخدام الأدوات الحديثة للإعلام بما في ذلك تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والاستثمار في المجال الإعلامي، حسب تأكيدات معالي وزير الإعلام.

تعليق عبر الفيس بوك