الباحثون عن عمل.. من يتولى أمرهم؟

 

عمير بن الماس العشيت **

aslashity4849@gmail.com

تحدَّث الكثير من المسؤولين عن ملف الباحثين عن عمل، كما ناقشت الكثير من الدراسات والأبحاث والندوات خطورة وآثار هذه الظاهرة، كذلك تم اصدار العديد من القرارات من وزارة العمل من أجل التعمين والاحلال لتخفيف تراكمات المخرجات التعليمية.

كل هذه المعطيات لم تُسفر عن نتائج واقعية ومنطقية وعادلة تبشر المواطنين بتحريك هذا الملف  على ارض الواقع، مع ان الوظائف متوفرة في البلاد، الّا ان المشكلة تكمن في إدارة التخطيط لهذا الملف وليس في نقص الوظائف، وذلك لما تشير له البيانات الصادرة من المركز الوطني للإحصاء والمعلومات للعام 2021، إلى أن "خمسة أنشطة اقتصادية في سلطنة عُمان تستحوذ على نسبة 74.3% من إجمالي عدد العاملين الوافدين في القطاعين الخاص والعائلي البالغ عددهم مليونًا و449 ألفًا و358 عاملًا، ويتصدرها قطاع التشييد الذي يضم ما نسبته 25.7% من أولئك العاملين.

هذه الأرقام ساهم فيها بعض رجال الاعمال وأصحاب الشركات وبعض الأفراد العمانيين الذين فتحوا هذا المجال وفضَلوا مصالحهم الشخصية على المصلحة العامة.

من هنا نسأل: من يتولى مسؤولية أمر الباحثين عن عمل في ظل هذه التحديات؟ ومن يتحمل المسؤولية الوطنية والأخلاقية والاجتماعية، عند فقدانهم للاستحقاقات التوظيفية والمستقبل والاسرة؟ البعض من الباحثين عن عمل تعدت أعمارهم 40 سنة، وقطار العمر يمضي معهم والوظائف، وحتى الآن لم يتوظفوا ولم يتزوجوا ولم يحققوا أي شيء في حياتهم، والأدهى والأمر من هذا وذاك، أنهم ما زالوا يأخذون مصروفاتهم اليومية من ذويهم أو من إخوانهم الموظفين وكأنهم أطفال مدارس. فما من منزل تقريبًا في البلاد إلّا وفيه باحث عن عمل، ينتظر فرصة التوظيف، حتى الذين يعملون في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والبرامج الوطنية مثل "مراكز سند" وغيرها، ومكاتب الطباعة وتأجير السيارات، صارت العمالة الوافدة تنافسهم بصورة مباشرة، مع أن أغلبها صدرت فيها قرارات بتعمين الوظائف. وفي الوقت نفسه نجد أن العمالة الوافدة غير القانونية ما زالت تُزاول أغلب هذه الأنشطة رغم حملات التفتيش. وهنا نأمل أن يسهم التعاون بين وزارة العمل ومؤسسة الامن والسلامة لتدشين وحدة التفتيش، أن ينعكس إيجابًا على توسيع الحملات التفتيشية على المنشآت المخالفة والأيدي العاملة غير القانونية، وتبسيط الإجراءات التي تسبق التفتيش، ولقد كان ذلك يشكل عائقا كبيرا في عمليات التفتيش والضبطية القانونية لدى الموظفين.

ومن المبادرات الوطنية المشرفة والمحفزة للأمل والتفاؤل، ما تقوم به بعض القطاعات الحكومية لتشغيل الشباب؛ وبهذه المناسبة نرفع لهم تحية اجلال واحترام وتقدير لمواقفهم الوطنية النبيلة، من بينها المؤسسات العسكرية والشرطية والأمنية وبالمناسبة ان معظم الموظفين الذين التحقوا في تلكم القطاعات يساهمون مع آبائهم في تقديم المصروف اليومي لإخوانهم الباحثين عن عمل، وكذلك مصروفات وطلبات وحاجات منازل أسرهم.

وتتمحور الحلول في العديد من المقترحات والتوصيات والتي من شأنها ان تخفف أعداد الباحثين عن عمل، من خلال تكثيف الجهود الحكومية لحل هذا الملف، كما يمكن صرف منفعة حماية اجتماعية للباحثين عن عمل، أيضا نقترح تذليل كافة الشروط المطلوبة والمانعة التي تعرقل الشباب الذين تجاوزا السن والوزن والطول المطلوبة للوظائف بسبب فترة سنوات الانتظار، فضلًا عن التركيز والضغط على الشركات والمصانع ووكالات السيارات والمنتجعات السياحية وغيرها التي تضم الآلاف من العمالة الوافدة في وظائف قيادية، خصوصا التي تعمل في مناصب تختلف عن مسمى المهنة في بطاقة الإقامة. وأخيرًا ضرورة اتباع سياسات العرض والطلب في استقدام العمالة الوافدة عند الضرورة.

** كاتب وباحث

تعليق عبر الفيس بوك