السودان.. الأرض الضائعة

 

‏راشد بن حميد الراشدي **

 

أتون حرب مشتعلة تدور رحاها في السودان الشقيق، مُهددة بضياع الأرض وضياع جميع أطر الحياة وجميع الأعراف الإنسانية، وبقي السودان أرضًا تنتشر فيها جثث ملقاة على قارعة الطرقات.

تصفية عرقية ممنهجة لكل من يرفع صوته أو يعترض بكلمة حق، فلقد حرقوا الأخضر واليابس وقتلوا النساء والأطفال والشيوخ وهجروا أصحاب مدن بأكملها من مدنهم وبيوتهم وقتلوا شبابهم بلا رحمة بل مثلوا بجثثهم. حرقوا البيوت والمساجد والمستشفيات والبنوك وكل ما كان يحمل أملاً نحو حياة سعيدة لهذا البلد الغالي العزيز حوله الغوغائيون المرتزقة إلى خراب.

زرعوا القلاقل والفتن وباتوا على طحن السودان في حقدهم وصفاتهم النتنة التي لا يرتكبها سوى فاجر مختل.

مئات الآلاف من النازحين يرزحون تحت حياة صعبة، فقدوا فيها أولادهم ومالهم وأرضهم وبيوتهم وفروا بأرواحهم إلى حيث رمى بهم القدر في مأساة إنسانية عربية أخرى مع صمت مُطبق من العالم بأكمله، فلا أمم متحدة تعرفهم، ولا جامعة عربية تدعمهم، ولا لجان حقوق إنسان؛ حيث يعرف الكثيرون بحال السودان وما يحدث فيه من سحق لكل سوداني شريف لا يحلم سوى بالعيش الكريم في بلاده ولكن العالم تركهم يواجهون مصيرهم المحتوم من قتلة وسفكة دماء.

غزة تستصرخ الجميع والسودان يستصرخ الجميع، فهل من مُغيث لوطنين عربيين تطاولت عليهما أيادي الظالمين العابثين قبل فوات الأوان وقد فات بآلاف من قتلوا وسحقوا في حروب غير متكافئة.

سقوط السودان هو سقوط معقل من معاقل العرب والمسلمين وسقوطنا في ديننا وأخلاقنا وإنسانيتنا وكل ما نعيشه اليوم هي خطط ممنهجة للقضاء على أقطار الإسلام وهدم قلاعه الباسلة بخبث التنفيذ الذي تقوم به مليشيات مأجورة قاتلها الله.

اليوم أناشد شرفاء الأمة أن يناصروا إخوانهم وأن تعود أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى رشدها وأدعو كذلك جميع الدول الشريفة لإنقاذ السودان وأهله، فقد بلغ السيل الزُبى، وبلغت القلوب الحناجر وصحائف التاريخ تكتب ولن ترحم في عدم إنقاذ أرواح العزل المدنيين التي أزهقتها فصائل الدمار والخراب في السودان الحبيب.

تبًا لمن تعمد هذه الحروب الممنهجة في وقت ضاعت فيه أمة الإسلام والعروبة في شهواتها وملذاتها مع انفجار شلالات الدم في أقطارها وليبقَ التاريخ شاهداً على وهن الأمة واستسلامها وانقيادها لحزب الشيطان فقد أهلكت السودان وطُمست وأصبحت أرضاً ضائعة، كما ضاعت فلسطين من عشرات السنين، فهل من مُنقذ وهل من مخرج نستفيق معه من سبات عميق وظلام دامس، فعساه قريب.

** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية